المعادلة التاريخية الجديدة في الصراع مع إسرائيل.. اليمن في قلب المحور

|| صحافة ||

أعاد قائدُ الثورة، السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي –حفظه الله-، للمرة الثانية التأكيدَ على أن اليمنَ جزءٌ من المعادلة التاريخية التي أعلنها سماحةُ أمين عام حزب الله، السيد حسن نصر الله، بأن التهديد على القدس يعني حرباً إقليمية.

وتقفزُ الكثيرُ من التساؤلات حول الإمْكَانيات والدور المحوري لليمن في هذه الحرب، ولماذا يكرّر السيد عبد الملك الحوثي تأكيده على الارتباط مع محور المقاومة في هذه المعادلة التاريخية؟ وما انعكاسات هذه التصريحات على الكيان الصهيوني وقوى الاستكبار العالمي، وما التأثير الذي سيضيفه اليمن في دخول هذه المعادلة؟

وبالتدقيق حول خطاب قائد الثورة الذي ألقاه في احتفالات الشعب اليمني بذكرى المولد النبوي، فَـإنَّه ينطلق من المواقف الثابتة لليمن تجاه قضايا الأُمَّــة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، حَيثُ نجد كُـلّ خطابات قائد الثورة لا تغفل الحديث عن فلسطين وقضية القدس العادلة، مع أن اليمن يعاني من جراح كبرى وآلام لا تنتهي جراء استمرار العدوان والحصار الأمريكي السعوديّ للعام السابع على التوالي.

ويرى الناشطُ السياسي والإعلامي عبد العزيز أبو طالب، أن قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي ركّز في خطابه التاريخي على مركَزية القضية الفلسطينية في ثقافتنا ووعينا واهتماماتنا كشعب يمني مسلم يستشعر المسؤولية تجاه أمته ووطنه وقضاياه.

ويضيف أبو طالب في تصريح لصحيفتنا: “وقد أطلق السيد القائد -يحفظُه الله- العديد من المبادرات لصالح الشعب الفلسطيني، سواء تلك المتعلقة بإطلاق سراح المعتقلين الفلسطينيين في السعوديّة أَو الوقوف إلى جانب أبناء غزة الذين تعرضوا لعدوان صهيوني في شهر رمضان الماضي، وما قدمه الشعب اليمني المحاصر من مساعدات لإخوانهم في فلسطين المحتلّة”، مُشيراً إلى أن السيد القائد أكّـد ما أعلنه سابقًا من أننا كشعب يمني جزءٌ من المعادلة التاريخية التي أعلنها سماحة الأمين العام لحزب الله اللبناني السيد حسن نصر الله -حفظه الله- في أن التهديد والخطر على القدس يعني “حرباً إقليمية”.

وبحسب أبو طالب، فَـإنَّ استعدادَ اليمن لخوض الحرب الإقليمية “نصرةً للقدس” يحمل عدة رسائل منها “الثبات على المبادئ، واستشعار المسؤولية تجاه قضايا الأُمَّــة مهما كانت التحديات والمخاطر ومهما كان حجم القوى الاستكبارية الواقفة وراء كيان العدوّ الصهيوني، مؤكّـداً أن قوة الموقف تثبت تحسن الوضع العسكري من حَيثُ القوة البشرية والإمْكَانات العسكرية وأن اليمن بقيادة قائد الثورة امتلك المبادرة في هذه الحرب العدوانية بعد أن كان العدوّ في البداية هو من يملك القرار.

ويعتقد أبو طالب أن الإفصاحَ عن الحرب الإقليمية يثبت عدم التأثر بالعدوان الذي شنه الأمريكي والصهيوني كعقاب للشعب اليمني على مواقفه المبدئية من القضية الفلسطينية، لافتاً إلى أن الإعلان عن الدخول في الحرب الإقليمية يوصل رسالة مفادها فشل العدوان في تحقيق أهدافه من كسر القوة والعزيمة والإرادَة اليمنية فها هم اليمنيون اليوم مستعدون لخوض معركة إقليمية غير آبهين بهذا العدوان الذي يريد إعاقة الشعب اليمني عن القيام بدوره الإيماني والإنساني في نُصرة الشعب الفلسطيني.

ويشير الباحث السياسي عبد العزيز أبو طالب إلى الى أن اهتمام اليمن بالقدس يوصل رسالة توحيدية ضمن محور المقاومة وأن انخراط اليمن في المحور يزيد من قوة المحور في مواجهة الهجمة الشرسة للمشروع الأمريكي الصهيوني، منوِّهًا إلى أن إعلان قائد الثورة عن الحرب الإقليمية يأتي وفاءً وعرفانًا لدول وكيانات المحور الذين وقفوا مع قضية الشعب اليمني في محنته المتمثلة في العدوان.

ويواصل أبو طالب: يمثل الموقف نظرة استراتيجية نحو الصراع القائم مع الكيان الصهيوني والمشروع الأمريكي، حَيثُ أن الوقوف مع المظلومية الفلسطينية هو الضمان لوقف المشروع الصهيوني، معتبرًا الموقف رسالة للأنظمة المطبعة والمنجرفة وراء تيار التطبيع الخياني مع العدوّ الصهيوني مفادها أننا ثابتون ولا نخافُ من العدوّ الذي يستغل ضعف الإيمان لديهم ليخوِّفَهم فينجرفون وراءه.

 

معركة إقليمية محسومة النتائج

ولعل المتابع لخطابات قائد الثورة السيد عبد الملك بن بدر الدين الحوثي -حفظه الله- يجد أنه لا يكاد أن يخلو خطاب من خطاباته من التطرق للقضية الفلسطينية، كقضية مركزية للأُمَّـة.

ويقول أُستاذ القانون الدولي، الدكتور حبيب الرميمة: إن الاهتمام بالقضية الفلسطينية يأتي انطلاقاً من استشعار واجب المسؤولية بمعناها الواسع، مؤكّـداً أن الوقوف مع القضية الفلسطينية يأتي كواجب إنساني وأخلاقي وقومي ووطني.

ويضيف الرميمة: “الاهتمام بالقضية الفلسطينية يأتي كامتداد للمشروع القرآني والمسيرة القرآنية؛ باعتبَار أن الصراع مع اليهود الذين انحرفوا عن منهج الله بعد ما حباهم الله من نِعَمٍ كثيرة وفضلهم، فأصبحوا بعنادهم وقتلهم الأنبياء وتحريفهم كلام الله وكمفسدين في الأرض يمثلون طريق الباطل ويشكلون خطراً على الإنسانية”، مُضيفاً “لذلك جعلهم الله في القرآن الكريم العدوّ الأول لعباده المؤمنين الذين ينشدون الحق والعدل للإنسانية”.

ويلفت الرميمة إلى أن الصراع الحتمي بين الحق والباطل حدّده الله تعالى في كتابه، في أوائل سورة الإسراء بشكل واضح وجلي ومحسوم كما تناوله السيد القائد في خطابه الأخير، موضحًا أن ما يميز نظرة المشروع القرآني في اليمن والمنطقة من خلال محور المقاومة الإسلامية، هو أن هذه المعركة مستمدة من تعليمات إلهية محسومة النتائج، بخلاف الرؤى الأُخرى التي كانت تنظر للقضية الفلسطينية من منظور أيديولوجي سياسي أَو قومي أَو عروبي والذي غالبًا ما انتهت إلى طريق مسدود في بعضها وانهزامية واستسلام في البعض الآخر منها.

ويشير الرميمة إلى أنه عندما يعلن قائد الثورة السيد عبد الملك دخول اليمن ضمن المعادلة الإقليمية بمحور المقاومة في المنطقة ضد العدوّ الصهيوني فهو بمثابة إعلان عن مسؤولية تكاملية مشتركة وواسعة محدّدة الأهداف والنتائج، معتبرًا ذلك إرعابًا وترهيبًا للصهيونية العالمية التي عمدت منذ عشرات السنين إلى حرف هذا الصراع عن مضمونه الحقيقي.

 

قدرات يمنية لضرب العمق السعوديّ

وعلى وَقْعِ خطاب قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي -حفظه الله- بذكرى المولد النبوي الشريف يرى المحلل العسكري زين العابدين عثمان، أن قائدَ الثورة أكّـد مجدداً على نقاط مفصلية كالتمسك الكامل بالقضية الفلسطينية كمحور رئيسي وموقف مبدئي والوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني وتوفير كُـلّ أشكال الدعم الذي لا يتوقف عند مستوى محدّد بل من “الريال إلى الرجال”، وهي تعد نقطه أشار إليها السيد القائد.

ويذكر عثمان في تصريح للمسيرة أن المعادلة التاريخية التي سماها سماحة السيد حسن نصر الله، وَالتي تتضمن أن أي تهديد على “القدس” يعني حربًا إقليمية” هي معادلة تحمل أبعاداً ومعطيات مهمة كونها وضعت هُــوِيَّة جديدة لقواعد المواجهة ضد الكيان الإسرائيلي وأن فلسطين لن تكون لوحدها في المواجهة القادمة.

ويؤكّـد عثمان أن من أبعاد المعادلة التاريخية هو أن أية حماقات للكيان الإسرائيلي تهدّد القدس هي حتماً ستفجر حرباً تتعدى الحدود والجغرافيا إلى مستوى حرب إقليمية وشرق أوسطية تتدخل فيها دول محور الممانعة بسقف عالٍ من أشكال الدعم والمواجهة العسكرية مع المقاومة الفلسطينية وحزب الله ضد كيان العدوّ الصهيوني، موضحًا أن اليمن جزء من المحور وسيكون على رأس هذا التدخل، فقد أكّـد السيد القائد في خطابه أن اليمن سيكون جزءاً من المعادلة ومن الحرب الإقليمية.

ويبيّن عثمان أن تأكيدَ اليمن ضمن المعادلة التاريخية هو تأكيد حقيقي وفعلي أتى من واقع الجهوزية الكاملة التي أصبحت عليها القوات المسلحة اليمنية لخوض أي سيناريو عسكري في مواجهة إسرائيل والمشاركة الفاعلة في كُـلّ العمليات المفترضة مع محور المقاومة جنباً إلى جنب والتي منها قصف وضرب العُمق الإسرائيلي، مؤكّـداً أن اليمن أصبح يمتلك من القدرات ما يخوله لضرب عمق إسرائيل عمليًّا وَبأسلحة استراتيجية ونوعية على رأسها الصواريخ البالستية وسلاح الجو المسيّر الذي يستطيع ضرب أي هدف على شعاع 2000 كم إلى 2500 كم وهو مدى يغطي كُـلَّ شبر في فلسطين المحتلة وما بعدها.

 

صحيفة المسيرة

قد يعجبك ايضا