رهاناتٌ خاسرة تجعل الإمارات أمام خيارين: إعلان الهزيمة وإمّا التكليف بما لا يُطاق !!
|| صحافة ||
تحاشت الإمارات الكثير من الأزمات التي عانتها شقيقتها السعودية منذ إعلان انسحابها وعودة جنودها من المشاركة الفعلية في العدوان على الشعب اليمني في 9 فبراير 2020م، والملاحظ أن ذلك الإعلان جاء بعد امتلاك صنعاء لقدرات عسكرية جوية لم تكن في الحسابات واستهدفت من خلالها مواقع خليجية خطيرة مثل بقيق وحقل الشيبة وخريص ومفاعل براكة النووي ومطار أبوظبي وغيرها .
وقد تحقق من خلال ذلك الإعلان والانسحاب الشكلي الهدف الذي رسمته دولة الإمارات والمتمثل في وقف الهجومات الصاروخية على مدنها ومنشآتها العسكرية والاقتصادية الحيوية خلال العامين المنصرمين ولم تسجل خلال هذه المدة أي هجوم صاروخي على الأراضي الإماراتية
في الوقت الذي شهدت فيه أهداف حيوية داخل المملكة السعودية كثيراً من الهجمات عطلت بعضها منشآت حيوية تشكل عصب حياة الاقتصاد السعودي والسياحة والمشاريع الإنمائية في مناطق مستهدفة بالإنماء وبرامج التطوير السياحي في جنوب المملكة ..
والمهم هنا أن التذاكي الإماراتي نجح في تحييد مشاريعه الحيوية والهامة، ومدنه، وهيبة أمنه الداخلي والإقليمي عن ردات الفعل الناقمة اليمنية!
ولكن في الحقيقة أن نجاح ذلك لم يكن نتيجة التذاكي السياسي الإماراتي بل كان نتيجة لتعقل الساسة اليمنيين وتوقعاتهم الصحيحة لنتائج الفعل وردات الفعل في حرب هم طرف مُعتدى عليه فيها ويعيشون تفاصيلها ويدققون في كل حدث من أحداثها للتعامل معه بما يضمن لهم الغلبة وتحقيق النصر مع الأخذ بكل الاعتبارات الميدانية ومواجهة الخصوم الميدانيين في كثير من المناطق المحتلة وكذلك البعد الإقليمي والدولي لهذه الحرب العبثية….
والتوفيق بين تحقيق الإنجازات الميدانية داخل المناطق المحتلة اليمنية بما فيها من حشود ومعسكرات مرتزقة محليين ممولة ومدعومة بما يفوق قدرة حكومة صنعاء عسكرياً وبين الأبعاد وأدوات الحرب العسكرية والسياسية والاقتصادية الدولية والإقليمية ليست بالعملية السهلة ويحتاج مثل هذا العمل إلى كثير وكثير من التدابير السياسية والعسكرية وبالأخص عاملَيْ الوقت والمراوغة اللذين يمثلان الجزء الأهم من الخطة والتدبير لمواجهة مثل هكذا حرب مركبة ومتشعبة من ناحية الأهداف والأعداء والوسائل والميادين والجبهات .
وقد أبدع اليمنيون في استغلال هذين العاملين وكسبوا كثيراً من الأوراق الرابحة محليةً وإقليميةً واستغلوا كثيراً مما ظنته دول العدوان تدابير تشكل بمجموعها عوامل هزيمة لجبهة الدفاع اليمنية المقاومة في الوقت الذي يتضح منها عكس توهمهم بل تأخذ منحى ومساراً خارج التوجيهات والإرادة الخليجية والأمريكية وتصبح ذات توجيه يمني لتحقيق ردات فعل عكسية لم تكن ضمن الحسابات العسكرية والسياسية لدول العدوان ومن خلالها يفرض اليمنيون واقعاً مختلفاً يضمن لهم نقاط تفوق وانتصارات على الصعيدين العسكري والسياسي .
وهناك نماذج كثيرة لما نحن بصدد الحديث عنه ؛ فقد غلب على التوجه الإعلامي خلال هذه الحرب القول ؛ أن الإمارات هي من تحرز نقاط تقدم وتأخذ نصيب الأسد من بين أعضاء تحالف العدوان بأقل كلفة ومع تحاشي الكثير من ردات الفعل اليمنية الناقمة المؤثرة على مسلكها الاقتصادي والعسكري داخل الإمارات وخارجها بعكس المملكة السعودية التي تبذل أكثر وتخسر أكثر ويُعاني اقتصادها من هزات وتعثرات من حين لآخر نتيجة للضربات العسكرية التي توجه لها من داخل اليمن بالإضافة إلى القلق الأمني وعدم الاستقرار الذي يعيشه شعبها ومنظومتها الحاكمة .
ولكن في الحقيقة أن هذا لا يعدو كونه ” صناعة رأي ” عمدت على توجيهه دويلة الإمارات من خلال منظومات ومنصات إعلاميه عربية ممولة بمبالغ طائلة ليبقي لها ما اعتادت تصديره لشعبها وشعوب المنطقة من أنماط وصور مُكبرة لحجمها المجهري الصغير .
لأنّ خلاف ” صناعة الرأي ” الذي اشتغلت عليه الإمارات يقول أن هذه الدولة قد جندت 18 الف جندي إماراتي ‘ قوات بريّة’ كذلك توجهت إلى تشكيل ثلاث وحدات خاصة بحرية قوامها 4000 جندي مع 100 قطعة بحرية حديثة كبيرة تفوق ميزانيتها العسكرية وتم شرائها خلال هذه الحرب بالإضافة إلى تجنيد ما يزيد على 200 الف مرتزق يمني وغيرهم من مرتزقة أجانب يتبعون شركات إسرائيلية وأمريكية وإسترالية وكولومبية بواسطة الجنرال المرتزق ” أبراهام غولان ” و ” أسحاق غيلمور ” و ” إيريك برينس ” و ” جنرال مايك أندمارش ” و ” جنرال ستيفين توماجان ” و” جيمس ماتيس وزير الدفاع الأمريكي السابق ” بمجموع 10 آلاف جندي في أقل التقديرات حسب مواقع ووكالات إخبارية من دول أمريكا الجنوبية وأفريقيا وأستراليا وإسرائيل والولايات المتحدة يتقاضون أكثر من خمسة مليار دولار شهرياً منذ العام 2015 م ! ولا شك أيضاً أن ما تتقاضاه مؤسسات الجيش الأمريكي الرسمي ووحداته البحرية العاملة في البحر العربي والبحر الأحمر وغرف العمليات المشتركة في الخليج تتقاضى ميزانية تفوق ما يتقاضاه الجيش الإماراتي وشركات المرتزقة الأجانب غير النظامية !
وهذه أرقام كبيرة جداً وخيالية ! بالنسبة لدويلة محدودة القدرات والإمكانات الجغرافية والديمغرافية والنفوذ والاقتدار العسكري والسياسي والاقتصادي وتعيش حالة قلق واضطراب وتجاذبات إقليمية ودولية تنازعها وجودها وحقها في البر والبحر واختلالات سياسية محلية تتمثل في صراع بين أمراء وعوائل ملكية نافذة متوزعة على إماراتها الصغيرة وكل منهم يدّعي أحقيته في القيادة والسيادة وتحديد المصير وهذه حقيقة واضحة وجلية وإن أبدعت القيادة الإماراتية في سدل أستار التكتيم والتكتم عليها وإخفائها على الرأي العام العربي بفعل الإنفاق المالي المهول.
بالإضافة إلى ما يُشكله هؤلاء المرتزقة الأجانب بهذا الحجم من مخاطر وتهديدات حتمية على أمن هذه الدولة الصغيرة واستقرارها وسلامة شعبها وقرارها وأراضيها مستقبلاً، إذ أنهم في الأخير مرتزقة ويبيعون خدماتهم الإجرامية مقابل المال بغض النظر عمّن يقدمه فليس بينهم وبين أحد نسب ولا قرابه !!
وفي مقابل هذا الكم الهائل من الخسائر والنفقات، وجود غير مُعتمِد على أيّة مقومات قابلة للثبات ولو عبر وسيط، وتموضع مؤقت لا تستطيع البقاء دقيقة واحدة بعد انقضاء أمده في بعض مناطق اليمن الجنوبية وانقضاء أمده يتمثل في مجرد التوجه والالتفات من قبل حكومة صنعاء إلى هذه المناطق واستعدادها لمواجهة مشروع ” وهم الانفصال ” والذي فرض عليها عدم مواجهته العسكرية المباشرة سببان رئيسيان:
أولهما: انشغالها بالدفاع عن أهداف استراتيجية تُمثل الغرض والمقصد الرئيسي لتحالف العدوان والأساس الذي تبتني عليه استراتيجيتها العسكرية للدفاع عن وجودها الحقيقي الذي يضمن ما دونه من أهداف ثانوية تتحقق لها بمجرد الثبات وكسر جماح العدوان والحيلولة دون الوصول لغايته الرئيسية والتي صب كل جهوده ووظف كل ما يستطيع من إمكانات وأدوات بغية تحقيقها منذ أول يوم لعدوانه على الشعب اليمني .
والثاني : هوان ووضاعة المشروع الانفصالي الذي تُراهن عليه الإمارات في تثبيت نفوذها في اليمن بحيث أن خطورته لا تبلغ إلى مستوى تضطر حكومة صنعاء في مواجهته إلى تخصيص الوقت والجهد والإمكانات حالياً، “فلا حاجة للأسنان بعقدةٍ تحلها الأصابع ” كما يقول المثل، ذلك لأن دعوات الانفصال ومشاريعه مرفوضة شعبياً على مستوى الشمال والجنوب ونجزم أنها أهون وأضعف المخاطر والتحديات التي تواجهها حكومة صنعاء والشعب اليمني كافة وعوامل اجتثاثها وسحقها متيسرة ولا تحتاج إلى كثير من العناء والعناية، خصوصاً اذا تم تبديد حُلم قادة دول العدوان في الوصول إلى غايتهم الرئيسية المتمثلة في إسقاط حكومة المجلس السياسي الأعلى ومشروعية ثورة 21 سبتمبر على الأرض التي تمثل وجودها الحقيقي وهو ما حصل ويحصل الآن فعلاً إذ لم يعد للدول الفاعلة والبارزة في تحالف العدوان – كالسعودية – أي أمل في هزيمة الشعب اليمني والوصول إلى عاصمته وإسقاط حكومته الشرعية بعد أن أصبح جُّل اهتمام وتركيز هذه الدول دفع التهديدات العسكرية عن عمق أراضيها والحفاظ على مكتسباتها الاقتصادية وأمن منشآتها الحيوية ومشاريعها وضمان استمرار واتصال خطوط مصالحها في المنطقة .
وبالتالي يتضح أن وجود الإمارات العسكري والسياسي ونفوذها في بعض مناطق جنوب اليمن شكلي وصوري إلى أبعد الحدود ! ينتهي بمجرد التوجه والالتفات إليه لأنه لم يعتمد على أية خيارات صحيحة من الخيارات التي تعتمد عليها الدول الطامحة في نفوذ خارج حدودها ! إنما اعتمد على حالة فراغ مؤقت بحسب تكتيك عسكري ضروري في منطقة محدودة لا تمثل أيّ دور يُعتد به في هزيمة الطرف الآخر، وفرص انتهازية لم يُحسب لعواقبها أي حساب معقول ولم يُؤخذ في الاعتبارات الاعتماد على أي عامل منطقي آخر غير انتهاز فرصة غياب عسكري مُدبر ومخطط له ضمن استراتيجية دفاعية مدروسة بشكل دقيق ومضبوط .
وربما يُعزى إعلان انسحابها الفعلي من الحرب على اليمن في 9 فبراير 2020م إلى شعور قادتها بحجم المخاطر التي تترتب على اعتمادهم في وجودهم جنوب اليمن على مشاريع مرفوضة من قبل حلفائهم الدوليين قبل أعدائهم وعلى حليف ميداني انفصالي لا يشكل أي رقم سياسي ولا عسكري ولا اجتماعي وحليف ميداني آخر ليس له أية حاضنة اجتماعية لا في الشمال ولا الجنوب، وأيضاً آخرون لا تجمعهم بالإمارات أية رابطة بل ولاؤهم مقسم بين قيادات دينية سعودية متطرفة وبين قيادات داعشية مطاردة وليس لها مُستقر آمن في المنطقة والقاسم المشترك بين هؤلاء المرتزقة هو نفض خزينة المال الإماراتية دون تحقيق أي هدف يخصها !!
العجيب في الأمر إن الإماراتيين راهنوا كثيراً على ذلك الإعلان ‘ الشكلي’ وتوهموا أنهم قد تجاوزوا محنة استهداف الصواريخ اليمنية المباشرة لأراضيهم خصوصاً وقد منحتهم القيادة اليمنية الدعم وتركتهم يعيشون هذا الوهم في الوقت الذي جهدت فيه في استغلال هذه الفرصة فيما يعزز وجودها وحضورها في الجبهات التي تشكل خطراً حقيقياً على أمنها .
وكسب الرأي العام المحلي وتعزيز ثقة المجتمع بها من خلال تحويل ذلك الإعلان إلى انتصار فعلي على جزء مهم وفاعل في هذا التحالف العدواني كما أن حلفاء الإمارات ومرتزقتها المحليين برغم ما كانوا يمتعون به من ضعف شعروا بخيبة الأمل أكثر بعد ذلك الإعلان وعمدوا إلى توقيف أكثر الجبهات العسكرية التي افتعلوها لمواجهة الجيش واللجان الشعبية مما أتاح لصنعاء فرصة كسب المعركة في جبهات أكثر خطورة واستعادة الكثير من المناطق المحتلة شرقاً وشمالاً .
ومن الواضح جداً أن الإماراتيين لم ينزعوا يدهم نهائياً من المناطق التي تواجدوا فيها بل استمروا في ممارسة بعض التصرفات التي ظنوا أنها تجري بمعزل عن الملاحظة والرصد اليمني مثل التمويل المهول لألوية المرتزقة أيضاً الغارات التي كانوا يشنونها لأهداف خاطفة ومحددة من قواعد جوية متنقلة ليست ضمن القواعد والمطارات الجوية المكشوفة والمرصودة بالإضافة إلى جمع معلومات استخباراتية استعانت من أجل الحصول عليها بشركات أجنبية أبرزها الشركة البريطانية (أس سي أل) ‘لكامبريدج أناليتيكا’ وشركات أخرى فرنسية وبريطانية مختصة ‘باستخبارات الجغرافيا المكانية ‘ لرصد كل ما يتعلق بالمنظومات الجوية والصاروخية اليمنية وقد حصلت حكومة صنعاء على معلومات خطيرة حول تحركات هذه الشركات من خلال اصطياد عناصر استخبارات ميدانية مرتبطة بهذه الجهات في العاصمة صنعاء ومناطق أخرى اعترفوا بتعاملهم المخابراتي مع شخصيات إماراتية تنشط تحت غطاء العمل الإنساني والإغاثي منهم محمد بن ميهر الطنيجي وسعيد بن خميس الكعبي اللذان يعملان بدورهما لصالح شركة عسكرية ومخابراتية تابعة لأسرة آل الكعبي ” إنترناشونال غولدن غروب ” و ‘ تراست إنترناشونال قروب ‘ ولا شك أن المعلومات التي أعلن عنها ناطق تحالف العدوان مؤخراً اعتماداً على صور منسوخة من أفلام سينما أمريكية تأتي ضمن الاختراق الكبير لحكومة صنعاء لهذه المنظومة الاستخباراتية بعد أن كشفت أبرز خيوطها وتتبعت أهم تفاصيلها وهذا أنجاز عظيم يُحسب لها ويضاف لرصيد كبير من الانتصارات العسكرية والأمنية منذ بداية العدوان …
وبرغم هذه الجهود التي بذلتها الإمارات أملاً في تحقيق إنجاز ولو يسير مع تحاشي ردات الفعل الناقمة وجدت نفسها اليوم فجأة أمام عاصفة الصواريخ اليمنية التي أحرقت منشآت حيوية هي الأهم في دبي والعاصمة أبوظبي بتوقيت خطير خارج توقعات القادة الإماراتيون بعد دعوات كثيرة من قبل اليمنيين لدول التحالف بشكل عام لإنهاء حصارها ورفع يدها عن الشأن اليمني وإيقاف الغارات والحرب الظالمة.
ويأتي هذا الهجوم المشروع بعد تصعيداً عسكرياً في عدة جبهات بداية من محافظة البيضاء ومحافظة الجوف ‘ منطقة اليتمة الحدودية ‘
وكلتا المنطقتين التي شهدت تصعيد عسكري من قبل الجيش واللجان الشعبية وتم استعادتها هي في الحقيقة آخر معاقل لمقاتلي القاعدة وأنصار الشريعة والتنظيمات السلفية الإرهابية، إذ أن اليتمة كانت مرتعاً لأولئك الفارين من منطقة دماج في صعدة وأغلب القيادات السلفية الإرهابية قُتل في هذه المنطقة بالإضافة إلى أنها حظيت بدعم وتمويل سعودي خاص وأنشأت فيها المملكة منطقة عسكرية خاصة مفصولة تماماً عن وزارة دفاع المقدشي وهادي وضمتها إلى قيادة المنطقة الجنوبية السعودية ‘ قيادة قوة نجران’ وحاولت هذه القوات جاهدة في أكثر من عملية عسكرية استعادة المنطقة إلا أنها فشلت، وأيضاً تحرك قوات العمالقة التي تحتضن الكثير من عناصر السلفية المتطرفة تجاه محافظة شبوة بتغطية جوية غير مسبوقة لا شك أن للإمارات دوراً كبيراً فيها .
وإلى جهة البحر من ناحية محافظة الحديدة يعترض الجيش اليمني سفينة روابي الإماراتية المحملة بالمعدات العسكرية الثمينة !
في خطوة جريئة من الإمارات لإعلان عودتها إلى الحرب المباشرة من جديد مع أمل نقض اتفاق ستوكهولم بشأن الحديدة ورفع ما تتصوره حماية أممية عن موانئها بحسب الاتفاق الذي أشرفت علية الأمم المتحدة !
وهذه ورقة وخسرتها الإمارات أيضاً، إذ أنها لم تجد التفاعل المطلوب من قبل الأمم المتحدة إلى حد الآن مع أن الأمل مازال يحدوهم لاستهداف مواني الحديدة التي تشكل الرمق الأخير لأسواق واقتصاد الشعب اليمني ! ويريدون ذلك يتم بمباركة الأمم المتحدة بذريعة اختطاف سفينة روابي التي ادعت أنها تعمل في المجال الإغاثي وفي مهمة إنسانية خالصة برغم وضوح ما تحمله من سلاح ووسائل حرب عسكرية !
لتجد الإمارات نفسها أمام رهان خاسر جديد؛ فلا روابي عادت بما تحمله من معدات ولا تستطيع أن تتحرك تجاه الحديدة وموانئها ولا غيرها من المناطق طالما أتقن اليمنيون فن توازن الردع وجعلوا من دبي وأبوظبي وكل الأراضي الإماراتية هدفاً مشروعاً مقابل تحركاتها المريبة .
والمهم في هذا السياق أن استهداف الإمارات جاء في أفضل توقيت خصوصاً بعد أن تم استدراج الإمارات إلى حيث لا تستطيع أن تمارس ألاعيبها ومراوغاتها مرة أخرى ولن تجرؤ على الرهان على أي ورقة تتوهمها عامل إنجاز يرفع من رصيد فشلها السياسي والعسكري في هذه الحرب منذ إعلانها،
فإما أن تُعلن إنهاء حربها بشكل تام وترفع يدها عن الشأن اليمني ودعمها لمجاميع الارتزاق والتطرف وتجنح لسلام يضمن لها سلامة الولد والبلد وإما تُغامر في أتون حرب مباشرة ومفتوحة تُحيل مدنها الاقتصادية إلى دخان ولهب، وهذا ما لا تستطيع احتماله إطلاقاً ولن تطيقه، خصوصاً بعد أن ثبت أن كل المعلومات التي وافتهم بها جهات المخابرات التي اعتمدوا عليها محض سراب ووهم ليس إلّا ، وأن ميناء الحديدة ليس مصدراً لصناعة وتخزين الصواريخ اليمنية، يمكن إفراغ يد اليمنيين من هذا السلاح الذي يشكل هاجس رعب بضربة طيران واحدة ليسهل بعدها التنطع وممارسة الضغوط على الشعب اليمني للاستسلام دون أي حراك أو مقاومة مزعجة.
صحيفة الثورة /تحليل / محمد بن دريب الشريف