الغزو الثقافي وتأثيره على المسؤوليات الدينية والوطنية
موقع أنصار الله || مقالات ||مطهر يحيى شرف الدين
يواجه المجتمعُ الإسلامي حرباً إعلاميةً وثقافيةً من قبل الأنظمة الغربية والمنظمات الدولية التي تسعى نحوَ إفسادِ القيم والأخلاق والفضيلة وتبديل القيم الإيمانية بقيم ضالة فاسدة، ويعتبر الصد عن سبيل الله والخروج عن طاعة الله وعن أحكامه ومخالفة أوامره أهم أهداف الثقافات الغربية الهابطة التي تسعى إلى الحط من كرامة الإنسان المسلم واستضعافه وإذلاله وكسر شوكة المسلمين عُمُـومًا وذلك بإشعال الفتن والصراعات وتعزيز المتناقضات والمكونات وإضلال الناس والترويج لقوى الاستكبار على أنها القوة العظمى التي لا تقهر والاستخفاف بالأمَّة الإسلامية وزرع حالة اليأس بين أبنائها،
المشهد اليوم يشبه إلى حَــدّ كبير قصة فرعون واستكباره وعلوه وإفساده في الأرض وكأن التاريخ يعيد نفسه في معرض الأحداث العالمية يقول سبحانه في كتابه العزيز: “إنَّ فِرْعَوْنَ عَلا في الأرْضِ وجَعَلَ أهْلَها شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طائِفَةً مِنهم يُذَبِّحُ أبْناءَهم ويَسْتَحْيِي نِساءَهم إنَّهُ كانَ مِنَ المُفْسِدِينَ”.
وإزاء ذلك تمارس أمريكا وهي تمثل محور الشر والطغيان على هذه الأرض عبر عملائها من الأنظمة الغربية والعربية سياسة إعلامية دعائية تستعرض وتروج لقدراتها وإمْكَانياتها بتكبير حجمها على كُـلّ المستويات والإيحاء بأنها قوية وشديدة لا تهزم ولا تقهر، كما تنهج سياسة الترويج بأن المسلمين أُمَّـة يسودها الضعف والتفرق وَالذل لتحقيق حالة اليأس والخذلان وَكسر الإرادَة والروح المعنوية لدى أبنائها، الأمر الذي يجعل من أبناء المجتمع العربي المسلم مفتقدين للشعور بالهُــوِيَّة الإيمانية بقيمها ومبادئها وأَسَاسها المبني بالعزة والكرامة والسيادة التي أرادها الله سبحانه لعباده المؤمنين.
كما تمارس قوى الطاغوت والاستكبار حرباً صامتةً هادئة مستهدفةً بذلك الولاء الديني والوطني لأبناء الأُمَّــة باستخدام وسائل وأساليب شيطانية عن طريق الترويج للنموذج الغربي وجعله أسوة ومثالاً لبقية الشعوب وترميز أهل الزيف والباطل وصرف الأنظار عن النماذج الإسلامية المشرِفة في اغتيالٍ واضح لسيرة وسلوك ومواقف الشخصيات والأعلام من لهم بصمات محفورة في الذاكرة الإسلامية.
إضافة إلى ذلك ما تقوم به قوى الطغيان من تمثيل لدور المصلح وَتدخلاتها في الشؤون والقضايا الثانوية الداخلية للدول العربية وإثارتها وإيلائها الاهتمام الكبير وصرف الأنظار عن القضايا المصيرية للأُمَّـة الإسلامية بعدم التفكير في أي شيء يمس بالمسائل المتعلقة بالنفوذ والهيمنة الغربية على الدول العربية وشعوبها مما يجعلها فاقدةً للوعي والبصيرة بخطورة المؤامرات والمخطّطات الصهيوأمريكية وَدون أن تشعر بالتهديد الذي يمس الانتماء للأُمَّـة الإسلامية وَللهُــوِيَّة الإيمانية والولاء للدين والوطن وُصُـولاً إلى عدم الشعور بالمسؤوليات والواجبات الدينية والوطنية ودون اتِّخاذ موقف ورؤية نحو توحيد الأُمَّــة تحت رايةٍ واحدة، إذ ينعدم استقلال القرار وتختفي مظاهر السيادة وتُفتقد عزة وكرامة الشعوب ويتم التسويق لحرية أفراد الأسرة والمجتمع وتخليهم عن القيم الإيمانية والأخلاقية وحقهم في الخروج عن الضوابط الشرعية والواجبات الدينية
ولا يخفى على كُـلّ ذي بصيرة أن المجتمعَ الإسلامي اليوم يساهمُ أَيْـضاً بدوره في تدمير قيمِه ومبادئه وهُــوِيَّته وذلك بالضرب على وتر حُبِّ الاطلاع وانسياقه وانزلاقه نحو الشبهات وعلى سبيل المثال القبول الطبيعي لكل تلك المؤثرات والسماح للأمزجة بالتكيف مع تلك الأفكار والثقافات الباطلة وعدم استشعار المسؤولية الأخلاقية وَعدم قناعة وإيمان السواد الأعظم بوجود غزوٍ ثقافي والتساهل في اتِّخاذ مواقف من السياسات المناهضة للفكر الإسلامي الصحيح وَالسلوكيات الماسخة والأفكار والمفاهيم الهدامة.
ولذلك ومواجهةً للغزو ولتلك الثقافات ومن أجل الحفاظ على الدين وحماية الأوطان والهُــوِيَّة والتمسك بالواجبات والمسؤوليات ولكي لا تتأثر المشاعر والقلوب تبعاً لتأثر العقول والأفكار لا بد من إدراك خطورة المؤامرات والمخطّطات الغربية وتوظيف المنهج والمسيرة القرآنية والنخب المثقفة وكلّ ما لدى أبناء المجتمع المسلم من وسائل إعلامية مجتمعية في سبيل الحفاظ على القيم والمبادئ والثوابت واستلهامها من القرآن الكريم الذي يحث على طاعة الله ورسوله والمؤمنين واتِّخاذهم أولياء من دون الكافرين والمنافقين ووجوب الاستقامة وتزكية النفوس ومناهضة كُـلّ أشكال ووسائل وأساليب الغزو العسكري وَالثقافي الغربي الدخيل بالجهاد والوعي والبصيرة وترسيخ ثقافة الولاء والانتماء.