الكيانات الوظيفية المطبّعة… من النشأة الطارئة إلى الأدوار المشبوهة
موقع أنصار الله || مقالات || إبراهيم محمد الهمداني
يمكن القول إن الطفرة النفطية، قد عززت قناعة المستعمر البريطاني، بضرورة إنشاء كينتونات سلطوية ملكية، على ضفاف الخليج، وفي عمق الجزيرة العربية، تحمل رؤيته الإمبريالية، وتكون أداته في تنفيذ مشروعه الاستعماري، الذي يعد تمكين الكيان الصهيوني، على رأس أولوياته، وقد تم إعداد ممالك الرمال خصيصاً، لهذا الغرض، من خلال صيغة الحكم الفردي، التي تلغي دور الشعب، لأنه ملكية خاصة، وكذلك اختيار الحكام، على مستوى الأسر الأكثر عمالة، والأفراد الأكثر استجابة وتبعية، وتقبلاً للتماهي مع سياسات وتوجيهات المندوب السامي البريطاني.
تعد دولة الإمارات العربية المتحدة، أبرز تلك النماذج، لما يمكن أن نسميه «الإمبريالي الصغير »، المتشرّب للنهج الاستعماري البريطاني نصّاً وروحاً، الأمر الذي جعل دولة الإمارات، ربيبة التاج البريطاني الأولى، وطفلته المدللة في المنطقة والعالم، وهو ما مكنّهَا من لعب أهم وأخطر الأدوار- في مسرح السياسة العربية والعالمية- وبسط أذرعها الأخطبوطية الاستعمارية بصمته، مغلفة بمسميات الإنسانية، ودعم الفقراء والمحتاجين، ومشاريع الإغاثة العاجلة، وجمعيات البر والإحسان الخيرية المجتمعية، محققة بذلك أعظم وأكبر وأخطر اختراق فكري وثقافي وديني، في قلب المجتمع العربي الإسلامي، وإذا كانت الشقيقة الكبرى – السعودية – قد حملت على عاتقها – بإيعاز من بريطانيا – تشويه الدين الإسلامي، وتحريف العقيدة الإسلامية، ومسخ المجتمعات الإسلامية بمحتوى ديني مزيف، يمثل دين وعقيدة محمد بن عبد الوهاب النجدي المتطرف، ولا يمت إلى دين محمد بن عبدالله- صلوات الله عليه وعلى آله – بأي صلة، فإن – الإمارات – طفلة التاج البريطاني المدللة، قد تكفلت بمهام كثيرة، لعل أهمها الاختراق الاقتصادي، سواء من حيث إشاعة التعامل بالربا وتجارة المحرمات، وإدخال الأموال الحرام إلى كل بيت وإلى كل بطن، إمعاناً في إنبات اللحم الحرام، على أوسع نطاق، أو من حيث الاستيلاء على ثروات الشعوب وسرقتها، أو الهيمنة على مقوماتها الاقتصادية وتدميرها، كما هو الحال بأنشطة (شركة مواني دبي العالمية)، التي تقوم باستئجار أهم الموانئ الواقعة على طريق الملاحة العالمية، ثم نقوم بتشغيلها جزئياًّ، لأغراض عسكرية، أو تجميدها وتدميرها، بحيث تصبح خارج نطاق الجاهزية، كما هو الحال في ميناء عدن، وغيرها من الموانئ اليمنية والإقليمية، والمتتبع لخارطة الموانئ المستعمرة إماراتياً،يجد أنها تشكل معظم طريق الحرير البحري، الذي يعد جزءاً لا يتجزأ من مشروع طريق الحرير العام، الذي أعلنت عنه دول “البريكس” بزعامة الصين.
ومثلما اختارت دويلة الإمارات – لخدمة المستعمر- استراتيجية الاختراق الاقتصادي، اختارت دويلة أخرى من أخواتها، استراتيجية الاختراق الثقافي، واختارت رابعة الاختراق الإعلامي وصناعة الرأي العام، وتعهدت خامسة بمشاريع الشذوذ والحرب الناعمة، وكلها في سياق خدمة المشروع الإمبريالي في المنطقة، متخذة من السلام والتعاون والإخاء، أقنعة تتخفى خلفها، وفي هذا السياق، يتصدر الكيان الوظيفي الإماراتي، قائمة منتهجي سياسة الحياد، والعلاقات الثنائية الودية، وتصغيرالمشاكل وتجنبها، بمختلف الوسائل والسبل، حتى وإن تعلق الأمر بمسألة السيادة المزعومة، ولكن ما إن استدعت المصالح الاستعمارية، خلع قناع السلام، سارعت تلك الكيانات الوظيفية وعلى رأسها السعودية والإمارات، إلى التكشير عن أنيابها، في تحالفها الإجرامي وعدوانها الوحشي على الشعب اليمني، بحجة محاربة إيران في اليمن، رغم أن جزر طنب – الثلاث – أقرب لمحاربة إيران، من التوغل في مستنقعات الدم اليمني.
طالما حذر السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي – حفظه الله – دول العدوان عامة، ودويلة الإمارات خاصة، من مغبة التورط في العدوان على اليمن، نيابة على القوى الاستعمارية، مؤكداً أن الاقتصاد الإماراتي، لن يتحمل استهداف البالستيات اليمنية، وبعد أن تأكد ذلك، باستهداف العمق الإماراتي، سارعت الإمارات إلى إعلان تجميد مشاركتها في العدوان على اليمن عام 2019م، وهو مالم تثبته الأحداث على الواقع، غير أن القوة الصاروخية، قد وفّت بوعدها تجنيب الإمارات مزيداً من الضربات الباليستية، متغاظية عن الانتهاكات المتكررة من قبل عملاء الإمارات، حيث كانت تسارع الأخيرة إلى إرسال رسائل ديبلوماسية، عبر وسطاء، بأنها مازالت ملتزمة بالاتفاق، وترفض تلك الخروقات من عملائها.
إن المهام المتنوعة، التي تقاسمت تنفيذها تلك الكيانات الوظيفية، لم تكن إلّا الجزء الظاهر من رأس جبل الجليد، وكانت كلها تصب في خانة الهدف الأساس والمحوري، وتحقيق الدور المستقبلي لتلك الكيانات، متمثلاً في تبني ورعاية المشروع الصهيوني الإمبريالي العالمي، وإعادة رسم الخارطة السياسية للمنطقة العربية، وفق مفهوم الشرق الأوسط الكبير، الذي يمنح الكيان الصهيوني الغاصب،
دور سيادة المشهد السياسي، وقيادة شعوب المنطقة سياسياً وثقافياً، بما يخدم مشروع الهيمنة الصهيونية، ويحقق حالة الصهينة الجمعية العالمية.
فإلى أي مدى ستصل الكيانات الوظيفية المطبعة، في خدمة وإنجاح مشروع الصهينة العالمي؟!