المشروع القرآني للشهيد القائد.. رؤيةٌ نهضوية ومشروعٌ عالمي شامل
|| صحافة ||
حدّد المشروعُ القرآني للشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي مساراتٍ واضحةً للنهضة بالأُمَّةِ وإنقاذها من الأفكار الخاطئة والعقائد الباطلة، ووضع أُسُساً حكيمة على ضوء القرآن الكريم؛ لتفعيل الجانب العملي على مختلف المجالات.
ويعتبر المشروع القرآني واسع الأفق وعالمي النظرة، ورؤيته وخلفيته الثقافية الشيء الأَسَاسي فيه؛ لذلك نجد هذا المشروع يتوافق مع من وصفهم الرسول -صلوات الله عليه وعلى آله- بأهل الإيمَـان والحكمة، وقد التفوا حول هذا المشروع العظيم؛ كونه يتلاءم مع فطرتهم وهُــوِيَّتهم الإيمَـانية.
لقد استطاع الشهيد القائد أن يقدم قراءة شاملة نموذجية للواقع من خلال المشروع القرآني كمنهج للحياة ينهض بالأمة، ويعيد بناءها ويحصّنها ضد الأخطار المحدقة بها ويستعيد رؤيتها لذاتها وللآخر ويستنهضها لمسئولياتها ليس في مواجهة عدوها وحسب بل ولدورها الرسالي والحضاري الحقيقي والمُغيَّب في هذه الحياة.
لقد جاء هذا المشروعُ في مرحلة من أخطر المراحل في حلقات مسلسل المؤامرات الأمريكية الإسرائيلية للسيطرة الشاملة على المنطقة وفق خطوات منظمة ومدروسة، وكانت المرحلة التي هي من أخطر المراحل، حَيثُ توجّـهت أمريكا بكل ثقلها وقدراتها وإمْكَاناتها على نحو غير مسبوق، وتحَرّكت في كُـلّ الاتّجاهات لاحتلال المنطقة العربية تحت هذا الغطاء.
كل ذلك جعل الشهيد القائد يسارع في تقديم المشروع القرآني للأُمَّـة، حَيثُ كانت المرحلة تقتضي وجود مثل هذا الدور، فالمشروع كان نتاج استشعار المسؤولية والانتماء الإيمَـاني للأُمَّـة، الذي لا يسمح بالسكوت تجاه الخطر الكبير والشر المحدق بالأمة والفساد والمنكر الذي يجعلها تخسر كُـلَّ شيء: حريتَها، واستقلالَها وأمنَها.
ويرى العلماء والثقافيون أن وجود المشروع القرآني في هذه المرحلة من أهم أسباب صمود الشعب اليمني طيلة هذه الفترة أمام العدوان الأمريكي السعوديّ الإماراتي ومؤامراته التدميرية ومخطّطاته الصهيونية.
مشروعٌ نهضوي
ويؤكّـد الناشط الثقافي الأُستاذ يحيى قاسم أبو عواضة أن ما حصل عليه شعبنا اليمني من الإنجازات والانتصارات على كُـلّ المستويات ومواقفه المشرفة من قضايا الأُمَّــة بكلها وفي المقدمة القضية الفلسطينية كثمرة من العمل بالمشروع القرآني الذي قدمه الشهيد القائد.
ويقول: إن الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي –رِضْـوَانُ اللهِ عَلَيْهِ- قدّم القرآن الكريم في واقع العمل وأنه لم يقدم المشروعَ القرآني بعيدًا عن الواقع العملي أَو كرؤية يصيغها ويكتبها ويطبعها ثم يرسلها إلى المكاتب لتبقى هناك حبيسةَ الأدراج وتُباعُ للتداول المحدود ثم يذهب ليستريحَ ويسترخيَ ويتنصّلَ عن المسؤولية، لا، مُشيراً إلى أن هناك الكثير من الكتّاب وَالمنظّرين قد يُنَظِّر رؤيةً معينة ويقدم فكرةً معينةً يكتُبُها ويطبعها أَو يلقيها ويقدمها، وينتهي الأمر عند هذا الحد، أما الشهيد القائد فلا، بل قدم هذا المشروع القرآني إلى الواقع، وتحَرّك به كمشروعٍ عملي أحدث به تأثيراً وتغييراً وزلزل به واقعاً، غيّر بالقرآن الكريم تغييراً كَبيراً بدءاً من التغيير الثقافي، من التغيير في واقع النفوس، متبعاً أنه تحَرّك به وبنى به أُمَّـةً تحَرّكت على أَسَاسه، وهذا المشروعُ القرآني العظيم الذي تحَرّك به وقدَّمه للأُمَّـة في مقام العمل في مقام الموقف في الميدان في الساحة.
ويضيف أن الطريقةَ التي سلكها الشهيدُ القائدُ هي أن يؤسِّسُ للعودة إلى القرآن الكريم ليكون فوقَ كُـلّ ثقافة فوق كُـلّ فكر فوق كُـلّ رمز، وعمليًّا نقد الأشياءَ الكثيرة حتى على مستوى المذهب الذي ينتمي إليه أي شيء يخالف القرآن الكريم، أسّس لأن يكون محل نقد، أي شيء يخالف النص القرآني، وأن نعلّم الآخرين كيف يتعاملون مع القرآن الكريم على هذا الأَسَاس ليجعلوا القرآن الكريم حاكماً على ما بين أيديهم من ثقافة وفكر وأسس، متبعاً أن المشروع القرآني مشروع نهضوي يبني الأُمَّــة لتكون في مستوى مواجهة الاخطار والتحديات ويترتب عليه التحَرّك إلى الأعلى من حالة الصمت إلى الموقف ومن القعود إلى القيام والى التحَرّك وتقديم المقومات اللازمة للنهضة بالأمة وانتشالها من واقع الوهن والضعف والعجز والتخلف.
ويقول أبو عواضة أن من أهم السمات للمشروع أنه تصحيحي، مُشيراً إلى أن في معظم الدروس والمحاضرات التي قدمها الشهيد القائد -رِضْـوَانُ اللهِ عَلَيْهِ- تناول الكثيرَ من المفاهيم المغلوطة سواءً منها ما كان سائداً في داخل الطائفة الزيدية أَو خارج طائفته بشكلٍ عام، مبينًا أنه ليس نقداً لمُجَـرّد النقد وليس من باب التهجّم أبداً ولا الاحتقار أبداً ولا لهدف الإساءة إنما لهدف التغيير لهدفِ تصحيح الواقع لهدف إصلاح الوضع السيئ الذي هو سيء -كما قلنا- بالإجماع ووصلت إليه الأُمَّــة.
ويشير إلى أنه مشروعٌ تنويري يقدم وعياً ويصنع وعياً عاليًا وبصائرَ تجاه الواقع والمسئولية والأحداث والمتغيرات، وأنه أَيْـضاً مشروعٌ أخلاقيٌّ وقيمي مشروع أخلاق وقيم يهدفُ إلى إعادة الأُمَّــة من جديد إلى قيمها وأخلاقها القرآنية، مُضيفاً أنه مشروع واقعي، من حَيثُ أنه يلامس الواقع ويقدّر الواقع يرسم، معالم واقعية يمكن للأُمَّـة أن تتحَرّك فيها من نفس الظرف الذي هي فيه ويرتقي بها إلى الأعلى خطوةً خطوة ودرجةً درجة وهكذا.
كما أن من إنجازات المشروع القرآني الذي قدمه الشهيد القائد هو تأصيلُ الهُــوِيَّة الجامعة وهي الهُــوِيَّة الإسلامية، في مواجهة مساعي طمسها وإبراز الهُــوِيَّات الجزئية الطائفية منها والسياسية والجغرافية.
ويؤكّـد أبو عواضة أن كُـلَّ هذا المميزات جعلت المشروع القرآني يتجاوز الحدود الجغرافية لبلدنا اليمن ليكون محطَّ أمل لكل مستضعفي أمتنا الإسلامية ولكل مستضعفي العالم.
جدوائية المشروع
لقد أثبت المشروع القرآني، منذ انطلاقته جدوائيته ونجاحه، بالرغم من كُـلّ ما واجهه من تحديات، ورغم أنه تحَرّك بالإمْكَانات المتواضعة والمتوفرة للذين ينطلقون في إطاره.
ويوضح نائب رئيس هيئة الأوقاف والإرشاد، فواد ناجي، أن سِرَّ استمرارية مشروع الشهيد القائد هو امتدادُه من الله سبحانَه وتعالى، فهو من القرآن الكريم الذي مكتوب له البقاء والاستمرارية والغلبة، مُشيراً إلى قول الله تعالى (وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ) وقوله (لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ).
ويضيف أن المشروع يحمل في طياته أُسُسَ البقاءِ؛ كونه مستمدًّا من توجيهات الله سبحانه وتعالى، بالإضافة إلى أنه يحملُ عناصرَ القوة التي هي القيادة الحكيمة والمنهج المستمد من الله والأمة.
ويرى أن سِرَّ التفات اليمنيين حول هذا المشروع هو صوابيته وجدوائيته واتّفاقه مع ما وصفهم به الرسول بأنهم أهل الإيمَـان والحكمة، مُشيراً إلى أن هذه الملامح تتشكل بهذه المسيرة القرآنية التي جاءت لتعيد للشعب هُــوِيَّته ودورهم في نصرة الإسلام والدفاع عن الدين كما كان أجدادنا من الأوس والخزرج.
ويقول ناجي: إن اتساع نطاق المشروع القرآني إلى الخارج؛ لأَنَّه مشروع عالمي مشروع الإسلام وهذه المسيرة هي مسيرة القرآن وهي للعالم كُـلّ العالم وهي لم تتأطر بإطار طائفي أَو نطاق جغرافي وإنما شاملة بشمولية القرآن وعامة بعامية الإسلام، إضافة أنه يحملُ في طياته النقاطَ المشتركة التي يمكن أن يلتفَّ حولها كُـلُّ أبناء الأُمَّــة بمختلف توجّـهاتهم ويمكن أن تشكل هذه المسيرة نقطة الوصل بين أبناء الأُمَّــة والقواسم المشتركة التي يمكن الاتّفاق والاتّحاد عليها للانطلاق بمشروع إسلامي في جميع المناطق الإسلامية والعربية
عالمي شامل
بدوره، يقول وكيل وزارة التربية والتعليم، محمد غلاب: إن المشروعَ القرآني وأثرَه في الميدان هو الشاهدُ الحَقُّ والكبيرُ على عظمة هذا المشروع الذي أسّسه الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي -رِضْـوَانُ اللهِ عَلَيْهِ- وانطلق به وحمل روحيتَه وجسّد قيمه ومبادئه ثم كان بحق شهيد القرآن، وقد أرسى قاعدةَ (عين على القرآن وعين على الأحداث)، حتى نتصفح الأحداث برؤية القرآن فنقف موقفه ونتحَرّك بحركته حتى نحقّق الرعاية الإلهية والنصر والتمكين، مُشيراً إلى أن المشروعَ القرآني جاء بالهُــوِيَّة الإيمَـانية والعنوان الجامع لبناء الفرد والمجموع، وانطلق -رِضْـوَانُ اللهِ عَلَيْهِ- من القضية الفلسطينية التي قرأ مستقبلها بنور الله فوجد زعماءَ العرب يهرولون نحو التطبيع والولاء للإسرائيلي وبيع القضية المركزية للأُمَّـة ودشّـن هذا المشروع بأول محاضرة كانت تحت عنوان يوم القدس العالمي، ومن ثَمَّ انتقل إلى توضيح وتبيين طبيعة الصراع بيننا كأمة مسلمة وبين أعدائنا أهل الكتاب ومَن تولاهم، ثم صحّح حالةَ الانحراف في الولاء والعداء، ومن ثم شدَّ الناس إلى الله تعالى من خلال سلسلة دروس معرفة الله، ولذلك أستطيع القول إن الشهيد القائد سيدي حسين -رِضْـوَانُ اللهِ عَلَيْهِ- أصبح أيقونة الأحرار في العالم وعلم المجاهدين وقائد المؤمنين.
ويؤكّـد غلاب أن سِرَّ استمرارية مشروع الشهيد القائد -رِضْـوَانُ اللهِ عَلَيْهِ- كونه نوراً من نور القرآن؛ لأَنَّه تمحور حول النص القرآني ثم تحَرّك عمليًّا ضمنَ الوظيفة الأَسَاسية للقرآن الكريم؛ باعتبَاره كتابَ هداية لا تؤثر عليه المتغيرات فهو يهدي للتي هي أقوم، وركّز على حاكمية القرآن وهيمنته الثقافية أمام كُـلّ الثقافات والأيديولوجيات الخطيرة، ليربطَ القرآن بقيومية الحي القيوم الله ربِّ العالمين؛ ولذلك قال: نحن عندما ندعو للعودة الصادقة إلى القرآن فلأننا نعلمُ أن وراء القرآن من أنزل القرآن..، ولذلك نجد أن سرَّ استمرارية المشروع القرآني هي من استمرار القرآن الكريم قال تعالى (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)؛ لأَنَّنا عندما نعود إلى القرآن الكريم نعود إلى الله جل شأنه.
وأما سر التفاف اليمنيين حول المشروع القرآني وَأَيْـضاً اتساع نطاقه للخارج يقول غلاب: إن هذا المشروع القرآني ليس تَرَفًا فكريًّا ولا فلسفة نظرية بل هو ذكرٌ للعالمين لمن شاء أن يستقيم، وهنا لا بُـدَّ أن نتطرقَ إلى أن المجتمع اليمني مجتمع متدين لكنه استُهدف في عقيدته وثقافته وفكره وبزحفٍ كبير من قبل الفكر الوهَّـابي المقيت والمجرم على المناهج الدراسية والخطاب الديني وكافة الجوانب الحياتية وهجمه شرسة أمريكية، لكن بجاذبية المشروع القرآني وجماله وكماله وقوته وأثره التي أكّـد عليها الشهيد القائد -رِضْـوَانُ اللهِ عَلَيْهِ- وبها تحَرّك مركّزاً على خلق الوعي منطلقًا من مبدأ “البصيرةَ البصيرة ثم الجهاد”، فَنَّد رأسَ القضية والحقيقة وهي أن الأُمَّــةَ أصبحت ضحيةَ ثقافات مغلوطة وعقائد باطلة جاءت من خارج الثقلين كتاب الله وعترة النبي المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم من جهة، ومن جهة أُخرى نفور عن القرآن والذي بدوره وَلّد أزمةَ ثقة بالله، فكان بحق مبعوثاً إلهياً لحلحلة الأزمة القائمة بين الأُمَّــة وربها، فمكنّه الله من إعادة مد جسور الثقة بين الأُمَّــة وخالقها فوجدنا عهد الله لعباده المؤمنين (وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ)، فرأينا اليوم ومنذ بدء العدوان الأمريكي السعوديّ الإسرائيلي الإماراتي ومن تورط معهم في خيانة البلد كيف حقّق اللهُ سبحانَه على هذه الأحزاب الانتصارات على المستوى الخارجي فغرق الأمريكي وقضي على عتادِه العسكري وعلى المستوى الداخلي، رأينا التصنيع العسكري والبناء الاقتصادي والتكافل الاجتماعي والتضحيات والبذل والعطاء في سبيل الله.
ويواصلُ حديثَه أن الشهيد القائد هو من أسّس لمشروع عالمي يستمد عالميته من عالمية الله ربّ العالمين وعالمية القرآن الكريم الذي هو ذكرٌ للعالمين وعالمية رسول الله الذي هو رحمة للعالمين وعالمية المهمة التي أوكلها الله سبحانه للأُمَّـة المؤمنة المسلمة قال تعالى (كنتم خير أُمَّـة أُخرجت للناس)، فاتسع نطاق هذا المشروع بقوة الله ومنّه وفضله ليصبح اليوم عالميًّا والكل متلهف لمعرفة سر هذا المشروع وهو يواجه أكبر وأبشع عدوان فَرز الجانب العربي إلى خبيث وطيب، وللأسف ما أكثرَ الخبيثَ، لكن الله غالب على أمره.
ينسجمُ مع الهُــوِيَّة
وللمشروع القرآني مميزاتٌ عظيمة، أبرزها أنه ينسجمُ مع الهُــوِيَّة الإيمَـانية للشعب، والأمة بشكلٍ عام، ينطلقُ على أَسَاس القرآن الكريم، في وقت جاء البعضُ بمشاريعَ من خارج الأُمَّــة وهُــوِيَّتها، من بلدان لها هُــوِيَّة أُخرى واتّجاهات أُخرى، وحاولوا أن يفرضوها على الأُمَّــة رغماً عنها وصنعت مشاكل في واقع الأُمَّــة.
ويوضح الناشط الثقافي أبو حسين الغادر أن سر استمرارية المشروع القرآني الذي أسسه الشهيد القائد -رِضْـوَانُ اللهِ عَلَيْهِ- هو أنه مستوحى من القرآن الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وكذلك اعتماده على المنهجية القرآنية التي تحَرّك بها أنبياء الله ورسله والأعلام من بعدهم.
ويضيف الغادر: إن ضمنَ سر استمرارية المشروع أنه يلامِسُ الواقعَ ويلامس احتياجاتِ المرحلة وأنه محصَّنٌ من الاختراق من قبل المضلين وأنه يمكن تطبيقه والسير عليه، مُشيراً إلى أن المشروعَ منسجمٌ مع هُــوِيَّة اليمنيين الإيمَـانية والتي منحهم رسولُ الله صلوات الله عليه وآله وسلم لقب “الإيمَـانُ يمانٍ” والتي توارثها اليمانيون من ذلك الزمن إلى اليوم.
صحيفة المسيرة