صنعاء تضع “غروندبرغ” أمام الصورة الكاملة: الكرة في ملعب العدوّ مجدداً
|| صحافة ||
التقى رئيسُ المجلس السياسي الأعلى، مهدي المشاط، وعددٌ من المسؤولين، الثلاثاء، بالمبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، الذي يزورُ العاصمةَ صنعاءَ للمرة الأولى منذ تعيينه؛ بهَدفِ مناقشة تثبيت الهُدنة ومعالجة المِلف الإنساني الذي تؤكّـدُ صنعاءُ أنه الخطوة الأولى نحو السلام الحقيقي، وهو ما يحتم على الأمم المتحدة القيام بمسؤوليتها للضغط على تحالف العدوان لإيقاف تعنته واستخدامه للحصار كورقة ضغط وتفاوض.
الرئيس: لا سلامَ مع استمرار الحصار
وأفَادت مصادرُ رسمية بأن الرئيس المشاط أكّـد للمبعوث الأممي على أولوية فتح مطار صنعاء وموانئ الحديدة ورفع الحصار، وضرورة الضغط على دول العدوان للوفاء بالتزاماتها المتعقلة بالجوانب الإنسانية.
ولم ينفذ تحالفُ العدوان حتى الآن التزاماته بشأن السماح بتسيير رحلات جوية تجارية من مطار صنعاء الدولي، كما لا زال يواصلُ احتجازَ سفن المشتقات النفطية في البحر الأحمر ويمنعها من الوصول إلى ميناء الحديدة برغم حصولها على تصاريح آلية التفتيش الأممية، الأمر الذي يمثل انتهاكًا واضحًا لاتّفاق الهُدنة.
وأكّـد الرئيس المشاط أن صنعاء “حريصة على ضرورة أن يعمل المبعوث الأممي وفريقه في الاتّجاه الصحيح لإنجاح الجهود المتفق عليها وفقاً للهُدنة”.
ويمثل اتّفاق الهُدنة اختباراً مهماً لجدية الأمم المتحدة ومبعوثها الجديد إلى اليمن فيما يتعلق بالسلام، حَيثُ سيمثل التواطؤ مع تحالف العدوان والصمت عن تلكؤه دلالةً واضحةً على أن المنظمةَ الدوليةَ ما زالت ملتزمةً بموقفها السلبي تجاه اليمن.
وأوضح الرئيس المشاط للمبعوث الأممي أن “آلافَ المرضى ينتظرون اللحظة التي يُفتح فيها مطار صنعاء ليتمكّنوا من السفر للعلاج”.
وكان مديرُ مطار صنعاء الدولي قد كشف سابقًا أن الأمم المتحدة حاولت تبرير تأخر السماح لرحلات المطار بـ”عدم استكمال الترتيبات اللوجستية”، مؤكّـداً أن المطار يقدم نفس الخدمات المطلوبة للرحلات الأممية المُستمرّة!
وأكّـد الرئيسُ المشاط للمبعوث الأممي أن “المبادَرةَ” التي قُدمت عقبَ عملية كسر الحصار الثالثة أكّـدت رغبةَ صنعاء في السلام خلافاً لمزاعم تحالف العدوان الذي كان يدّعي أن صنعاءَ ترفض.
وأضاف: “إذا أرادت دول العدوان وعلى رأسها أمريكا السلام مع استمرار الحصار فهذا ما لن نقبل به؛ كونه ضرباً من ضروب الاستسلام، وإهانةً لن نقبلَ بها ولن يقبل بها شعبنا”.
محافظ البنك المركزي: الحل السياسي يحتاج معالجة الملف الاقتصادي
إلى ذلك، التقى رئيس اللجنة الاقتصادية العليا، محافظ البنك المركزي بصنعاء، هاشم إسماعيل، بالمبعوث الأممي؛ لمناقشة التحديات الاقتصادية لتثبيت الهُدنة والتقدم نحو بناء سلام مستدام.
وأفَادت مصادرُ مطلعةٌ بأن اللقاء ناقش تحييد الجانب الاقتصادي وصرف مرتبات الموظفين وتوحيد السياسة النقدية ونهب ثروات اليمن من قبل دول العدوان ومرتزِقتها.
ويواصل العدوُّ ومرتزِقتُه نهبَ الثروة النفطية والغازية للبلد وإيداع الإيرادات في بنوك دول العدوان في الوقت الذي تتضاعف فيه معاناة اليمنيين جراء انقطاع الرواتب والحصار، إلى جانب تدهور العملة في المناطق المحتلّة.
وأكّـدت المصادر أن المبعوث الأممي أشاد خلال اللقاء باستقرار أسعار صرف العملات والقوة الشرائية للعملة المحلية في مناطق سيطرة حكومة الإنقاذ.
وأكّـد رئيسُ اللجنة الاقتصادية العليا للمبعوث الأممي أن “القرارَ غيرُ القانوني لتحالف العدوان ومرتزِقته بنقل وظائف البنك المركزي إلى عدن فاقم من تبعات الحصار والمعاناة”
ونبَّه إلى أن: “الحل السياسي النهائي يحتاج إلى معالجة مِلفات اقتصادية ملحة في مقدمها توحيد السياسة النقدية والإيرادات وصرف الرواتب”.
وأكّـد إسماعيل للمبعوث الأممي على أن القرارات والسياسيات الاقتصادية الكارثية لحكومة المرتزِقة وبنك عدن استهدفت القوة الشرائية ودفعت الاقتصاد اليمني برمته نحو الانهيار.
المرتضى يطالبُ المبعوثَ بالضغط على العدوّ لتنفيذ التزاماته
والتقى المبعوثُ الأممي في العاصمة صنعاء برئيسِ اللجنة الوطنية لشؤون الأسرى، عبد القادر المرتضى؛ لمناقشةِ مِلف الأسرى وسُبُلِ التقدم فيه.
وقال المرتضى: إن النقاشاتِ ركّزت بشكل خاص على صفقة التبادُل الأخيرة التي تم الاتّفاق عليها برعاية الأمم المتحدة، وإن الطرف الوطني أكّـد الاستعداد لتنفيذها.
وطالب رئيسُ لجنة شؤون الأسرى من المبعوث الأممي “الضغط على الطرف الآخر للالتزام بالاتّفاق الأخير وتنفيذه”.
وتم الإعلان نهاية مارس الماضي، عن التوصل لاتّفاق تبادل يشمل 1400 من أسرى الجيش واللجان الشعبيّة، مقابل 823 من الطرف الآخر بينهم 16 أسيراً سعوديًّا، و3 سودانيين، بالإضافة لناصر منصور هادي، ومحمود الصبيحي.
وتأخر تحالفُ العدوان عن موعد رفع قوائم الأسرى الذين شملهم الاتّفاق، لاحقاً، وزعم أنه “غير جاهز”، وهو ما مثّل مؤشراً على المراوغة والتلكؤ برغم الطبيعية الإنسانية للاتّفاق.
اختبارٌ للأمم المتحدة
من خلال هذه اللقاءات، تكون صنعاء قد وضعت المبعوث الأممي أمام الصورة الكاملة لمتطلبات السلام الفعلي وأثبتت جديتَها واستعدادَها للمضي فيه، وهو ما يجعل الكرة في ملعب الأمم المتحدة وتحالف العدوان الذي لم يظهر حتى الآن أية نوايا حقيقية للسلام العادل.
ووفقاً لذلك، فَـإنَّ محاولة الأمم المتحدة العودة إلى دورها السلبي المتواطئ مع تحالف العدوان سواء فيما يتعلق بالهُدنة أَو بترتيبات السلام سيشكل تأكيدًا واضحًا على أن المسار لا زال مسار مراوغة، وهو ما سيفضي إلى تداعيات خطيرة، خُصُوصاً وأن فرص كسب الوقت وتجزئة الحلول والمماطلة لم تعد متاحة.
صحيفة المسيرة