صنعاء ومسقط تناقشان ملف السلام والعدوّ يواصلُ “تقسيط” الهُدنة

|| صحافة ||

واصَلَ تحالُفُ العدوان ممارسةَ سياسَة “التقسيط” والتقطير تجاه التزاماته في الهُدنة، حَيثُ سمح مؤخّراً بدخول سفينة ديزل واحدة إلى ميناء الحديدة، في مقابل احتجاز أُخرى بدون أي مبرّر، وسط صمت أممي، الأمر الذي يضاعف المؤشرات على نوايا المراوغة وعدم الجدية، وهو الأمر الذي تؤكّـدُه أَيْـضاً الخروقاتُ الميدانية المُستمرّة، وفي مقابل ذلك، تواصل صنعاءُ إثباتَ جديتها وحرصها على إنجاح التهدئة وتثبيتها والانتقال نحو خطوات سلام فعلية بوساطة عمانية.

وأفَاد مصدرٌ مطلع للمسيرة بأن وفداً عمانياً وصل، الجمعة، إلى مطار صنعاء الدولي، برفقة الفريق الوطني المفاوض برئاسة محمد عبد السلام، في زيارة ستتضمن اللقاء برئيس المجلس السياسي الأعلى، مهدي المشاط.

وأوضح المصدر أن الزيارةَ تأتي ضمن الدور الذي تلعبه سلطنة عمان؛ مِن أجلِ تثبيت الهُدنة والسعي لوقف الحرب والحصار بشكل دائم.

وتجدِّدُ هذه الزيارةُ التأكيدَ على انفتاح صنعاء على خيار السلام الفعلي والتعاطي مع الوساطة الحقيقية التي تمارسُها السلطنة، على الرغم من أن كُـلّ المؤشرات من جانب العدوّ ما زالت سلبيةً بالكامل، ومتزايدة في سلبيتها مع مرور الوقت.

وكان رئيسُ المجلس السياسي الأعلى مهدي المشاط قد أكّـد الأسبوعَ الماضيَ حرْصَ صنعاء على إنجاح الهُدنة والمساندة الكاملة لكل الجهود التي من شأنها تحقيقُ السلام المشرف للشعب اليمني، وفقاً لمحدّدات وقف العدوان ورفع الحصار وإنهاء الاحتلال.

ومع أن زيارةَ الوفد العُماني تعطي تفاؤلاً بإمْكَانية إنجاح الهُدنة والمضي نحو خطوات متقدمة، إلا أن سلوكَ تحالف العدوان لا زال يمثلُ عقبةً كبيرة في هذا المسار، حَيثُ لا زالت قوى العدوّ تمارس سياسة “تقسيط” التزامات الهُدنة وفقاً لحساباتها ورغباتها الخَاصَّة وبعيدًا تماماً عن الاتّفاق الموقع برعاية الأمم المتحدة.

وفي هذا السياق، سمح تحالفُ العدوان بدخول سفينة الديزل الإسعافية “هارفيست” إلى ميناء الحديدة، قبل يومين، لكنه رفض الإفراجَ عن السفينة الإسعافية الأُخرى “ديتونا” والتي تجاوزت مدة احتجازها نصف شهر بدون أي مبرّر وبرغم حصولها على تصاريح الدخول من قبل الأمم المتحدة.

ولم تكد 48 ساعة حتى أقدم تحالفُ العدوان على احتجاز سفينة وقود إسعافية جديدة “أمبيريوس” تحمل على متنها أكثر من 30 طناً من مادة الديزل برغم حصولها على إذن الوصول إلى ميناء الحديدة من قبل لجنة التفتيش الأممية، ليعود بذلك عدد سفن الديزل المحتجزة إلى اثنتين مرة أُخرى.

وأكّـد المتحدث باسم شركة النفط اليمنية، عصام المتوكل، أن تحالُفَ العدوان يمارسُ سياسة “التقطير” فيما يتعلق بسفن الوقود، حَيثُ يسعى لإطالة أمد الأزمة، خُصُوصاً في ظل الاحتياج المتزايد لمادة الديزل الذي ترتبط به الكثير من القطاعات الخدمية وبالذات في شهر رمضان، وهو ما يمثل انتهاكا مُستمرّا وصريحا لاتّفاق الهُدنة.

وبالتوازي مع ذلك، وفيما لا يزالُ مطار صنعاء مغلقاً حتى اللحظة، تحدثت أنباءٌ عن استقبال رحلة جوية واحدة من الأردن، يوم الأحد القادم في إطار اتّفاق الهُدنة، على الرغم من الاتّفاق يقضي بتسيير رحلتين أسبوعياً بين مطار صنعاء والأردن ومصر، الأمر الذي يشير بوضوح إلى أن تحالف العدوان يسعى لممارسة سياسة التقطير والتقسيط على رحلات مطار صنعاء أَيْـضاً كما هو الحال مع ميناء الحديدة.

وبالتزامن مع التمسك بسياسة “تقسيط” الهُدنة وتقطيرها، يرفع تحالف العدوان مستوى ووتيرة خروقاته الميدانية العسكرية في الجبهات بشكل متواصل، حَيثُ أفادت مصادر ميدانية بأن قواتِ المرتزِقة شنت أواخرَ الأسبوع المنصرم عملية هجومية جديدة على مواقع الجيش واللجان الشعبيّة في العكد والبلق الشرقي بمحافظة مأرب، وذلك بالتوازي مع استمرار توجيه القصف المدفعي والصاروخي واستهداف المناطق المدنية والتحليق المكثّـف للمقاتلات بدون طيار في مختلف المحافظات.

ويمثل هذا السلوك من جانب تحالف العدوان عائقا كَبيراً أمام جهود إنجاح الهُدنة كما أنه يقطع الطريق أمام إمْكَانية التقدم نحو خطوات سلام حقيقي؛ لأَنَّ هذا الأخير يتطلب رفع الحصار بشكل نهائي، وهو الأمر الذي لا يمكن أن يتم مع استمرار تمسك تحالف العدوان بحق الوصول إلى مطار صنعاء وميناء الحديدة كورقة ضغط وابتزاز.

ويسلط استمرار هذا السلوك الضوءَ على الدور المشبوه الذي تمارسه الأمم المتحدة التي يفترض أنها راعية لاتّفاق الهُدنة ومن مسؤولياتها الضغط على الأطراف لإنجاح الاتّفاق، إذ يواصلُ مبعوثُها الخاصُّ إلى اليمن التغاضيَ عن استمرار مماطلة قوى العدوان في تنفيذ التزاماتها، الأمر الذي يمثل عائقاً إضافياً أمام جهود إنجاح الهُدنة والمضي نحو خطوات سلام حقيقية؛ لأَنَّ انحياز الأمم المتحدة لقوى العدوان يغذي استخدام الملف الإنساني كورقة تفاوض ويدعم بالتالي خيار استمرار الحرب والحصار.

وكان نائبُ وزير الخارجية في حكومة الإنقاذ، حسين العزي، جدّد التأكيدَ على أن صنعاءَ “جاهزةٌ للسلام” وأن الكرة “دائماً” في ملعب تحالف العدوان، مُشيراً إلى أن الأخير “بمقدوره تحقيق السلام فالحرب منه وليست منا”.

وَأَضَـافَ العزي: “نحن فقط مدافعون وَإذَا أوقفوا عدوانهم على بلادنا وحصارهم على شعبنا واحتلالهم لأرضنا ومياهنا سنوقف أعمالنا الدفاعية ولن يسمعوا منا طلقة مسدس.. وأية مشكلة أُخرى سنحلها بالتفاهم”.

وأكّـد العزي أن صنعاء حريصةٌ على خيار السلام أكثر من خيار الحرب “كواجب ديني وأخلاقي ووطني”، لكن “عندما يكون الخيار هو الحرب أَو الاستسلام فَـإنَّ الواجبَ الديني والأخلاقي والوطني لا يسمح لنا بالاستسلام وسنكون لا شك مضطرين للقتال؛ مِن أجلِ السلام”.

وأشَارَ العزي إلى أن تصريحاتِ الطرف الآخر عن السلام لا يعوَّل عليها، مؤكّـداً أن: “الحديث أمر سهل للغاية ويمكن لأي شخص أن يتحدث عن السلام دون توقف ولكن سيبقى الأمر مُجَـرّد حديث مالم يقترن بشواهد عملية يتبلور معها إلى مصداقية وسلوك”.

وفيما يخُصُّ المرتزِقة، أوضح العزي أنه “لا مصداقيةَ لحديثهم عن السلام حتى يتخلوا عن الاستقواءِ بالخارج”.

وكانت قيادات مرتزِقة العدوان قد تحدثت بوضوح خلال الفترة الأخيرة التوجّـه نحو التصعيد العسكري بدعم من قوى العدوان.

وكشف رئيسُ المجلس السياسي الأعلى، مهدي المشاط، الخميس، أن قوى العدوان تتجهُ نحوَ تصعيدٍ كبيرٍ يستهدفُ الجبهةَ الداخليةَ من خلال بث الشائعات والتضليل الإعلامي، في إطار توجُّـهٍ عدواني برزت ملامحُه بشكل واضح منذ إعلان ما يسمى “المجلس الرئاسي” للمرتزِقة الذي سعت من خلاله قوى العدوان لتوحيدِ صفوف أدواتها وإعدادِهم لجولة إضافية من التصعيد.

 

صحيفة المسيرة

 

 

قد يعجبك ايضا