بومة الشؤم والنيران المتدحرجة!
موقع أنصار الله ||مقالات ||عبدالرحمن الأهنومي
أشار الرئيس المشاط في خطابه أمس خلال تدشين مدونة السلوك الوظيفي إلى الوضع السياسي والعسكري الراهن وإلى أن الحالة القائمة باللاسلم واللاحرب هي قنبلة موقوتة قد تنفجر في أي لحظة ، لافتاً إلى الدور الأمريكي الذي يدفع بالسعودية والإمارات إلى الحرب والتصعيد ، مشبها المبعوث الأمريكي ببومة الشؤم حين يطل على المنطقة مدعيا أن أمريكا تسعى لتحقيق السلام وهي تعمل على خلاف ذلك.
ليس مستغربا أن تستمر الإدارة الأمريكية في العمل على تفجير برميل البارود في المنطقة بإصرارها على استمرار العدوان على اليمن ، فهي تجني من وراء الحرب العدوانية على اليمن مليارات الدولارات من مبيعات السلاح وأجور الصيانة وإدارة عمليات الحرب وغيرها مما تسميها نفقات وأجور ومبيعات الحرب ، والسؤال: كم دفعت السعودية من المليارات إلى الإدارة الأمريكية نظير هذه الحرب؟ وما العائدات التي ربحها السعوديون من وراء حربهم الإجرامية ضد اليمن؟ وما هي مصلحة السعودية من وراء هذه الحرب الإجرامية والعدوانية التي تنفذها لصالح أمريكا ولأهدافها ، وتدفع لأمريكا أيضا ترليونات الدولارات ، وتعرض نفسها ومنشآتها لأخطار كبيرة لمصلحة أمريكا التي تدفع إلى استمرار هذه الحرب العدوانية!.
الوضع اليوم كما وصفه الرئيس المشاط أشبه بقنبلة موقوتة ، وليس مستغرباً استمرار وإلحاح الإدارة الأمريكية على تفجير هذه القنبلة بالتعنت والرفض لمطالب اليمنيين بصرف الرواتب من الثروات النفطية ، فهي تجني من وراء الحرب مليارات الدولارات في الحقيقة.
لكن الإدارة الأمريكية في الوقت ذاته لم تأخذ بالحسبان ما يجري من تطورات في أوكرانيا ومن تصدعات داخل ولاياتها المفككة، ومع ذلك لا تزال ترغب في اللعب وتفجير بارود الحرب ، المؤسف هو الانقياد الأعمى من السعودية للرغبات الأمريكية الكريهة ، وثمن هذا الانقياد سيكون باهظا على السعودية بطبيعة الحال.
لا تريد أمريكا حتى اللحظة أن توقف العدوان على اليمن ، وتتوهم أن بمقدورها الإمساك بخيوط تحريك بيادقها الإقليمية على رقعة المنطقة، وبمقدورها الدفاع عن هذه البيادق والأدوات أكانت السعودية أم الإمارات ، جاءت زيارة المبعوث الذي وصفه الرئيس ببومة الشؤم إلى الرياض وأبو ظبي خلال الأيام الماضية ربما ليقطع طريقا كان ممكنا أن تمضي فيه السعودية على وجه التحديد للخروج من ورطة العدوان على اليمن وارتداداته ، بل ولتوقف أي أفكار لدى السعودية بهذا الخصوص.
تتوهم الإدارة الأمريكية أن زمن الهيمنة لا يزال ساري المفعول والتأثير ، هي تتعاطى على قاعدة “الحجر من القاع والدم من رأس القبيلي” ، المال تحصل عليه من السعودية ، والارتدادات للحرب ستتحملها السعودية أيضا ، هي عاجزة في حقيقة الأمر عن تقديم أي حماية للسعودية من أي عمليات عسكرية ستشن عليها ردا على عدوانها ، لكنها تبيع الوهم لمن يشتريه بالمليارات.
يفوت السعودية إن هي استجابت للرغبات الأمريكية، حقيقة أن ثمن الهروب من مطالب اليمنيين كبير جدا وفادح ، ويفوت دويلة الإمارات أن مغبة مغامراتها التي تحضر لها في بعض المناطق سيكون اشتعال الحرائق في أبو ظبي ودبي ولو شغلت ألف منظومة من الدفاعات الجوية الأمريكية والصهيونية ، ويفوتها أن البحر سيشتعل أيضا وأن الحرائق لن تتوقف حتى تدفع ما سبق وما سيأتي مرة واحدة ، وما يفوت أمريكا أن النيران لا تعترف بحدود الرقعة، خصوصاً عندما تكون فائضة لدى الشعب اليمني فالحرائق تمتد وتتسع ما دام وستصل إلى الأمريكي مباشرة ما دام يزيد في صب الزيت على أوجاع اليمنيين ومعاناتهم وجراحهم.
الحساب مع المعتدين على اليمن عسير جدا ، إن أحداً في هذا العالم لن يكون بمقدوره أن يتصور شكل وصورة هذا الحساب ، المغامرات الإماراتية التي يحضر لها ستمزق الكثير وستسمع العالم صياح ونواح الدويلة وأبواقها وبيادقها في كل الأصقاع.
على السعوديين أولا أن يدركوا بأن أمريكا العائدة إلى تصعيد الحرب والتي تغلق أبواب الخروج منها على وقع القنبلة الموقوتة ، هي ذاتها أمريكا التي هددت بقطع العلاقات وبوقف الدعم العسكري للمملكة على خلفية قرار أوبك ، وهي أمريكا التي دفعت بالسعودية إلى أتون حرب خاسرة وخائبة تجني أمريكا من ورائها ترليونات الدولارات ، والاختلاف الوحيد أنها كانت تشعل الحرب على اليمن لتجني الأموال وتحقق الأهداف من خلالها، أما اليوم فقد تدفع إلى ذلك كي تصفي الحساب مع السعودية المتهمة بالتواطؤ مع الروس في قرار أوبك بلس ، ولتدفعها أثمانا باهظة بما سيترتب على التعنت ورفض مطالب صرف الرواتب ورفع الحصار من ضربات عسكرية قاسية ستطال النفط ومنشآته والقواعد والمصالح السعودية أيضا، ولتستمر كذلك في جني الأموال ، المبعوث الأمريكي الذي يذهب ويعود إلى الرياض يعمل في كل لحظة على تأزيم الأوضاع وتفجير الموقوت من البارود برفض مطالب وحقوق اليمنيين ، ويمكننا أن نصفه بكل وضوح بأنه (بومة الشؤم) على السعودية ودويلة الإمارات قبل غيرهما.
إنّ مروحة العدوان- التي يَتهيأ للأمريكي أنها ما زالت بيده، ويدورها حيث يريد- باتت غير صالحة للدوران ، وأما إذا أرادت أمريكا الاختبار للواقع بتفجير البارود الموقوت عليها أن تراقب المزيد من الألم وما ستؤول إليه الأمور التي لن تتحملها لا هي ولا السعودية ولا دويلة الإمارات ولا الصهيوني ولا البريطاني على الإطلاق ، وفي البحر ما يمكن فعله وقوله وإشعاله..والله المعين والناصر لهذا الشعب الصامد والعزيز.