شكراً.. لهيئة الزكاة
موقع أنصار الله ||مقالات ||أحمد يحيى الديلمي
الحقيقة أن الأخ الشيخ العلامة شمسان محسن أبو نشطان منذ توليه هيئة الزكاة وهو يحقق إنجازات عظيمة وعملية آخرها الإنجاز التحولي الكبير الذي تمثل في الإدماج الاقتصادي لعدد كبير من الأسر المحتاجة التي تعاني من الفاقة والفقر، وتفاقم هذا الوضع أكثر بسبب العدوان الأمريكي السعودي الجائر الذي ترافق معه حصار أكثر مرارة ضاعف الألم وضيق الخناق على اليمنيين في كل المجالات، المهم أن الأخ شمسان والفريق الذي اختاره إلى جواره وكلهم معروفون بالصلاح والإيمان، فقد عرفتهم أثناء ترددهم للدراسة في جامع النهرين والجامع الكبير بصنعاء وفي منزل الأخ العلامة عبد الله حسين الديلمي “شفاه الله” أي أنهم نهلوا الفقه من مناهله الصحيحة، لذلك يتصرفون بإخلاص وصدق ويتعاطون مع المسؤولية كأمانة تفرض عليهم الالتزام والبحث عن كل جديد يؤدي إلى تحصيل الزكاة وأنفاقها وفق المقاصد الشرعية التي حددها الخالق سبحانه وتعالى .
مشروع الإدماج الاقتصادي للأسر المحتاجة إنما جاء مكملاً للجهود السابقة التي بذلتها الهيئة وأدت إلى مساعدة الكثيرين على تجاوز حالة الفقر والفاقة، وهو مشروع حيوي وهام على قاعدة (علمني الصيد ولا تعطيني سمكة) لأنه سيضمن الاستدامة ويحقق مصدر دخل ثابت لمن يعينون هذه الأسر والجيد في الأمر أنه تم تدريب وتأهيل المحتاجين قبل منحهم المساعدة النقدية وتحددت المشاريع والمفروض أن الهيئة تستمر في هذا التوجه وعلى أساس أن توجد إدارة مختصة معنية بدراسة الجدوى الاقتصادية لكل مشروع يتقدم به كل محتاج، وتتولى هذه الإدارة نفسها إعداد مخططات لمشاريع أكثر تطور وأكثر إنتاج وأكثر عائد، أي أن العملية يجب أن تتحول من الجانب الفردي والمشاريع الفردية إلى المشاريع الجماعية بالتدريج، تبدأ بمشروع ثلاثي ثم خماسي ثم سبعة ثم عشرة من العمال حتى تنتهي بمشاريع إنتاجية كبيرة وهو أمر ممكن إذا صدقت النوايا وخلصت لله سبحانه وتعالى، فالكل اليوم في اليمن محتاج يبحث عمن يمد له يد العون، وهذا هو المحور الهام الذي ذهبت إليه الهيئة بقيادة الأخ شمسان الذي أعرفه شخصياً وأعرف أنه على خلق قويم وذو بُعد استراتيجي هام وإن كان قد انحدر من أسرة مشائخية إلا أن العلم أضاف له الكثير من المعارف بحيث جمع بين الجانب العُرفي والشرعي، وهذا ربما يساعده لحل الكثير من المعضلات، وعلى هذا الأساس يجب أن يستمر وأن يتحرى الدقة في موظفي تحصيل الزكاة، فليس المطلوب من الخطباء والوعاظ أن يتحدثوا عن الزكاة ومقاديرها وكيفية تحصيلها، بل لابد أن يتوجه الخطاب إلى المكلف نفسه ليستشعر المسؤولية تجاه نفسه ويعتبر الزكاة أمانة مفروضة عليه لا تصح صلاته وبقية التكاليف العبادية إلا بأدائها، وهذا كفيل بدحض الأفكار الضالة التي علقت بالأذهان في الفترة السابقة، وكان لعلماء(الإخوان المسلمين) دور كبير في نشرها بين الناس والتي أوحت لكل مُزك أن الدولة لا تستحق الزكاة، قد يكون الأمر كذلك في الماضي لكن اليوم ها هي النتائج ماثلة أمام الجميع وعلى كل مُزك أن يطمئن ويدرك أن زكاته في أيادٍ أمينة وأنها تُصرف في المصارف الثمانية التي حددها الخالق سبحانه وتعالى، وهذا هو محور الاطمئنان والثقة وعلى أساسه تتبلور الثقة في الجهة المعنية بالتحصيل والإنفاق، وهنا لا بد أن ننبه الشيخ شمسان إلى نقطة هامة تتعلق بإقرارات المكلفين المسبقة، فهذا الموضوع يخص الضرائب، أما الزكاة فهي واضحة الكيف والكم والمدى الزمني، والإقرار يتعارض كلياً مع النص القرآني ( وآتوا حقه يوم حصاده)، وبالنسبة لأموال التجارة فإن المطلوب مُضي الحول على المال المكلف صاحبه بزكاته، يعني أن العملية بخلاف الضرائب ولا تحتاج إلى إقرارات مسبقة وهذه ليست إلا من قبيل التحايل يُشير بها إلى الموظفين السابقين الذين اعتادوا على أخذ الزكاة من المكلفين ثلثين وثلث، ثلث للجهة المعنية وثلثين للمحصل نفسه، وهذا للأسف ما يتم في معظم الجهات الإيرادية، وعلى الأخ رئيس الهيئة والمسؤولين معه أن يتحروا في اختيار المحصلين ومقارنة سندات التحصيل مع العائد المدفوع وإن اقتضى الأمر الاتصال بالمكلفين للتأكد من المبالغ التي دفعوها، أما في المناطق الريفية فالأمر يجب أن يعود كما كان عليه في الماضي من خلال الأمناء الشرعيين، فإذا وجد أمين غير أمين أو مخالف يتم التفاهم مع الجهة المعنية لاستبداله، لأن الأمناء هم الأخبر كما يقال في المثل ( أهل مكة أخبر بشعابها)، فالأمناء هم من يعرفون أبناء القرية التي يعملون بها من أدى ما عليه ومن لم يؤد ما عليه وكم تقدير العائدات الزراعية التي يحصل عليها من المخضرات وما إلى ذلك، أي أنهم الأقدر على التحصيل بالتمام والكمال، خاصة أن الهيئة قد بدأت تلتزم بصرف العائد المقرر لهم والمسمى “العُمال” .
أسأل الله للهيئة ورئيسها وجميع العاملين المزيد من التوفيق ومن نجاح إلى آخر، والله من وراء القصد ..