النفاق الدولي… والخذلان العربي
موقع أنصار الله ||مقالات ||عبدالفتاح البنوس
سقط العرب ولم تسقط سوريا فما تزال شامخة عصية على الأعداء والمتآمرين ، سقطت أنظمة العمالة والخيانة واليهودة والتطبيع والتأمرك والتصهين ولم يسقط النظام السوري الذي ما يزال صامدا متماسكا رغم كل الضربات الموجعة التي تعرض لها خلال ما يزيد على عشر سنوات من الحرب العالمية والحصار الجائر ، تسابق عربان الخليج على تقديم العون و المساعدات الإغاثية العاجلة لتركيا على خلفية الزلزال المدمر الذي ضربها ، وأحجموا عن تقديم العون و المساعدات الإغاثية لسوريا الدولة العربية الشقيقة الذي ضربها نفس الزلزال الذي ضرب تركيا ، والذي تسبب في سقوط آلاف القتلى والمصابين وخلف دمارا هائلا في المنازل والممتلكات العامة والخاصة والبنية التحتية الهشة والمتهالكة جراء الحرب والحصار في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام السوري و المناطق الخاضعة لسيطرة قوى العمالة والخيانة ، في مشهد يظهر حجم السقوط والخذلان الذي طغى على هذه الأنظمة العميلة التي باتت تمثل وصمة عار في حق العروبة والعرب .
كارثة طبيعية لا مجال لإقحامها في معمعة الصراع السياسي وتصفية الحسابات السياسية ، ولكن البعران أصروا على تعرية أنفسهم إرضاء للبيت الأبيض وانصياعا لقانون قيصر الأمريكي الجائر ، فحرموا سوريا من المساعدات وأغدقوا على تركيا كما فعلت بقية الدول الأوربية التي سقطت كافة الشعارات التي ترفعها وتنادي بها بإسم الإنسانية وحقوق الإنسان ، كارثة إنسانية ضحاياها من النساء والأطفال كان من المفترض أن تسارع كل دول العالم للتعامل معها بمسؤولية إنسانية وأخلاقية دونما تمييز بين عدو وصديق ، بل كان الأحرى المسارعة لتقديم العون لسوريا الدولة المعتدى عليها ، الدولة المحاصرة المنهك اقتصادها ، المدمرة بنيتها التحتية جراء الحرب والحصار وخصوصا أن مركز الزلزال استهدف المناطق التي شهدت مواجهات مسلحة وخلفت الخراب والدمار ، بخلاف ما عليه الأمر في تركيا التي خرج رئيسها رجب طيب أردوغان ليؤكد استعداد بلاده تعويض ضحايا الزلزال وإعادة إعمار ما دمره بما في ذلك الأشجار .
ولكن النفاق والإنحياز الدولي والمصحوب بحالة مفرطة من الخذلان العربي رجح كفة تركيا ، انتصر لتركيا المنكوبة فعلا فذهبت غالبية المساعدات لها ، ولم تلتفت إلى سوريا المنكوبة هي الأخرى فلم يصل إليها سوى القليل ، والقليل جدا من المساعدات الإغاثية رغم فداحة الكارثة وحجم الدمار الهائل الذي طال المدن والمناطق المتضررة من الزلزال المدمر ، وكأنه مكتوب على السوريين أن يموتوا تحت أنقاض منازلهم ، بلا رحمة وشفقة وكأنهم لا يستحقون الحياة .
منذ الوهلة الأولى أطلق السوريون نداءات الإستغاثة للسماح بدخول معدات وآليات لإنقاذ العالقين تحت الأنقاض والذين كانوا يطلقون صرخات الإستغاثة ويسمع أنينهم من تحت الركام ولكن نداءاتهم لم تجد من يتفاعل معها ، ويبادر إلى تلبيتها رغم خطورة الوضع وكارثيته ، طال الإنتظار السوري ولم تفلح الإمكانيات الضئيلة والآليات القليلة في انقاذ الأحياء تحت الركام ، حيث خيم الصمت الموحش على تلكم المناطق ، لم تعد تسمع أصوات الإستغاثة ، وأصوات أنين النساء وبكاء الأطفال ، لقد ارتقت تلكم الأرواح الطاهرة البريئة إلى بارئها بعدأن بحت أصواتهم طلبا للعون والنجدة ، في مشهد مؤلم جدا ، مشهد يدمي القلوب ويبكي الأعين ، مشهد يعكس حالة السقوط والإنحطاط التي عليها العالم المنافق بكل أنظمته وهيئاته ومكوناته ، وفي طليعة ذلك الأنظمة العربية وعلى وجه الخصوص أنظمة البترودولار التي يهدر ملوكها وأمراؤها وساستها ملايين الدولارات في شراء لاعبين وأندية وخيول وقصور وتنظيم حفلات الرقص والمجون والسفور والإنحلال الأخلاقي تحت يافطة الترفيه والحرية والإنفتاح والحداثة ومواكبة العصر وغير ذلك من المبررات السخيفة سخافة عقولهم الصغيرة الفارغة .
بالمختصر المفيد زلزال تركيا وسوريا فضح العالم المنافق وأبان عن المعايير القذرة التي يتعامل بها تجاه الدول ، ووضعنا أمام مشهد مؤلم من مشاهد الخذلان العربي الذي عليه أنظمة العمالة والخيانة والتطبيع والتصهين ، وكشف بكل جلاء ووضوح توحش وإجرام و حقارة ووضاعة أمريكا وديمقراطيتها الكاذبة وإنسانيتها الزائفة ، وهو ما يعزز القناعة لدى كل الأحرار في المنطقة بضرورة التحرك الجاد لتغيير هذا الواقع المرير ، وتدارك ما يمكن تداركه في ظل هذه الأنظمة العميلة التي باتت أشبه بالدمى التي يحركها ويلهو ويلعب بها الأمريكي والإسرائيلي ويستخدمونها لخدمة مصالحهم وتعزيز نفوذهم .
قلت قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ، ووالدينا ووالديكم ، وعاشق النبي يصلي عليه وآله .