الرئيسُ يستقبلُ الوفدَين السعوديّ والعماني: لا تراجُعَ عن محدّدات السلام الفعلي

||صحافة||

جدّدت صنعاءُ إثباتَ جديتها في التعاطي مع جهود السلام تحت سقف المطالِبِ والمحدِّدات العادلة، من خلال استقبال وفد سعوديّ في القصر الجمهوري بصنعاءَ؛ لمناقشة إنهاء العدوان والحصار وتمكين الشعب اليمني من حقوقه المشروعة، في خطوةٍ غير مسبوقةٍ، مثّلت دليلاً إضافياً على فاعلية استراتيجية الصمود ومواجهة العدوان وعدم الاستسلام والمساومة، وأثبتت مجدّدًا امتلاكَ صنعاء قرارَها السيادي المسنود بشرعية الدفاع عن الوطن والحرص على مصالح الشعب اليمني، وعدم جدوى البحث عن أية ضغوط دولية أَو خارجية للتأثير على الموقف الوطني.

وكشفت وكالة سبأ الرسمية أن رئيسَ المجلس السياسي الأعلى، المشير الركن مهدي المشاط، استقبل الوفدَينِ السعوديَّ والعُماني، الأحد، في القصر الجمهوري بصنعاءَ، بحضور الوفد الوطني المفاوض وعدد من المسؤولين.

وكانت سبأ قد أكّـدت، في وقتٍ سابق، وصولَ الوفد السعوديّ إلى جانب وفد الوساطة العمانية، إلى العاصمة صنعاء؛ للقاء الرئيس المشاط ومناقشة “رفع الحصار بكل تداعياته، ووقف العدوان، واستعادة كافة حقوق الشعب اليمني المحقة، ومنها صرف مرتبات كافة موظفي الدولة من إيرادات النفط والغاز”.

وخلال اللقاء، عبّر الرئيسُ عن شكرِه لجهود الوساطة التي تبذلها سلطنة عمان، مشيداً بـ”دورها الإيجابي في تقريب وجهات النظر وجهودها الرامية إلى تحقيق السلام المشرف الذي يتطلع إليه كافة أبناء الشعب اليمني”، بحسب وكالة سبأ.

وأكّـد الرئيس ثباتَ الموقف الوطني والمتمسك بالسلام العادل والمشرّف الذي ينشُدُه أبناءُ الشعب اليمني، ويحقّق تطلعاتهم في الحرية والاستقلال.

ويوجّه هذا التأكيدُ رسالةً واضحة باستحالة التراجع عن محدّدات السلام الفعلي، التي أعلنها قائد الثورة والمتمثلة بـ: إنهاء العدوان، ورفع الحصار، وخروج القوات الأجنبية، ودفع التعويضات، ومعالجة أضرار الحرب، وهي المحدّدات التي حاول تحالف العدوان ورعاته الالتفاف عليها طيلة السنوات الماضية.

ومثّل اللقاءُ في القصر الجمهوري مشهداً واضحًا ترجم نجاحَ صنعاء والقيادة الثورية والسياسية في تثبيت معادلات الحرب والسلام الرئيسية طيلة السنوات الماضية، من خلال استراتيجيات الردع والصمود والنفس الطويل.

وقارن مراقبون بين وصولِ الوفد السعوديّ إلى صنعاء لطلب الهُدنة والسلام، وبين مواقف وتصريحات المسؤولين السعوديّين طيلة السنوات الماضية، والتي كانت تتوعد باجتثاث السلطة الوطنية واقتحام صنعاء في فترة قصيرة، مؤكّـدين أن المشهد اليوم يثبت، وبدون أي مجال للشك، فشل تحالف العدوان ورعاته في تحقيق كُـلّ أهدافهم، في مقابل نجاح الشعب اليمني وقيادته في فرض إرادَة التحرّر والاستقلال.

وعلى الرغم من أن التطورات الجديدة رفعت مؤشرات السلام إلا أن صنعاءَ قد أكّـدت في وقتٍ سابق على لسان رئيس الوفد الوطني، محمد عبد السلام، أن المعيار الحقيقي للجدية هو ما يتحقّق على أرض الواقع من إنهاء للعدوان ورفع للحصار وصرف الرواتب وإخراج القوات الأجنبية ودفع التعويضات، مُشيراً إلى أن التقييم الواضح سيكون في النهاية وليس الآن.

وفي هذا السياق أَيْـضاً، قال عضو المكتب السياسي لأنصار الله، محافظ ذمار، محمد البخيتي إنه: “من السابق لأوانه الجزم بنجاح المفاوضات التي تجري في صنعاء”.

لكن تأكيدات الرئيس المشاط ورئيس الوفد الوطني، حول تمسُّك صنعاء بمحدّدات السلام الفعلي، خلقت انطباعاً إيجابياً كَبيراً لدى الكثير من المراقبين؛ لأَنَّ هذه التأكيدات تغلقُ الباب بشكلٍ كامل أمام أية محاولات جديدة من جانب العدوّ ورعاته للمراوغة والمماطلة أَو الالتفاف على المطالب العادلة.

وأكّـد مراقبون أن قدومَ الوفد السعوديّ إلى صنعاء للقاء القيادة اليمنية؛ مِن أجل بحث عملية السلام، مثّل دليلاً واضحًا على فشل كُـلّ محاولات الأعداء للتأثير على موقف صنعاء من خلال اللجوء إلى جهات خارجية أَو من خلال ربط مِلف اليمن بملفات أُخرى كالاتّفاق مع إيران، حَيثُ بات واضحًا اليوم أن قرار صنعاء بيدها فقط، ولا يمكن التأثير عليه.

هذه الدلالة وجّهت الأنظار أَيْـضاً نحو الوضع الفاضح الذي تعيشه حكومة المرتزِقة وقادتها، الذين أصبح واضحًا أنهم لا يمتلكون أي قرار بشأن الحرب والسلام، وأنهم مُجَـرّد واجهات استخدمهم تحالف العدوان طيلة السنوات الماضية لتمرير مخطّطاته وتضليل الرأي العام، وأنه اليوم على وشك التخلي عنهم بالكامل لإخراج نفسه من مستنقع اليمن.

وقد سلّط تقريرٌ لموقع “ذا انترسبت” الأمريكي، الضوء على هذه النقطة، حَيثُ أشار إلى أن ما يدور حَـاليًّا من مفاوضات بين صنعاء والرياض “يؤكّـد مدى عدم شرعية الحكومة المدعومة من الولايات المتحدة الأمريكية، بل يكشف أنها في الواقع عبارة عن مجموعة من المنفيين يعيشون في فنادق في الرياض، مدعومين بالكامل من قبل المملكة العربية السعوديّة وتحت إشرافها”.

وَأَضَـافَ التقرير: “لفترةٍ من الوقت، كانت المملكة العربية السعوديّة تشير إلى هذه الحكومة في وثائق رسمية باسم (الحكومة الشرعية لليمن) لكنها لم تمارس حكمًا فعليًّا ولم يكن لها شرعية خارج فندقها”.

 

لا قيمةَ للتسريبات:

وفي الوقت الذي كثر فيه الحديثُ عن آفاق وتفاصيل ما يدور في المفاوضات، جدّدت صنعاءُ التأكيدَ على عدم وجود نتائجَ نهائية حتى الآن، محذرة من الاعتماد على التسريبات الإعلامية.

وفي هذا السياق، كتب عضو المجلس السياسي الأعلى، محمد علي الحوثي، في تغريدةٍ على تويتر: “قد نلتقي حرباً أَو سلماً مع دول العدوان، ولكن لا تصغوا إلى التسريبات؛ فالحقيقة ستأتي من مصادرها الرسمية بإذن الله”.

وكان رئيسُ الوفد الوطني المفاوِضُ قد تطرّق في وقتٍ سابق إلى هذه النقطة، مؤكّـداً أن ما يرد في التسريبات الإعلامية لا أهميّة له، وأن المهم هو ما سيتحقّق على الميدان وعلى أرض الواقع.

وكانت وسائل إعلام سعوديّة وأجنبية قد حاولت التشويش على المشهد، خلال الأيّام الماضية، بتسريبات تنطوي على مغالطات واضحة أبرزها أن زيارة الوفد السعوديّ لصنعاء تأتي لرعاية اتّفاق “بين اليمنيين”، وهي محاولةٌ لتقديم السعوديّة كوسيط سلام بدلاً عن حقيقة كونها طرفًا رئيسيًّا؛ الأمر الذي يهدف لفتح المجال للتهرب والتنصل عن التزامات السلام، وتضليل الرأي العام عن حقيقة ما يحدث.

وبالرغم من ذلك فقد تضمنت التسريبات المشبوهة اعترافاً بصوابية موقف صنعاء والمطالب الإنسانية المشروعة التي تتبناها، ومنها رفع الحصار عن المطارات والموانئ وصرف الرواتب من إيرادات النفط والغاز وإخراج القوات الأجنبية من البلد.

ويأتي تأكيد صنعاء على عدم الالتفات إلى التسريبات في إطار الحرص على ضبط المشهد، وفقاً لمعايير ومحدّدات السلام الفعلي، وإغلاق كُـلّ أبواب وطرق المراوغة؛ وهو ما يضع دول العدوان أمام ضرورة اتِّخاذ قرار عملي واضح يلبي مطالب الشعب اليمني، وينهي حالة المماطلة بشكل كامل؛ مِن أجل إنجاح الجهود المبذولة.

 

صحيفة المسيرة

 

قد يعجبك ايضا