الاصطفافُ المتجدِّدُ لـ “يوتيوب” و “فيس بوك” مع دول العدوان.. التتويجُ الفاضحُ للحرب المستعرة على الإعلام والإعلاميين
||صحافة||
لم يتبقَّ لتحالف العدوان والحصار على اليمن من أوراقِ الضغط سوى تلك الأوراقِ المهترئة والتي باتت مع استمرار استخدامه لها خارجة عن الأثر والتأثير، وما قامت به شركتَا «تويتر -فيسبوك» من حجب القنوات والحسابات الوطنية الحرة المناهضة للعدوان، هو امتدادٌ لذلك التواطؤ التي مارستاه هاتان الشركتان ضد الإعلام اليمني الحر في اصطفاف واضح مع دول تحالف العدوان على اليمن، في ازدواجية مفضوحة ومعايير مختلة لهذه المواقع الإلكترونية على شاكلة دافعيها المفلسين.
ومع هذه الإجراءات التعسفية لمنصات «يوتيوب – فيسبوك» تتضح معها استمرارية قبح السياسة الأمريكية والغربية تجاه الشعب اليمني وإعلامه الحر، ومحاولة حجب وقلب الحقائق، وتكميم الأفواه وإسكات صوت الحق وإخفاء الصورة الحقيقية التي ينقلها الإعلام اليمني الحر، والتي فضحت العدوّ وعرته أمام العالم وكشفت ونقلت بالصوت والصورة تلك الجرائم والمجازر البشعة ضد أبناء الشعب اليمني، التي ارتكبتها دول تحالف العدوان والحصار وعلى رأسها أمريكا على مدى ثماني سنوات من العدوان السافر والحصار الجائر.
وبعد الفشل الذريع الذي اعترى دول التحالف العدواني، وتلقيه على أيدي أبطال هذا الشعب ومقاتليه الهزائم النكراء والضربات الموجعة، تلجأ اليوم قوى الشر والعدوان من جديد إلى تصعيد حربها الإعلامية وتكرار استخدام أساليب الضغط والتعسف والإرهاب الإعلامي والفكري بالإيعاز إلى «يوتيوب» بحذف القنوات الوطنية الحرة المناهضة والمتصدية للمشروع الصهيوأمريكي في اليمن والمنطقة، على مواقعها، تزامناً مع استمرار الحرب في «فيسبوك» بتقييد وحذف حسابات الأصوات والقيادات الإعلامية والسياسية والثقافية الحرة؛ استمراراً لتفعيل التضليل الإعلامي لقوى العدوان التي فشلت وعجزت تجاه الإعلام اليمني الحر، وذلك كمحاولة من دول العدوان لتبييض صورتها البشعة الملطخة بدماء الأبرياء.
حربٌ قديمةٌ متجددةٌ ضد الإعلام والإعلاميين:
هذه الحرب الإعلامية التي صعَّدتها قوى العدوان مؤخّراً هي أصلاً ممتدة منذ بدأ العدوان شن عدوانه وحصاره على الشعب اليمني في العام 2015 م وإلى الساعة، حَيثُ هيأت وأعدت لهذه المعركة كُـلّ الإمْكَانيات المهولة والوسائل المختلفة المهيأة لها لتؤدي دورها التضليلي في تزييف الحقائق وقلبها والتعتيم على الجرائم والانتهاكات التي مارستها قوى العدوان ضد الشعب اليمني وعلى مدى تسع سنوات.
ومع شراسة هذه المعركة والفارق الكبير بما يمتلكه إعلام العدوّ والإعلام الوطني الحر المجابه والمتصدي له، فَــإنَّ صمود الإعلام اليمني في هذه المعركة الإعلامية كان أقوى مما حسب له العدوّ، وأصدق وأشد وقعاً وتأثيراً على المستوى الداخلي، وعلى رأس العدوّ والذي شكل له صداعاً مزمناً وصوتاً مرعباً أفقده طوال 9 سنوات من المعركة، ثقته ورهاناته الإعلامية في إعلامه وفي أدواته الإعلامية المأجورة.
وما حدث مؤخّراً من إجراءات تعسفية في حجب «يوتيوب – فيسبوك» للقنوات الإعلامية اليمنية وتقييد وحذف حسابات مناهضة لتحالف العدوان في اليمن، تعيدنا هذه الإجراءات التعسفية لأرشيف توثيقي نستذكرُ من خلاله امتدادَ هذه المعركة مع قوى العدوان التي ركَّزت منذ بداية العدوان على قصف كُـلّ وسائل الإعلام الوطنية مع إطلاق حرب إعلامية هائلة بالتوازي مع القصف الجوي بالغارات على كُـلّ المنشآت والوسائل الإعلامية اليمنية، وحجبها وإسقاط بثها من الفضاء، فقد وضع تحالف العدوان المؤسّسات الإعلامية ووسائلها المختلفة في قائمة بنك أهدافه التي استهدف منها، ما هو بالغارات الجوية أَو ما قام به من إجراءات عدائية أُخرى عبر مواقع التواصل الاجتماعي بالحجب والحذف والتقييد، والحظر للحسابات والقنوات على هذه المواقع، ولم يستثن تحالف العدوان بذلك فقط، بل إن استهدافه للإعلام اليمني طال أَيْـضاً بالقصف منازل الإعلاميين اليمنيين الأحرار والمنشآت الإعلامية وأبراج البث الإذاعي، واستهداف الإعلاميين خلال التغطيات الميدانية، واستنساخ القنوات والمواقع الإلكترونية وإيقاف بث القنوات الفضائية والتشويش عليها واختراق المواقع الإلكترونية، ومنع صحفيين أجانب وعرب من الوصول إلى اليمن لنقل الأحداث من الداخل، كما أن استهداف العدوان للإعلام والإعلاميين أَدَّى إلى استشهاد وجرح المئات من الصحفيين والمصورين والمراسلين.
إجراءاتٌ تفضحُ “حرية” و “ديموقراطية” أمريكا والغرب:
اليوم «يوتيوب» بقرار حجب وإغلاق القنوات الوطنية تؤكّـد أن قوى العدوان تزيح الستار عن سياستها لهذه المرحلة ونواياها الخبيثة تجاه اليمن، والتغطية عن تحَرّكاتها لاحتلال أجزاء واسعة من الأراضي اليمنية، خَاصَّة في المواقع الاستراتيجية في المياه الإقليمية أَو المواقع الغنية بالثروات النفطية والثروات السيادية الأُخرى داخل جغرافية البلد، ويأتي هذا التصعيد الأخير لأمريكا ودول التحالف عبر «تويتر -فيسبوك» متزامناً مع هجمة إعلامية مكثّـفة بدأت إطلاقها الوسائل الإعلامية المختلفة لأمريكا والسعوديّة وتهدف من ورائه إلى إسكات الحقائق وحجبها وإفساح المجال أمام الدعايات الكاذبة عبر قنواتهم الإعلامية الرسمية، والتابعة، والمأجورة استكمالاً للحرب الإعلامية الممنهجة التي يشنها تحالف العدوان على الإعلام اليمني الحر والتي بدأت مع بداية العدوان وإلى اليوم.
الوجه الأمريكي الصهيوني القبيح هو ذلك الوجه المزيف الذي يستمر في خداع العالم واستهداف الشعوب والأنظمة الحرة المناهضة والمقاومة لمشاريعه التي تحمل أشكال التدمير والفساد، فأمريكا والصهيونية العالمية هي من استحدثت هذه المواقع الإلكترونية ومنصات التواصل الاجتماعي بين شعوب العالم من منطلق أكذوبة حرية التعبير والرأي التي يزعم العالم الغربي والصهيونية بأنها من مفاخر ديموقراطيته وتحضره ووضع لهذه الوسائل الإعلامية معايير وقوانين براقة وجاذبة ومخادعة، إلَّا أن هذه العناوين مختلة ومنحازة ومتناقضة في معاييرها ومزدوجة وتفند نفسها عند تعاطيها مع الدول والشعوب الحرة المناهضة للمشاريع والسياسات الأمريكية والصهيونية والغربية، فمثلاً هناك دلائل تؤكّـد تبعية هذه المواقع للسياسة الأمريكية والصهيونية وتقوم بدور تنفيذي في هذا المجال لتمارس تعسفاتها على الشعوب والدول المقاومة والمناهضة وتتضح المعايير المزدوجة لهذه المنصات الإعلامية في تعاطيها مثلاً مع سوريا وإيران وكوريا الشمالية وفلسطين وروسيا والصين وفنزويلا، ففي إيران وسوريا وكوريا الشمالية تم حجب هذه المواقع؛ لأَنَّ محتوى مستخدميها في هذه البلدان مخالف لسياستها ومعاييرها المزعومة وبأن وجود هذه المواقع في هذه البلدان لا يحقّق لها الربح حسب زعمها والحقيقة مختلفة عما تدعيه إدارة هذه المنصات فهذه الأنظمة والدول والشعوب مناهضة ومقاومة للسياسات والمشاريع الأمريكية الصهيونية.
باعٌ طويلٌ في الكذب والتضليل:
وهناك أمثلةٌ أُخرى تفضح هذه المنصات، فمع بداية الحرب الروسية الأوكرانية حذفت يوتيوب قنوات آر تي الروسية؛ بادعائها أنها انتهكت سياسة المعلومات والحقيقة ليست كذلك، فقط؛ لأَنَّ أمريكا والغرب اختلفوا مع روسيا قرّرت يوتيوب الاصطفاف، حَيثُ تقف أمريكا، كما سبق لموقع يوتيوب أن قام بحذف قناة حركة حماس الفلسطينية؛ لأَنَّها تدعو في محتواها للعنف والحقيقة أنها صوت إعلامي مقاوم للاحتلال الصهيوني لفلسطين، كما أغلقت «فيسبوك» 90 صفحة تابعة لحركة المقاومة الفلسطينية في العام 2017م.
وهناك الكثير من الأمثلة والانتهاكات التعسفية التي أقدمت عليها هذه المنصات تجاه الأحرار في أمتنا وفي العالم؛ بما يؤكّـد زيف وكذب حرية الرأي والتعبير التي يدّعيها الغرب وتمارس سياستها هذه المواقع والمنصات ضد الآخرين والتي تستخدم سياسة وتقنية مراقبة «المحتوى» فإن كان المحتوى فيه ما يفضح السياسات والانتهاكات الأمريكية الصهيونية، تقوم هذه المواقع بحجبه أَو تقييده أو حذفه، وإن كان المحتوى يتوافق ويخدم الصهيوأمريكية والغرب فيتم دعمه والترويج له إعلامياً وهكذا.
إن جزءاً من سرد واستذكار جرائم قوى العدوان ضد الإعلام اليمني الحر واستمرار تصعيده الإعلامي التعسفي المستفز يؤكّـد بما لا يدع للشك أن هذا المسار لقوى العدوان مآله إلى الفشل، مع تنامي الوعي الشعبي كُـلّ يوم داخل بلدنا، إضافة إلى العجز الواضح والفاضح لقوى التحالف وضعفه في مواجهة الكلمة والصورة التي كان لها الوقعُ والأثرُ القوي في هذه المعركة وجعلته في حالة من التخبط التي دفعته اليوم إلى استخدام وسائل رخيصة وغير قادرة بعون الله على إسكات صوت الحق وتزييف الحقائق أَو مواراة جرائمه السابقة أَو اللاحقة ضد الشعب اليمني، طالما هنا اليوم شعب يزداد وعياً وإدراكاً تجاه مؤامرات العدوان وجرائمه، وله قيادة تتسمُ بالإيمان والشجاعة والحكمة والإقدام وجيش قوي مكن الله له بامتلاك سلاح رادع، فكل هذه العوامل التي نمت وزادت صلابة وقوة بعون الله وتأييده، هي قطعاً تعزز من نجاح وانتصار الإعلام الوطني الحر وتشكل عاملاً تحفيزياً للتصدي لهذا التصعيد التعسفي لقوى العدوان والحصار.
صحيفة المسيرة: محمد يحيى السياني