ربيعُ النُّور

الشاعر/ ماجد المطري

 

ابِن يا يراعَ الشعرِ ما ضاقَ عن فمي

وغُصْ في حنايا الفكرِ وانثُر ولملِمِ

 

فتلكَ بناتُ الفكرِ تكتظُّ داخلي

ولكِنَّها بَكماءُ في قلبِ أبكمِ

 

دواتُكَ من ظِلعي إذا عزَّ مِحبَرٌ

وإن عزَّ عنكَ الحِبرُ خُذ يانِعَ الدَّمِ

 

أَتانَا ربيعُ النُّورِ أسنَى عَطِيِّةٍ

تَجَلَّتْ بِميلادِ النَّبيِّ المُكَرَّمِ

 

حَبانا بهِ ربُّ السماواتِ هادياً

ونهجاً به جُزنا المعالي بِسُلَّمِ

 

قدِ افترَّ وجهُ الأرضِ لمَّا هَمَى بها

كغيثٍ سقَى وَجهَ الأَدِيمِ المُفَحَّمِ

 

وأبرَقَ مِن كفَّيهِ فجرٌ لأمَّةٍ

يُزَجِّي إليها وَعدَ فتحٍ مُحتَّمِ

 

وَينأى بِها عَن كلِّ داجٍي ظليمةٍ

ويمسحُ عنها جُرحَ ليلٍ بِمَرهَمِ

 

تمَامُ اكتمالِ البدرِ وضَّاحُ وَجهِهِ

وخيطُ انبِلاجِ الصُّبحِ للثَّغرِ ينتمِي

 

لَمى الفيفِ بَرَّاقٌ كَساهُ اخضِرَارُهُ

وصَحَّت بهِ روحُ الزَّمانِ المُهَشَّمِ

 

ورَقرَقَ في عَينِ البَسيطةِ دامِعٌ

بَهِيجٌ كأنْ لَم يَجرِ قَبلاً بمأتَمِ

 

قدِ أنزاحَ عن جَنبَيكِ يا أرضُ غُمَّةٌ

بميلادِهِ صَلَّي عليهِ وسَلِّمي

 

فلو لم ترَ الدُّنيا مُحَيَّاهُ مُشرِقاً

لَحِيلَت بِها الأفياءُ فيحَاً جَهنَّمِي

 

وقَد حَلَّ طُهرَاً فِي ثَرَاهَا مَسِيرُهُ

فأضحَى طَهُورَاً سَائِغاً للتَّيَمُّمِ

 

ولو لم تطأ رِجلَاهُ يَومَاً بِأرضِهَا

طَوَى مُكفَهِرَّ الدَّهرِ طَبعُ التَجَهُّمِ

 

فلاغرو إن أبدَت بـ(طه) احتفائَها

وَظُلَّت عليهِ الغَيمُ في كلِّ مَقدَمِ

 

ورقَّت عليهِ الشَّمسُ سَاعَ اتِّقَادِهَا

وأَضحَت لَهُ بَردَاً كَمَا ماءِ زَمزَمِ

 

أتََى حِينَ دَقَّ القَومُ إسفِينَ إِحنَةٍ

ففَاحَ كَمَا الرَّيحَانِ لا عِطرِ مَنشَمِ

 

برايةِ حَقٍ قامَ والحَقُّ دِينُهُ

فَمَا يَصرِفَنَّ الحَقَّ مَحضُ التَّوَهُّمِ

 

(مُحَمَّدٌ) الهادِي إِلَى كُلِّ خِصْلَةٍ

مِنَ البِرِّ أبهَاهَا وكانَت تُظَلَّمِ

 

تَوَهَّجَ كَالمِشكَاةِ فِي مُدْلَهِمَّةٍ

فَبانَ لِذِي عَينٍ وأبصَرَ مَن عَمِي

 

وَهذَّبَ ذا لٍسنٍ فَصيحٍ بآيِهِ

وأسمَعَ مَنْ قَد كان باللِّسْنِ أعجمي

 

وَأيُّ اُمرِءٍ لم يَقبِسِ النُّورَ قلبُهُ

فلا عَسجَدٌ أغنَى وَلا كَنزُ دِرهَمِ

 

وَلا يَفرَحَنْ بِالتِّبرِ مَنْ لَم يُصِبْ بِهِ

حَلالاً وَلَم يَملأ بِهِ كفَّ مُعدَمِ

 

وَلا يَأمنَنْ مَنْ لَمْ يَكُنْ رَأسُ حَظِّهِ

سَفينَةُ (طه) في خِضَمٍ عَرَمرَمِ

 

فمَا دُونَهُ مَنجَى لِمَن شَاءَ ربُّهُ

وَلا مِن سِوَاهُ النُّورُ يَترَى بِأنْجُمِ

 

وَشَرَّفتَهُ ياربُّ إذ كنتَ ربَّهُ

فعلَّمتَهُ وحيَاً وَنِعْمَ المُعَلِّمِ

 

وشرَّفتَنا إِذْ كانَ فِينَا نَبيَّنا

يَسُوقُ الهُدَى كَيمَا نَفُوزُ ونَغنَمِ

 

عَليهِ صَلاةُ اللَّهِ ماطافَ هَديُهُ

مَع آلِهِ فَضلاً عَلَى كُلِّ مُسلِمِ

 

قد يعجبك ايضا