اليمنُ خارجةٌ عن السيطرة الأمريكية
موقع أنصار الله ||مقالات||محمود المغربي
من الواضح أن أمريكا -كما قالت على لسان الكثير من مسؤوليها- لن تسمح بانتصار حماس في غزة، وهي عازمة على تحقيق ذلك بالقوة العسكرية وارتكاب المزيد من المجازر بحق نساء وأطفال غزة، مع أن هذا الخِيار قد فشل طوال الأسابيع الماضية في هزيمة المقاومة، مع أن الجيش إسرائيلي وبمساعدة كاملة من أمريكا قد استخدم سياسة الأرض المحروقة وأفرط في استخدام القوة وانتهك كافة القوانين والأعراف الدولية والإنسانية وقتل المدنيين من نساء وأطفال وأطباء وصحفيين وقصف المدارس والمستشفيات والمنازل المأهولة بالسكان وارتكب كافة الجرائم التي يبرع فيها اليهود منذ فجر التاريخ، ابتدأ من التآمر على أخيهم الطفل يُوسُف ثم رميه في البئر مروراً بكل الكفر والعصيان والشرك وعبادة العجل في عهد موسى، إلى رفضهم أوامر الله والقتال مع نبي الله داوود، وإلى قتل العشرات من الأنبياء والمرسلين بمن فيهم يحيى والسيد المسيح -عليهم السلام-، إلى محاربة رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- ودين الله، ووقوفهم خلف كُـلّ ظلم وفساد وانحراف في هذا العالم.
وإلى يومنا هذا يستمر أعداء الله والبشرية اليهود في ارتكاب الجرائم طالما هناك حبل من الناس (أمريكا) ودعم عسكري واقتصادي وسياسي غربي وأمريكي لن يتوقفوا، وطالما أمريكا قادرة على منع وإيقاف دائرة الصراع من التوسع، وتتحكم في ردود الأفعال العربية والعالمية بالحد الأدنى، وتمسك بلجام الأنظمة العربية وإيقاع الشارع العربي، وقد نجحت في ذلك حتى الآن، وليس هناك من هو خارج عن السيطرة الأمريكية والصهيونية إلا حزب الله الذي كبد العدوّ الصهيوني الكثير من الخسائر ويتسبب بالكثير من القلق والصداع الدائم للكيان وأمريكا، إلا أن الضغوطات الكبيرة التي يتعرض لها حزب الله من الداخل اللبناني تحد وتقف عائقًا أمام توسع عملياته داخل الكيان.
اليمن العظيم المعضلة الأكبر بقياداته الثورية التي لا تخشى شيئًا في الله، الذي تسبب حتى اليوم بما هو أكبر وأعظم من القلق والصداع للكيان وأمريكا، وجعلهم في وضع لا يحسدون عليه يتكبدون المرارة والخسائر المعنوية والمادية؛ نتيجة الضربات الحيدرية، واتِّخاذ اليمن قرارًا شجاعًا وتاريخيًّا تمنع فيه اليمن سفن العدوّ الصهيوني من عبور باب المندب والبحر الأحمر، وتستهدف وتحتجز كُـلّ السفن المخالفة لهذا القرار الذي له تبعات وتداعيات كبيرة على الكيان الصهيوني، يتجاوز معاناة تلك السفن في الإبحار شهرًا كاملاً حول القارة الأفريقية وتحمل ما يزيد عن نصف مليون دولار ثمن وقود وهناك رواتب ومصاريف تشغيلية وغرامات تأخير وتأمين عالي المخاطر، وأكثر من ذلك حالة الإذلال النفسي الناتج عن القبول بهذا الأمر والواقع المفروض من دولة كانت وإلى قبل 10 سنوات من أضعف الدول وأكثرها تبعية لأمريكا، حتى إن اليمن لم يكن لديها قوة بحرية بتوجيهات من أمريكا، مع أن البحار تحيط باليمن المطلة على أهم طرق الملاحة الدولية وباب المندب الاستراتيجي وساحل يمتد من البحر الأحمر غرب الجزيرة العربية ويصل إلى البحر العربي جَنُوب شرق الجزيرة العربية؛ ما يجعل أمريكا بكل ما تمتلك من أساطيل وحاملات طائرات وقطع بحرية هي الأكثر تطوراً وقوةً في موقفٍ حرج وعاجز عن مواجهة هذا التهديد والتحدي غير المسبوق في تاريخ أمريكا والمنطقة، التي كانت بمنزلة حديقة خلفية لواشنطن التي وجدت نفسها في مأزِق كبير يصعب التعامل معه بقوة أَو بأية حماقة من شأنها أن تؤدي إلى حرب شاملة أقل مخاطرها إغلاق باب المندب والبحر الأحمر أمام الملاحة الدولية يدخل أُورُوبا في عصر جليدي بلا طاقة أَو تدفئة، خُصُوصاً أن روسيا قد أغلقت الصنبور وقطعت الغاز والنفط عن القارة العجوز منذ سنوات نتيجة الحرب في أوكرانيا وأعلى تلك المخاطر حرب عالمية ثالثة تدخل فيها روسيا والصين وإيران وكلّ العالم.