اليمنُ بعضُ فلسطين
موقع أنصار الله ||مقالات||عبد الحميد الغُرباني
لقد تصوَّرْنا لسنين أن القدرَ الحتميَّ أمامَنا ليس سوى حَقِّ الشهادة، أن نُشهِرَ دماءَنا ناصِعةً في وجه الطُغيان، لكن القدرَ في رِكابِ السيد قائد الثورة تغيَّرَ بشكلٍ دراماتيكي، يُمكِنُنا أن نُرعِبَ الأمريكان والصهاينةَ، وأن نُزلزِلَ بقبضاتِنا ثكناتِهم في كُـلّ مكان ونهتفَ بالرصاص الحي لا أن نكونَ المقتولين.
اليومَ ومع عمليات القوات المُسلحة المُناصِرة لغزة هاشم يكتشفُ العالَمُ أجمعُ مَكْمَنَ القوة الهائلة في شعب الإيمان والحكمة، وتكتشفُ الأُمَّــةُ أن اليمنَ مِلْحُ أرضِها ودُرَّةُ التاج في أهلها.
اليومَ اليمنُ يفرضُ قواعدَ اشتباك جديدة وَيُميد الأرضَ تحت أقدام الصهاينة والأمريكان..
لقد أنهى اليمنُ في لواء السيد القائد زمنَ “بِوُدِّنا ويعلمُ الله أننا نُقاتِلُ معكم جنباً إلى جنبٍ وكتفاً بكتف” بالقرار الشجاع، وتحول التمني إلى حقيقةٍ كُبرى ماثلةٍ للعيان، نعم نستطيعُ وها هي صفوفُنا تقاربت واندمجت معهم في خندقٍ واحد.
سيدي قائد الثورة: لقد فتحت صفحةً جديدةً في تاريخ هذه الأُمَّــة..
اليومَ حق علينا أن نستحضرَ الشهيد القائد وسائرَ الذين انتصروا على السيف بالدم القاني ليكملوا المسيرةَ والمسيرَ، إغلاقُ الملاحة في البحرَينِ العربي والأحمر أمام كيان العدوّ بكل الصور والطرق يجدِّدُ تحديدَ العدوِّ بدقة الذي يستهدفُه اليمن، وأيُّ تَبَاكٍ على الملاحة هو صوتٌ للإمبريالية الأمريكية وللصهيونية العالمية ومن معهما، واليمنُ لا يكترثُ له أبداً.
البُوصلةُ بالنسبة لليمن هي هي لم تتغيَّرْ وَلن تتغيَّرَ: فلسطينُ القضية، واليمنُ بالمعنى الإسلامي والعربي بعضُ فلسطينَ وأزمتُه هي –في جوهرها– أحدُ تجليات الصراع مع العدوّ الصهيوني والأمريكي في لحظة التطبيعِ الخليجي وما قبل التطبيع المُعلَن.
وعلى من يحاولون القضاءَ على كُـلّ لمعةِ ضوء في دنيانا أن يستوعبوا ذلك، أن يحنوا الرؤوسَ ويفخرون بيمنِ الواحد والعشرين من سبتمبر، يمنِ السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي..
اليوم وبعد أكثرَ من شهرَينِ على مواجهة محتدمة مع الكيان الصهيوني يحق لنا أن نقولَ: لقد فَشِلَت أمريكا وفشل الكيانُ الصهيوني والغربُ الكافر في إعادة خلق صورةٍ تُطمْئِنُ المُستوطنين بمستقبلٍ قادمٍ على الأراضي الفلسطينية المحتلّة، فشلوا ليس فقط؛ لأَنَّ غزة لم تنهزمْ وأن حماسَ باقية وَشامخة، بلْ لأَنَّ أيةَ حرب تستهدفُ أَسَاساً قهرَ إرادَة الخصم أَو العدوّ وإجباره على تغيير نهجه وسياسته؛ فمن حقّق هذا الهدفَ حتى الآن: المقاومةُ أم العدوُّ الصهيوني الأمريكي؟ الإجَابَة واضحةٌ واليمنُ يُثْبِتُها بكل سبيل وبشكل مدروس.
لم تفشلْ أمريكا والكيان الصهيوني لما سبق وحسب، بل وَلأَنَّ السيد نصر الله في لبنان وَالسيدَ القائد في اليمن لم يخافَا من احتمالِ توسيع دائرة المواجهة، وَلم يتردّدَا في قبول التحدي والدَّوسِ على التهديدات الأمريكية والغربية وإشعال الجبهة اللبنانية بوجه العدوّ وإغلاق الملاحة أمامَه في بحرَينِ اثنين في وقت واحد، حتماً وبفضل الله وعونه سيخرجُ محورُ الجهاد والمقاومة مُنتصِرًا؛ لأَنَّه لم يسمحْ لأمريكا –بكل أساطيلها– أن تقهَرَ الإرادَةَ الفلسطينية وإرادَةَ شعوب المحور أجمع؛ ولأنه اتخذ قراراتٍ تاريخيةً مجيدةً بالمواجهة؛ ولأنه أطلق النارَ أولاً وأخيراً على الكيان الصهيوني وعلى أمريكا.
النصرُ هو القرار، هو الصمودُ والثباتُ وَالمواجهة بعدَ يوم الطوفان العظيم، الذي فتح البابَ نحو وعدِ الآخرة وتركه مفتوحاً في حربٍ مفتوحة.