الماردُ اليمني.. وخياراتُ المقاومة
موقع أنصار الله ||مقالات||خلود الشرفي
أضحت حوادثُ احتجاز السفن الإسرائيلية المتتالية كُـلّ يوم، حديث الساعة، وأُسطورة العصر، فكيف لدولةٍ مثل اليمن أن تجرؤ على اتِّخاذ مثل هذا الخطوة الخطيرة، وعلى مسمع ومرأى من العالم الكافر والمنافق على حَــدّ سواء؟!
وأنى لدولة فقيرة قد أنهكتها الحروب العالمية وعلى مدار تسع سنوات أن تتخذ مثل هذا القرار البالغ الأهميّة، في حين أن دول وإمبراطوريات وممالك متخمة بالأسلحة، مليئة بالثروات، لم تجرؤ حتى على إصدار قرار رسمي يجرّم التعامل مع هذا الكيان الغاصب، المختل عقلياً، والذي يعاني من الهرم والشيخوخة وهو الذي لم يبلغ سن المراهقة بعد، فلم يكن كيان الكفر والإجرام موجوداً قبل الـ80 سنة المنصرمة، ولن يكون موجوداً خلال السنوات القادمة بإذن الله تعالى.
ومن يتأمل في كتاب الله الكريم، سيجد أنه مليئاً بالحديث عن بني إسرائيل وما يكون منهم من العبث والإفساد، خلال فترة تمكّنهم وهيمنتهم، ولكن سرعان ما تمر هذه الفترة، ليكن اليهود أذلاء وتائهين من جديد، وهَـا هو النص القرآني الصريح يتجلى بأبهى صورة، وأجمل حلة في واقعنا اليوم، ونحن نرى بأم أعيننا أحلام اليهود تتبدد أمام أعينهم، يوماً بعد يوم، ويشتد السواد، وتظلم الدنيا أمامهم، وما الجرائم الهستيرية التي يرتكبونها بحق المواطنين الأبرياء في غزة العزة، إلاّ تعبيراً عما يكنونه لهذه الأُمَّــة ككل من بغض، وما يضمرونه لها من حقد، وتنفيساً عن مشاعرهم المكبوتة، وخوفهم المتزايد من زوال دولتهم، وانقضاء فترة هيمنتهم التي باتت واضحة وضوح الشمس في منتصف النهار، ورغم تهاوي عروشهم، وتماهي وجودهم، الذي هو أضعف من بيت العنكبوت، أمام مسمع ومرأى من العالم أجمع.
فما زال شذاذ الآفاق، وحثالة الأعراب، على دأبهم من التزلف والانبطاح أمام شرذمة قليلة، ضرب الله عليها الذلة والمسكنة، وباءت بغضبٍ من الله، فماذا عساهم يرتجون من إخوان القردة والخنازير، وما الذي دعاهم إلى موالاة ومحاباة الكافرين، وبغض المؤمنين، وبأي لسان يجيبون على الله سبحانه وتعالى، إذَا سألهم عن تلك الدماء المسفوكة ظلماً، وتلك الأشلاء المتناثرة قطعاً، للأطفال الأبرياء، وبأي حال سيكون مصيرُ أُولئك المنافقين المنبطحين الذين قست قلوبُهم حتى أضحت أشد قسوةً من الحجارة؟!
أليس من الأحرى بهم إذَا لم يعجبهم الهدى، أن يكفوا شرَهم عن خلق الله تعالى، فلا أقل من ذلك، ولكن العرق الخبيث يأبى إلا خبثاً، والأصل القبيح لا يزيد إلا قبحاً، فقبّح الله تلك الأجساد السمينة المتخمة من أموال الأُمَّــة، وسوّد الله تلك الوجوه السوداء، التي طالما سودّت وجه الأُمَّــة العربية، بمواقفها المشؤومة، ومساويها التي باتت منشورة على الملأ، ومفضوحة للعالمين.
“أفي كُـلّ يوم لكم فارس تندبونه
له عورة وسط العجاج ظاهرة؟!”
وفي سياقٍ آخر، يأتي دور اليمن المشرّف، المشرق، الوضّاء، المنير، كما الشمس في رابعة النهار، موقف مبدئي واضح، ثابت، مصيري، خالد، استعداد على أعلى مستوى، وجهوزية تامة لأي مستجدات، ويقين كامل بوعد الله تعالى للمؤمنين الصادقين، وبالنصر والتمكين لمن جاهد في سبيله، واستمسك بعروته الوثقى، المتمثلة في الثقلَين العظيمَين، اللذَين تزول الجبال ولا يزولا، حتى يرث الله الأرض ومن عليها.
ما دام الله -سبحانه وتعالى بِمَنِّه وكرمه- قد منّ على شعب الإيمان والحكمة بعَلَمِ هُدى، وقائد قرآني، فلنعلمْ جميعاً أننا مقبلون على مرحلة جديدة، ووعد إلهي عظيم، بدأت تجلياته تتحقّق وسط ذهول من عالم الصمت، ودول التطبيع، التي أضحت تراقب في حيرةٍ كبرى الضربات الحيدرية التي يشنّها أنصار الله على أهداف إسرائيلية حساسة، وعلى مسافات بعيدة المدى، فتسود وجوهها، ويسوء حالها، عند أسيادها، الذين فوضوا إليها مهمة القضاء على جنود الله بالنيابة عنهم، وأوكلوهم لسحقهم وإبادتهم عن بكرة أبيهم، حتى يعودوا إلى حظيرة الولاء للبيت الأبيض، والصهيونية العالمية.
ومن جانبهم أُولئك الأوغاد الخونة لم يقصروا فقد قاموا بالواجب وزيادة، إلا أن المفاجأة كانت بمثابة صدمة نفسية كبيرة، وإحباط لا مثيل له، فهَـا هي اليمن أصبحت بموقع قوة تمكّنها من ضرب إسرائيل في عقر دارها، وهَـا هو المفتاح السحري للملاحة الدولية بات في قبضتها وملك يمينها، وهَـا هي تلك الدولة الضعيفة التي أثخنتها الحروب على مدى تسع سنوات عجاف أصبحت تمتلك أقوى الأسلحة في العالم، وأضخم منظومة صاروخية عرفها التاريخ، بشهادة العدوّ قبل الصديق، بل وأصبحت مصدر خوف وقلق على الدول الكبرى، كُـلّ ذلك بعد أن زعم عدوان التحالف المجرم، وأعلن بكل فخر وغرور، أنه قد قضى على أسلحة “الحوثيين المتمردين” وأنه لا قلق على وجود إسرائيل بعد ذلك!!
فكان ظهور المارد اليمني على مسرح الأحداث بشكل رهيب، لم يخطر لهم على بال، وبمثابة ضربة قوية أسقطت هيبة أمريكا الكاذبة في الوحل، ومرغت أنف الخونة والمطبعين في التراب، وأوقعت أُسطورة إسرائيل في مقتل، والقادم أعظم بإذن الله تعالى، “وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ”.