السّيدُ القائد وعَهدُ الإمام علي

موقع أنصار الله ||مقالات||مطهر يحيى شرف الدين

ذات يوم وَحين قراءتي لعهد الإمام علي بن أبي طالب -عليه السلام- لمالك بن الحارث الأشتر، حين ولاه مصر دعتني الحاجة الماسة إلى تعزيز معرفة بعض المفردات الغريبة ومعانيها وعلاقاتها ودلالاتها بما بعدها وما قبلها من جمل وفقرات نص العهد، فتذكرت سريعاً السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي -يحفظه الله- حين ألقى على مسامعنا جميعاً دروساً خَاصَّةً شرح فيها العهد بصورة مفصلة جِـدًّا وموضحة وبشكلٍ متصل ومؤثر لمشاعر وأذهان السامعين، ومنهم الكثيرون المعنيون بتطبيق العهد، الملامسون للمجتمع في إصلاح أبنائه وتدبير شؤونه وأموره، والمواجهون لمحور الشر في هذا العالم ومن يمثله من الطغاة الظالمين المستكبرين، وما يجب أن يكون عليه أبناء الأُمَّــة في جهاد عدوهم، وفي تقواهم وإيثار طاعتهم لله واتباع ما أمر الله في كتابه الكريم.

وحين اطلاعي لعدد من دروس السيد القائد بهذا الشأن وجدتُ ضالتي ووجدت معها رؤية عميقة جِـدًّا وتحليل دقيق وشرح مستفيض وسرد مطول من دون إسهاب أَو ملل، مما يجعل القارئ لتلك الدروس والشروح على بينة ووضوح لمراد وغاية وأهميّة العهد وأهدافه، وأقولها شهادةً بملء الفم وقوة اللسان، لله وللتاريخ وللعالم: ألا أحداً من علماء وأعلام الأُمَّــة الإسلامية قام بشرح “عهد الإمام علي لمالك الأشتر” بشكلٍ مفصل وواضح وميسر وشيق كمثل ما شرحه السيد القائد -يحفظه الله-..

إنه بحق مدرسة مثالية وفريدة ومتميزة في اللغة وَالبيان والتبيين، فقد بيّن أبعاد تطبيق العهد الإيجابية في إقامة ونشر الدين وثمرة القيام به في تحقيق سعادة الناس وعواقب التفريط والتقصير في العمل به، لما في مضامينه وتفاصيله من أسس وقيم إيمانية وجهادية تتمثل في الصدق مع الله وفي زكاء النفس وسلوك الأعمال الصالحات والرحمة والتواضع والعدل والإنصاف وضرورة الارتباط بالمنهج والقيادة، كثير من العناوين والمواضيع التي أخذت طابع العبادات والتعاملات مع الآخرين تحدث عنها وبيَنها السيد القائد في عدة دروس وَحلقات عديدة لساعات طوال، وكأنه موسوعة وَقاموس أحاط بكل ما له علاقة بتنظيم وإدارة أمور الدولة وشؤونها ومواردها، وكذلك اعتبارات اختيار القضاة والموظفين والتجار والاستفادة من الكوادر العلمية والشخصيات الاجتماعية في بناء دولة الإسلام.

ومن يقول عني مبالغ في إعجابي الشديد بفلسفة وشرح السيد القائد لعهد الإمام علي، فليقرأ أَو يسمع بتمعن الدرر الثمينة التي ينثرها في أوساطنا كمجتمع مستهدف ونظام دولة أشد الاحتياج للعهد في تطبيقه؛ لنصل إلى إدارة رشيدة ومجتمعٍ مثالي تسوده الفضيلة وَالعزة والكرامة والسيادة، امتثالاً لقوله سبحانه: “كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ”.

وعلى سبيل المثال نستعرض هذه الفقرة من نص العهد: “فإِنَّ هَذَا الدِّينَ قَدْ كَانَ أَسِيراً فِي أَيْدِي الْأشرار، يُعْمَلُ فِيهِ بِالْهَوَى، وَتُطْلَبُ بِهِ الدُّنْيَا”، يتحدث عنها السيد القائد بالشرح والإيضاح فيقول: “كُـلّ هذه القيم كُـلّ هذه المبادئ العظيمة مبادئ الإسلام، نظام الإسلام، منهجية القرآن؟ ما الذي أضاعها، ونحن نقرأها من أول ما قرأنا في هذا العهد المبارك، ما الذي أضاع هذه المبادئ، والتعليمات، وهذه الأسس وَالمعايير؟ أضاعها الأشرار الذين عبثوا بالدين حتى فقد الناس الشعور بعظمة الإسلام، بقيمة الإسلام وأثره في حياتهم، بما يمثله من حَـلّ وصلاح في واقع حياتهم، الأشرار أضاعوا كُـلّ هذه المبادئ وَالأسس وَالقيم وأتوا بالبديل عنها مما ضيَّع العدل وَضيَّع الحق وَضيَّع الأُمَّــة، ضيَّع قيمة الدين وأثره في حياة الناس”.

(يُعْمَلُ فِيهِ بِالْهَوَى): بهوى النفوس، (وَتُطْلَبُ بِهِ الدُّنْيَا)، هذا ما أثَّر على الناس ويؤثر.

فلذلك إذَا أراد الناس الخير لحياتهم، والصلاح لحياتهم، والاستقرار في حياتهم، والتغيير لواقعهم نحو الأفضل، فليعودوا إلى هذه المبادئ القرآنية الإسلامية، إلى هذه المعايير ليصححوا وضعيتهم على أَسَاسها.

قد يعجبك ايضا