أهمية إدراك أهمية دور أمير المؤمنين عليٍّ “عَلَيْهِ السَّلَامُ” بالنسبة للأمة الإسلامية
يشير السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي “حفظه الله” في المحاضرة الرمضانية السادسة عشرة، إلى ذكرى استشهاد أمير المؤمنين عليٍّ “عَلَيْهِ السَّلَامُ” في ليلة الحادي والعشرين من شهر رمضان المبارك، سنة أربعين للهجرة، حيث ارتقى شهيداً، ولحق بالرفيق الأعلى، عندما استهدف غِيلةً، ضَرَبَه ابن ملجم لعنه الله، أشقى الأولين والآخرين، وضربه بالسيف في مسجد الكوفة، عندما خرج لصلاة الفجر، في ليلة التاسع عشر من شهر رمضان المبارك، وارتقى شهيداً في ليلة الحادي والعشرين.
يؤكد السيد القائد أن أمير المؤمنين عليٌّ “عَلَيْهِ السَّلَامُ” حظي بحسن الختام شهيداً فائزاً، في ليلةٍ مباركة، وهو متممٌ بذلك رصيده العظيم من الأعمال الصالحات، التي كان فيها سبَّاقاً، ومبادراً، ومتميزاً، وقد استقبل الشهادة بقوله: ((فُزتُ وَرَبِّ الكَعبَةِ))، واستقبلها وهو مؤمنٌ، وواثقٌ، ومبشَّرٌ من قبل، كما بشَّره رسول الله “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَـيْهِ وَعَلَى آلِه” بالشهادة فائزاً، ومقبولاً عند الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وقد سَلِمَ له دينه؛ لأنه عندما بشَّره النبي وأخبره بالشهادة، أخبره أنه سيُقتَل، وستخضب لحيته من دم رأسه، قال: ((أَفِي سَلَامَةٍ مِن دِينِي؟ قَالَ: نَعم))، قال له رسول الله “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَـيْهِ وَعَلَى آلِه”: ((نَعم. قَالَ: إِذاً لَا أُبَالِي))، فهو كان مستبشراً؛ لأنه كان على طريقةٍ يفوز من سار عليها، وهو استقام على نهج الله، على الحق، على الصراط المستقيم، فلقي الله على ذلك، فكان يسير في تلك الطريق العظيمة: طريق الحق، الصراط المستقيم، ولقي الله على ذلك، ((فُزتُ وَرَبِّ الكَعبَةِ)).
وفيما كان استشهاده فوزاً عظيماً له، يؤكد السيد القائد أن ذلك أيضاً كان خسارةً رهيبةً على الأمة، في مرحلةٍ خطيرة من أخطر المراحل التي تحرَّكت فيها فئة المنافقين، وارتباطها لخدمة أعداء الإسلام؛ ويبين ان حركة النفاق التي حَمَل رايتها آنذاك طغاة بني أمية، استهدفت أمير المؤمنين علياً “عَلَيْهِ السَّلَامُ”؛ لأنه يمثل أكبر عائقٍ أمامها في أهدافها للسيطرة على الأمة، والانحراف بالأمة، والتغيير لمسار الأمة، والتزييف للانتماء الإسلامي للأمة، وكانت ترى في أمير المؤمنين عليٍّ “عَلَيْهِ السَّلَامُ” أكبر عائقٍ أمامها.
ولهذا، يؤكد السيد القائد ادرك أهمية دور أمير المؤمنين عليٍّ “عَلَيْهِ السَّلَامُ” بالنسبة للأمة الإسلامية بشكلٍ عام، أنه كما قدَّم النموذج الكامل الراقي للإسلام في مبادئه، وقيمه، وأخلاقه، وآثاره التربوي، وحمل راية الإسلام كجنديٍ ومؤازرٍ لرسول الله “صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّم”، وأسهم إسهاماً عظيماً في إقامة دين الله، والتصدي لأعداء الإسلام، وأنه أيضاً يمثل الامتداد الأصيل النقي للإسلام، ويؤكد السيد القائد أن هذه مشكلة حركة النفاق معه في أنه يمثل الامتداد الأصيل النقي للإسلام، وهو الشيء الذي بيَّنه الرسول “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَـيْهِ وَعَلَى آلِه”، ونبَّه عليه الأمة، تجاه ما يعني لها دور عليٍّ “عَلَيْهِ السَّلَامُ”؛ ولذلك أتت النصوص المهمة التي نقلتها الأمة بمختلف مذاهبها من مثل قول رسول الله “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَـيْهِ وَعَلَى آلِه”: ((عَلِيٌّ مِنِّي بِمَنزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى، إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي))، ومن مثل قوله “صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّم” لعليٍّ “عَلَيْهِ السَّلَامُ”: ((لَا يُحِبُكَ إلَّا مُؤمِن، وَلَا يُبغِضُكَ إِلَّا مُنَافِق))، ومن مثل قول رسول الله “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَـيْهِ وَعَلَى آلِه”: ((عَلِيٌّ مَعَ القُرْآنُ، وَالقُرْآنُ مَعَ عَلِيّ))، ومن مثل قوله: ((عَلِيٌّ مَعَ الحَقّ، وَالحَقُّ مَعَ عليّ)).
يؤكد السيد القائد أن أخطر ما تسعى له حركة النفاق في داخل الأمة هو التزييف للإسلام، وتقديم صورة مزيَّفة عن الإسلام، تتأقلم وتتوافق مع الطغاة، والمجرمين، والظالمين، وأن هذه قضية خطيرة، استمر خطرها في داخل الأمة، واشتغل على هذا النظام الأموي لدهر طويل، واشتغلت عليه أنظمة متعاقبة، ويشتغل عليه الأعداء في هذه المرحلة، في هذا العصر بشكل كبير جداً، ويبين أن الأعداء: اللوبي اليهودي الصهيوني في المقدِّمة، يرى أنَّ الإسلام في حقيقته النقية، والأصيلة، يشكِّل عائقاً أمام اللوبي اليهودي الصهيوني؛ لأن البرنامج اليهودي الصهيوني هو برنامج فساد، إجرام، رذيلة، منكر، باطل، ضلال، وانهم يسعون إلى أن يزيحوا هذا العائق.
وفي هذا السياق، يبين السيد القائد أن من وسائل الازاحة لهذا العائق، هو: التزييف، وتقديم صورة ممسوخة، مشوَّهة، محسوبة على الإسلام، وليست هي الإسلام في حقيقته، ونقائه، وصورته الواقعية، وهذه قضية خطيرة؛ ولذلك نرى بكل وضوح، وبأدنى تأمل، أنَّه فيما يتعلق بعصرنا الراهن، فإن هناك عمل للأعداء (للوبي اليهودي الصهيوني) في خطين متوازيين، في مسألة التزييف، وتقديم صورة مشوَّهة مزيفة عن الإسلام.
يؤكد السيد القائد الخط المبني على حالة التشويه بالتشدد والإفراط، وتقديم صورة متزمِّتة، إجرامية، متوحشة عن الإسلام، وهذا هو المسار التكفيري، الذي يبرز تحت عنوان التشدد الديني، بطريقة بعيدة عن الالتزام الديني، وفيها إساءة، وإجرام، ووحشية، وتشويه للجهاد في سبيل الله، وفيها قتل الأبرياء، وفي المقدِّمة قتل للمسلمين في أسواقهم، ومساجدهم، وفي مختلف تجمعاتهم، واختيار جرائم معينة، مقيتة، وسلبية، ومشوِّهة جداً؛، ويبين أن ذلك الخط يتَّجه على أنه يمثل التشدد في الإسلام، والجهاد، وهو في نفس الوقت يحقق هدفين للأعداء هما: التشويه من جهة، بالطابع الإجرامي، الوحشي، المتزمِّت، والخالي من أي رسالة إيجابية في الحياة، ومن أي دورٍ حضاريٍ في الحياة، وأيضاً القتل لأبناء الأمة، والتدمير للأمة، والاستنزاف للأمة في مقدراتها، وفي رجالها، وفي ثروتها، ويؤكد السيد القائد أن هذا الخط الذي يصنعه الأعداء، ويشتغلون عليه، وهو نسخة لها ما يشابهها في التاريخ الإسلامي، وصولاً إلى ابن ملجم، لكن الأعداء يشتغلون في اتِّجاه واحد.
وبالرغم مما يحصل الآن في غزة، وما يشاهده كل العالم، وفي المقدِّمة المسلمون، من إجرام رهيب، وعدوان ظالم غاشم، من قِبَل العدو الصهيوني، ضد الشعب الفلسطيني، يؤكد السيد القائد أن التكفيريين من القاعدة وداعش لا يتحركون لفتح جبهة مباشرة لقتال العدو الإسرائيلي، مع أنهم يقدِّمون أنفسهم أنهم يمتلكون القدرة على الاختراق لكل الدول، والوصول إلى أي بلدٍ يريدون، ولكن باستثناء العدو الإسرائيلي، وأنهم لا يريدون أبداً أن يفتحوا جبهةً عليه، ولا حتى بالتحريض ضده، ولا حتى بالحديث عنه كعدو، بل يحاولون أن يهمِّشوا هذا الجانب، وكأنه لا يوجد شيء اسمه اليهود الصهاينة، يحتلون أرض فلسطين، يقتلون الشعب الفلسطيني، يرتكبون أبشع الجرائم في الاستهداف للشعب الفلسطيني، كأن ذلك لا يوجد أبداً.
ويبين السيد القائد أن الخط الآخر الذي يوازيه، هو خط التمييع، والإفساد، وتقديم صورة غريبة عن الإسلام، وتقديم نوع آخر ينتمي للإسلام، يدَّعي تمثيله للإسلام، وهو يستبيح الرذائل، والمنكرات، والفواحش، وسيقيم مهرجانات للفحشاء والمنكر، ويعمل الأعمال الفظيعة.
ويؤكد السيد القائد أن هذه هي مشكلتهم مع أمير المؤمنين عليٍّ “عَلَيْهِ السَّلَامُ”؛ لأنه يمثل الامتداد الأصيل للإسلام، وأن ندرك أهمية ذلك فيما يعنيه لنا، وأن أمير المؤمنين هو نسخة للإسلام، تجسَّدت في أرض الواقع، ولامتداده النقي والأصيل.