الديمقراطيةُ الأمريكية المزيَّفة

موقع أنصار الله ||مقالات ||د. فؤاد عبدالوهَّـاب الشامي

من المعلوم أن أمريكا تقصُدُ بالديمقراطية أن يحكُمَ الشعبُ نفسَه بنفسه عن طريقِ ممثليه الذي ينتخبُهم للبرلمان، ويقوم أُولئك الممثلون بتنفيذ السياسات التي تتوافق مع رغبات الشعوب، ولكن في الوقع الأمريكي لا نرى ذلك، وأما خارج أمريكا نجد أنها تقوم بتحريك الشعوب لمواجهة الأنظمة التي تخالف السياسات الأمريكية، وبمُجَـرّد خروج الجماعات المحتجة للتظاهر ضد سلطة بلادها تتعهد أمريكا بحمايتها وتضغط على السلطة لتلبية مطالب المحتجين، وَإذَا لم تتم الاستجابة لتلك المطالب تهدّد باتِّخاذ إجراءات عقابية ضدها، وهذا ما نراه على الدوام في تصرفات أمريكا نحو البلدان التي ترفض الخضوع لها.

وما يحدث في أمريكا هذه الأيّام من تعامل مع طلاب الجامعات يخالف القيم الديمقراطية وحق الشعوب في التعبير عن رأيها الذي تسوقه للخارج؛ فمن هذا المنطلق خرج الناس إلى الشوارع لرفض السياسات الأمريكية الداعمة للكيان الصهيوني والدعوة إلى وقف الحرب في غزة ومنع الإبادة الجماعية، وكلّ تلك الاحتجاجات وخَاصَّة الاحتجاجات الطلابية لا تتعارض مع القيم التي تدعيها أمريكا ولا مع القوانين السائدة فيها، وهي في إطار التحَرّكات السلمية ولا يوجد فيها ما يشير إلى استخدام العنف من قبل المحتجين، ولكن في مضمونها تتعارض مع التوجّـهات الأمريكية ومع مصالح السياسيين وضد المصالح الصهيونية، ولذلك شعر اللوبي الصهيوني بالخطر من النتائج التي يمكن أن تتمخض عن تلك الاحتجاجات السلمية، فدفع المؤسّسات السياسية الأمريكية إلى التحَرّك لفض الاحتجاجات ووقفها وخَاصَّة في الجامعات؛ لأَنَّ الموضوع يمكن أن يشكل تهديداً للكيان الصهيوني الذي يعتبر في أمريكا خطاً أحمرَ بموجب قانون معاداة السامية الذي وجد لحمايته وحماية كُـلّ من ينتمى إليه، ومن سوف يوجه لومه أَو انتقاده إلى هذا الكيان سوف يعاقب بموجب القانون المذكور الذي أصبح سيفاً مسلطاً على رقاب الناس في أمريكا وأُورُوبا وتقف أمامه كُـلّ القيم التي تدعيها أمريكا.

وكشف الموقف الأمريكي من احتجاجات الطلبة في الجامعات زيف الادِّعاءات الأمريكية بحماية الديمقراطية والحرية وحق الشعب في التعبير عن رأيه بعد أن ضربوا بها عرض الحائط، وقد رأينا كيف كشر الساسة الأمريكيون عن أنيابهم عندما خرجوا إلى العلن يكيلون التهم للطلاب المحتجين، تارة يتهمونهم بتلقي الدعم من إيران، وتارةً يتهمون حماس أنها من تقف خلف الاحتجاجات الطلابية، وتارة أُخرى يعتبرون الاحتجاجات معاديةً للسامية، ويطالبون على ضوء تلك الأكاذيب باستخدام القوة ضد المحتجين وسجنهم وفصلهم من الجامعات والسبب أنهم رفعوا صوتهم في وجه الكيان الصهيوني، وهذا يكشف الوجه الحقيقي لأمريكا أحد أذرع اللوبي الصهيوني.

قد يعجبك ايضا