هكذا صرخ الشهيد القائد .. يجب أن يكون لنا موقف
الصرخة في وجه المستكبرين التي أطلقها السيد حسين بدر الدين الحوثي قبل أكثر من 22 عام تعبيرًا عن رفضه للظلم والاستبداد، واستنكارًا للهجمات الأميركية على المنطقة. لم تكن مجرد صرخة، بل كانت موقفا إسلاميا وإنسانيا ترجم الرفض للمؤامرات الأمريكية بحق أمتنا وديننا وما يزال صداها يتردد إلى اليوم، بيد أنها أخذت منحى تصاعدي سوى على مستوى الانتشار أو على مستوى الوعي الذي خلقته في أوساط الشعب اليمني لدرجة أنهم اليوم في طليعة أبناء الأمة المواجهين للمشروع الأمريكي الصهيوني الهادف للهيمنة على المنطقة ونهب ثرواتها وانتهاك كرامة أبنائها وسلخهم من هويتهم الإسلامية استبدالها بثقافة التدجين والتمجيد لكل ما هو أمريكي وصهيوني..
أما الوجود الأمريكي على مستوى الساحة اليمنية فقد استطاع المشروع القرآني بصرخته المدوية أن يجتث الوجود الأمريكي في اليمن وأن يعزز مكانة اليمن على الساحة الدولية كلاعب فاعل في مواجهة الغطرسة الأمريكية رغم الحروب التي شنتها أمريكا منذ العام 2004 التي حاولت ـ وما تزال ـ من خلالها وأد هذا المشروع وإسكات هذه الصرخة
بالفعل، خمس كلمات هزمت أمريكا وأثرت في تشكيل وجدان الشعب اليمني وحفزت النفوس ووجهت الأفكار نحو العدالة والحرية. إنها موقف مهم ومؤثر في الدفاع عن الأمة والوقوف في وجه الظلم والاستكبار في هذا المقال سنتناول الصرخة في وجه المستكبرين من وجهة نظر الشهيد المؤسس السيد حسين بدر الدين الحوثي:
كيف يجب أن نكون
يرى السيد حسين أن القرآن الكريم اشتمل على كل ما يمكن أن ينهض بالأمة وأن يؤهلها في مواجهة أعدائها بكل الوسائل والأساليب يقول في محاضرة [وإذ صرفنا إليك نفر من الجن]: ( القرآن الكريم في (سورة التوبة) – وسورة التوبة هي من أجمل السور في القرآن الكريم في مجال التعبئة العامة للمسلمين في مواجهة أعدائهم – تناولت كل مواضيع المواجهة، أولئك الذين ينطلقون للتثبيط هاجمتهم مهاجمة قوية، توبيخ عنيف، سخرية منهم استهزاء بهم، تحطيم لمشاعرهم، وفعلاً الإنسان الذي يتجه إلى الحق، ويكون موقفه موقف حق لا تتوقع أن بإمكان الباطل أن يقف أمامك إلا إذا حصل تقصير من جانبك، أو أنت لم تهيئ نفسك بالشكل المناسب في أسلوبك، في تقديمك للحق بأن يكون بالشكل الذي يزهق الباطل.
حقيقة من يسخر عندما نرفع الشعار
ورغم إدراك الكثير من الناس لما تفعله أمريكا وإسرائيل من جرائم ومجازر في دول مختلفة من العالم الإسلامي إلا أنه كان يدرك أن هناك من سينطلق للتثبيط والسخرية من إطلاق شعار الصرخة ويتهرب من المشاركة ويخوف الآخرين ولهذا كانت هذه النقطة من أهم النقاط التي نبه عليها الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي (رضوان الله عليه) يقول في نفس المحاضرة السابقة : ((نحن بعد أن رفعنا هذا [الشعار] شعار: [ الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام].
من المتوقع أن تسمع من بعض الناس هنا، وهناك: يسخر من هذا الشعار، أو يتهرب من المشاركة فيه، أو يخوّف الآخرين من أن يرفعوه، فيتوقع أنه قد يحصل كذا أو قد يحصل كذا، أو ربما، أو احتمالات….، وهذا هو من ضعف الإيمان؛ لأننا نجد هذا الشخص هو من ينطلق على أساس الاحتمالات، ويترك اليقينيات، اليقين الذي يأمر بالعمل في القرآن الكريم، الخطر المتيقن العمل المتيقن جدوائيته، يترك اليقين، ويميل إلى الاحتمالات: [ربما يكون هذا الشعار يثير الدولة فيحصل شيء، ربما هذا يثير أمريكا فيحصل شيء!].
وهنا في القرآن الكريم يترك الآيات الصريحة، يترك اليقين، وهو يشاهد أيضاً اليقين من الخطر على أمته وعلى دينه، ولكن هكذا الإنسان الذي يغلط حتى مع نفسه يتجه إلى نفسه فيرسم لنفسه طريقاً معينة يظن أن فيها سلامته، وحتى نتأكد أن هذه النوعية إنما يكونون ممن لا يهمهم أمر دينهم ولا يهمهم أمر أمتهم أننا نشاهد الآن أن الأمريكيين والإسرائيليين اليهود والنصارى هم ليس فقط يرفعون شعارات الموت لنا والموت لإسلامنا، هم من ينطلقون فعلاً ليميتوا الناس، ألم يضربوا الناس في أفغانستان وفي فلسطين وفي مختلف المناطق، هم من يعملون على أن يميتونا فعلاً، هم من يعملون على أن يميتوا ديننا، وقد عملوا فعلاً على أن يميتوا ديننا في نفوسنا وفي واقع حياتنا.
أمام الاحداث يجب أن يكون لنا موقف
إن شعار الصرخة الذي اعتبره الشهيد القائد سلاح وموقف لم يكن لمجرد المزايدات السياسية أو محاولة للفت النظر إليه بل كان موقفا يجب أن يتخذ في مواجهة ما يحصل من اليهود والنصارى ضد أبناء أمتنا يقول: (( حادث واحد حصل في نيويورك حادث واحد تحرك له المواطنون من اليهود والنصارى في مختلف بلدان أوروبا وضربوا المسلمين في الشوارع وهاجموهم إلى مساجدهم وإلى مراكزهم وقُتل كثير منهم وسجن كثير وأوذي كثير من المسلمين هناك، انطلقوا هم على أساس حادث واحد على مبنى واحد، أما نحن فمئات الحوادث على أمم بأكملها على عشرات المباني على عشرات المساجد على عشرات المستشفيات على عشرات المدارس في مختلف المناطق الإسلامية ولا نتحرك، أليس هذا يعني بأن أولئك أكثر اهتماماً بأمر أمتهم أكثر منا؟ هم من انطلقوا حتى في استراليا، – وأين استراليا من أمريكا؟ – وفي بريطانيا وفي فرنسا وفي ألمانيا وفي مختلف المناطق، انطلقوا لإيذاء المسلمين وضربهم بعد ذلك الحادث، حادث على مبنى واحد وليس من المحتمل أن يكون ذلك بتخطيط أي جهة لا دولة إسلامية ولا دولة عربية ولا منظمة من المنظمات داخل هذه البلدان، وإنما هو من عمل الصهيونية نفسها،
فأنت عندما تشاهد أنهم يميتون أمتك ويميتون دينك فعلاً – بالفعل وليس بالقول فقط – ثم تجبن أن تقول قولا: الموت لأمريكا – الموت لإسرائيل، أليس هذا يعني بأنك لم تصبح شيئاً ولم تعد شيئاً؟ وأنك في الواقع أصبحت صفراً في هذه الحياة.
أن لا أجرؤ على أن أقول قولاً الموت لهم وأنا من أراهم يذبحون أطفالنا في فلسطين وفي لبنان وفي غيرها، وأن لا أجرؤ أن أقول النصر للإسلام وأنا أراهم يهدمون قيم الإسلام ومبادئه وأسسه في نفوسنا وفي حياتنا.
من يسكت من يجبن وهو يشاهد هذا؟ إنه من ليس في نفسه ذرة من اهتمام بأمر أمته ولا بأمر دينه وليس في قلبه وعي على الرغم مما يشاهد، ماذا ننتظر بعد هذا؟ أي أحداث يمكن أن تخلق لدينا وعياً؟ أي أحداث يمكن أن نقطع في حينها أن أولئك أعداء؟ إذا كنا بعد لم نثق بالقرآن الكريم الذي قال بأنهم أعداء ثم هذه الأحداث التي تجري في الدنيا لا تكفي أن نعرف أن أولئك أعداء، فبأي أحداث بعد هذه نؤمن ونعي؟! هذه نقطة)).
السلامة لا تعني السكوت
وعلى عكس الكثير من الناس التي يحسبون حسابات مغلوطة في أن الوقاية لهم مما يحدث من هجمة شاملة ضد أمتنا هو بالسكوت والقبول بالهيمنة الأمريكية والخنوع وأن ذلك سيجعلهم في مأمن من أن تطالهم يد الإجرام الأمريكية ولكن هذه النظرة فندها السيد حسين وأكد أن السلامة ليس في السكوت بل في التحرك وتهيئة النفس على المواجهة وقراءة الأحداث والاعتبار مما يحدث هنا وهناك يقول (رضوان الله عليه): (( أن كثيراً من الناس الذين ينطلقون لتثبيط الآخرين عن أن يرفعوا هذا الشعار على الرغم من أنه كما قلنا أكثر من مرة: إنه أقل ما يمكن أن نعمل، لا أنه كل شيء، إنه أقل ما يمكن أن نعمل ولكنا على الرغم من ذلك – وأسفنا ألا نستطيع إلا ذلك – له أثره الكبير فعلاً.
الذي ينطلق ليثبط وإن كان قد فهم فعلاً لكنه إنسان لا يهمه شيء, لا يهمه إسلامه، لا تهمه أمته، يسكت لأنه يرى أن سلامته في أن يسكت، ويرى أنه عندما يتجه إلى السكوت أنه الشخص الحكيم الذي عرف كيف يحافظ على أمنه وسلامته.
نقول: أنت غالط على نفسك، أنت تجني على نفسك من حيث لا تشعر، أنت تهيئ نفسك لأن يكون لك عدوّان مقابل عدو واحد، أنت لا تتأمل الأحداث جيداً حتى تعرف أن أولئك الذين وقفوا موقفك هم عادة الضحية الأولى أمام كل حدث يحصل، عندما نشاهد التلفزيون سواء عن أفغانستان أو عن فلسطين أو غيرها، ألستم تسمعون ونسمع جميعاً أنه كثير من أولئك ضربوا وقتلوا ودمرت بيوتهم وهم كما يقولون عزَّل، العزل هم هؤلاء الذين هم كـ [الأثوار]يعتزلون وهم من قد قرروا بأنه لا دخل لهم وأنهم سَيسلمون، هم شاهدهم هم يكونون هم الضحية وأول من يُضرب، إنهم لا يسلَمون أبداً، ضُربوا في أفغانستان وضُربوا في فلسطين)).
السلامة في الجهاد والتحرك
إن من يَسْلَم حقيقة ومن هو أبعد عن الخطر حقيقة ومن ترضى نفسه حتى ولو أصابه شيء هم المجاهدون {أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ}(الأعراف: من الآية165) وقال سبحانه وتعالى في آية أخرى: {كَذَلِكَ حَقّاً عَلَيْنَا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ}(يونس: من الآية103).
المؤمنون هم من يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، هم من يجاهدون في سبيل الله بكل ما يستطيعون، هؤلاء هم من يصح أن يقال لهم – بمعنى الكلمة مسلمون – والإسلام هو دين السلام لمن؟ لمن هم مسلمون حقيقة؛ لأنهم من يبنون أنفسهم ليكونوا أعزاء أقوياء، هم من يبنون أنفسهم ليستطيعوا أن يدفعوا عن أنفسهم الشر، ليدفعوا عن أنفسهم الظلم، ليدفعوا عن بلدهم الفساد، ليدفعوا عن دينهم الحرب، فهم أقرب إلى الأمن والسلام في الدنيا وفي الآخرة.
نحن نعلم أن الغرب أن أمريكا وإسرائيل تحمل من العداء لإيران أكثر مما يحملونه للفلسطينيين، ولكن هل استطاعوا أن يعملوا شيئاً بالإيرانيين؟ وهم من يمتلكون صواريخ بعيدة المدى، ويمتلكون قنابل نووية، ويمتلكون كل شيء؛ لأنهم يعرفون أن أولئك ليس من السهل أن يدخلوا معهم في حرب، ستكون حرباً منهكة جداً لهم في مختلف المجالات، كما قال الإمام على (عليه السلام) ((بقية السيف أبقى ولداً وأكثر عدداً)) إنما يأتي النقص في من يجعلون أنفسهم كما نقول [مدافخ] أولئك العزل.. ألم يقتل في أفغانستان الكثير من أولئك؟ قرى بأكملها دُمرت.
هناك الحسرة أن تدمر بيتك وأن تقتل أسرتك، وأنت لا ترى أنك قد عملت بالعدو شيئاً، ستندم على أنك اتخذت قراراً كان قراراً خاطئاً بالنسبة لك وكانت نتيجته عكسية عكس ما كنت قد رسمته لنفسك، إنهم لا يسلمون أبداً أولئك الذين يقولون لأنفسهم: [أما نحن ما لنا حاجة]. ويقولون كما يقول المنافقون عندما يرون المؤمنين ينطلقون في مواقف – مهما كانت بسيطة – عندما يرون المؤمنين ينطلقـون في مواقف ضـد دولة كبرى {غَرَّ هَؤُلاءِ دِينُهُمْ} (الأنفال: من الآية49).
ألم يقل المنافقون في ذلك العصر أيام رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) عندما انطلق المسلمون لمواجهة دولة الروم، ودولة الروم كما تواجه أمريكا الآن: {غَرَّ هَؤُلاءِ دِينُهُمْ} مساكين مغفلين يذبحون أنفسهم، كيف باستطاعتهم أن يؤثروا على دولة عظمى؟! لا، إن المغرورين هم أولئك، هم الذين غرّوا أنفسهم.))
وهكذا اثبت الشهيد القائد أن لكل موقف قيمتها مهما كان يراه البعض صغيرا أو قليلا أو غير مجد ما دام وذلك ينطلق لاتخاذ الموقف مما يحصل من مؤامرات رهيبة ضربت أمتنا وما تزال تشن عليها المؤامرات والحروب والمآسي كما نراه اليوم في فلسطين التي تشهد مجازر إبادة لم يحدث لها مثيل في التاريخ وقد أثبتت الأحداث أن شعار الصرخة كان موقفا حكيما ومؤثرا وظهرت مفاعيله اليوم الذي يقف فيه المشروع القرآني في مواجهة مباشرة مع أئمة الكفر ـ أمريكا وإسرائيل، وأنه موقف كان يجب أن يكون حتى من وقت سابق..