التصعيدُ اليمني لا سقفَ له ولا خطوطَ حمراءَ أمامه.. لماذا؟
موقع أنصار الله ||مقالات|| منير الشامي
خلال ثماني سنوات من الحرب العدوانية على اليمن، ارتكبت دول تحالف العدوان فيها آلاف المجازر الوحشية، وراح ضحيتها عشرات الآلاف من المواطنين الأبرياء، جُــلُّهم من الأطفال والنساء، هدموا المنازل فوق سكانها ودفنوهم تحت ركامها، قصفوا الأسواق ودمّـروا المستشفيات والمدارس والمساجد واستهدفوا الصالات والمناسبات، وأغلقوا المنافذ وشدّدوا الحصار ونقلوا البنك واستهدفوا الاقتصاد وأوقفوا المرتبات ومنعوا دخول المساعدات… إلخ، وهو نفس ما يحدث في غزة اليوم نفس الإجرام الوحشي ونفس الأيادي الخبيثة ونفس الأسلحة ومن نفس المصانع، وما تعرض له اليمنيون هو نفس ما يتعرض له الفلسطينيون، والفارقُ الوحيدُ بين العدوانَين هو المدة الزمنية فقط؛ فالعدوّ الصهيوني فعل في غزة في ثمانية شهور ما فعله تحالف العدوان الإجرامي في اليمن في ثماني سنوات، ولعل هذا هو السبب الأول الذي دفع قائدَ الثورة السيد العلم عبدالملك الحوثي -يحفظه الله ويرعاه- أن يتخذَ قراراتٍ تصعيدية خطيرة وعبر مراحلَ لا نهاية لها ضد العدوّ الصهيوني المتوحش، ولم يقرّر واحدةً منها خلال ثماني سنوات من العدوان على اليمن.
وقد يتساءل الكثير: لماذا لم يوجه قائد الثورة بمراحلَ تصعيدية تشمل استخدام أوراق البحار واستهداف سفن الدول المشاركة في العدوان على اليمن التجارية منها والعسكرية، رغم أن تلك الحرب العدوانية لا تختلف عن الحرب العدوانية التي يشنها العدوّ الصهيوني وكل من يقف وراءه على غزة، وكان بإمْكَانه تنفيذها خُصُوصاً وهي نفس الدول الاستكبارية التي وقفت في العدوان على اليمن، ونفس الحرب العدوانية بأطرافها ودولها وبأساليبها وأهدافها وبمجازرها وضحاياها وبأسلحتها الفتاكة وتكتيكها الحربي، وبمؤامراتها الأُخرى كالحرب الاقتصادية والتجويع والحصار المشدّد وإغلاق المنافذ.
والحقيقة أن هناك عدة أسباب قوية دفعت قائد الثورة السيد العلم عبدالملك الحوثي -يحفظه الله ويرعاه- يقف هذا الموقف القوي ومن وراءه أحرار وشرفاء الشعب اليمني.
أول الأسباب: صغر المساحة المستهدفة وضراوة العدوان على غزة وسكانها، وهذا ما جعل العدوّ المجرم يصنع في 8 شهور فيها ما صنعته دول تحالف العدوان في 8 سنوات في اليمن.
الثاني: العدوان على اليمن كان يستهدف اليمن فقط، في محاولة لاستعادة مصالح ضيقة فيه، أما العدوان على غزة فهو عدوان يستهدفُ الأُمَّــة العربية والإسلامية كاملة ولا يقتصر على غزة وسكانها، ومقاومتها الباسلة اليوم تدافع عن الأُمَّــة وعن أرضها وشعوبها ومقدراتها ومستقبل أجيالها، وهذا في حَــدّ ذاته شرفٌ لا يمكن لليمن قيادة وشعباً أن تنال الحظ الوافر منه.
الثالث: العدوان على غزة يمثل حرباً بين قوى الكفر المستكبر وأمة الإسلام؛ ما يعني أن نصرة المقاومة الفلسطينية ومساندة أبناء غزة فرض عين على كُـلّ العرب والمسلمين أنظمة وشعوباً، وتحَرّك قائد ثورتنا وجيشنا وأحرار شعبنا نابع من هذا المنطلق ولأداء هذا الواجب.
الرابع: مواجهة العدوّ الصهيوني تمثل هدفاً رئيسياً وجوهرياً لمحور المقاومة، واليمن طرف من هذا المحور، وصراعه مع أعداء الأُمَّــة صراع وجودي لا يمكن أن ينتهي إلا بزوال هذا الكيان المجرم واستئصاله من جسد الأُمَّــة وأرضها.
الخامس: الخذلان العربي الفظيع للشعب الفلسطيني وتخاذل العرب أنظمةً وشعوباً عن واجبهم الديني والأخلاقي والإنساني تجاه قضية الأُمَّــة المصيرية الأولى، ليس ذلك فحسب بل ولقيام بعض الأنظمة العربية المطبِّعة بالتضامن مع العدوّ الصهيوني وتأييده ودعمه في عدوانه على غزة.
السادس: الموقف العظيم لقائد الثورة أتى تلبيةً لمطالب شعب حر وبتفويض منه، يجدده كُـلَّ أسبوع من كُـلّ ساحة في مراكز المحافظات وأريافها.
لا شك أن هذه الأسباب وغيرها كافية لتوليد أقوى تحَرُّك في التاريخ للانطلاق نحو الجهاد المقدَّس ليس عند قائد الثورة وأحرار الشعب اليمني فقط، بل في نفس كُـلّ مسلم سليم الفطرة على هذه الأرض؛ ولذلك فلا غرابة من موقف قائد الثورة العظيم والشجاع والخالد تجاه غزة وشعبها، وأن تستحوذَ على كُـلّ تفكيره وتتصدر كُـلّ اهتماماته، وتدفعُه نحو أقوى تصعيد لا سقف له ولا خطوط حمراء أمامه، حتى لو انتهى بمواجهة العالم كله.
وَإذَا استمر العدوان على غزة فالمراحل التصعيدية ستتوالى خامسة، وسادسة،… إلى ما شاء الله، ولا يمكن أن تتوقف مراحلُه إلا بوقف العدوان الصهيوني على غزة ورفع الحصار عنها دون قيد أَو شرط.