واقع الأمة .. والمخاطر الحقيقية
موقع أنصار الله ||مقالات ||عبدالفتاح علي البنوس
لا أحد بمأمن من غدر ومكر اليهود الصهاينة ، ولا من تنكر وتخلي وخذلان الأمريكان ، مهما بلغ حجم الإخلاص والولاء لهم ، ومهما عظمت الخدمات التي قدمت لهم ، والشواهد على ذلك كثيرة وعديدة ، لذا يجب على الدول العربية والإسلامية مراجعة حساباتها تجاه طريقة تعاملها معها الأمريكان والصهاينة ، والعمل على تصحيح المسار ، وتقويم الاعوجاج فيما يتعلق بتعاطيها مع تقوم به سلطات كيان العدو الصهيوني بحق أبناء قطاع غزة ، بدعم وإسناد وحماية أمريكية .
من الغباء أن يظن العرب أن المخاطر الحقيقية التي تتهدد المنطقة اليوم لن تطال سوى فلسطين ودول محور المقاومة فحسب ، الكل تتهددهم هذه المخاطر وعلى وجه الخصوص ما يسمى بدول الطوق المحيطة بفلسطين وفي مقدمتها الأردن ومصر ولبنان وسوريا ، ولن تسلم منها بقية الدول العربية بما في ذلك دول البترودولار التي ذهبت للتطبيع مع هذا الكيان ، ظنا منها بأن ذلك سيمنحها الحصانة، وسيجنبها الضرر ، وهي لا تدري بأنها مهما صنعت فإن الدور سيأتي عليها ، وستدفع ثمن مواقفها الخسيسة ، وتصرفاتها وقراراتها الرعناء باهظا جدا .
فإذا ما تمكن الصهاينة ( لا سمح الله ) من القضاء على المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة ، فلن تقوم لفلسطين قائمة ، لن يكون هنالك شيء اسمه ( حق العودة للاجئين) ، ولن يكون هناك سلطة فلسطينية في الضفة ولا في غيرها ، ولن تظل هنالك مقدسات إسلامية ، لا أقصى ولا قبة الصخرة ولا بقية المقدسات الإسلامية في أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين ، وسيواصل الصهيوني تطاوله على لبنان وسيعمل على التوغل داخل أراضيها ونهب ثرواتها وتهديد أمنها واستقرارها ، وفرض النظام الذي يريده فيها ، وسيبتلع هذا الكيان الأردن والذي سيكون الوطن البديل بموجب المخطط الصهيوني ، وسيواصل كيان العدو الصهيوني انتهاكاته السافرة تجاه سوريا وسيعمل على تصعيد قيادة سورية تدين له بالولاء والطاعة ، وسيبسط نفوذه على أجزاء من مصر وفي مقدمتها سيناء وما جاورها ، وسيضم أجزاء من السعودية ، وسيصل هذا الكيان إلى حالة غير مسبوقة من الغطرسة والتعالي التي تجعله يوسع نفوذه وهيمنته على دول الخليج العربي ويفرض التطبيع على الأنظمة العربية قسرا ، ويتحكم في ثروات ومقدرات وموقع المنطقة العربية على طريق بناء الدولة الإسرائيلية المزعومة .
هذا هو المخطط المرسوم من قبل هذا الكيان الإجرامي ، وقد يكون له طموحات وتطلعات أكثر خطورة مما سبق الإشارة إليه ، وهو ما يتطلب التحرك الجاد والمسؤول لتفادي السقوط الكبير الذي من الصعب تجاوز تداعياته على المدى المنظور ، على الدول العربية المطبعة والمتحالفة والمساندة للكيان الصهيوني ، وتلك التي تدعي الحياد أن تستفيق من غفلتها ، وتعيد مراجعة حساباتها قبل فوات الأوان ، عليها أن تعي بكل قناعة بأن الخطر الإسرائيلي يتهدد المنطقة بأكملها ، ولا يقتصر على حركة حماس والمقاومة في غزة .
الكل في دائرة الاستهداف ، العدو الصهيوني متربص بالجميع ، متربص بالأردن ومصر والسعودية قبل غزة والضفة ودول محور المقاومة ، يشهد على ذلك مشروعه الاستيطاني التوسعي الكبير المراد تنفيذه في المنطقة ، و توجهاته السياسية المرسومة والمعلنة ، و خرائطه الجغرافية المطبوعة بشأن حدود دولته التي يسعى للوصول إلى تحقيقها على أرض الواقع ، كل ذلك يدق ناقوس الخطر ، ويدعو لمراجعة المواقف ، والتوقف عن المغامرات التي تقحم نفسها فيها بإملاءات وتوجيهات وأوامر أمريكية .
بالمختصر المفيد، إذا ما انفجرت الأوضاع في المنطقة ووصلت لحرب شاملة ، فلن يكون هناك عروش ولا ممالك ولا مشاريع مستقبلية ولا مصالح ولا ثروات على الإطلاق ، لن تكون هنالك دولة بمأمن من تداعيات هذه الحرب ، لذا من الحكمة مراجعة المواقف ، وتصحيح المسار ، وعدم الركون والاعتماد على الأمريكي ، والاستقواء به ، لأنه سيكون في ورطة كبيرة ، وسيكون أول الباحثين عن مخرج له منها ، سيمارس عليكم دور إبليس الرجيم يوم المحشر ، سيعلن البراءة منكم ، وستجدون أنفسكم في وضع لا تحسدون عليه .
فالله الله في نصرتكم لإخواننا في قطاع غزة ، أنتم في مرحلة بإمكانكم خلالها العودة إلى رشدكم ، وتصحيح مساركم الأعوج الأرعن ، ففي ذلك أمان لكم ولأنظمتكم وممالككم ، وحفاظ على كراسيكم ومناصبكم وعروشكم ، وبدون ذلك عليكم أن تنتظروا غدر ومكر وتنكيل الصهاينة بكم .
قلت قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ووالدينا ووالديكم، وعاشق النبي يصلي عليه وآله