“حماية البيئة البحرية”.. ذريعة أمريكية لتغطية الخيبة في البحر الأحمر
تبرز قضية السفينة “سونيون” التي أحرقتها القوات المسلحة اليمنية الأسبوع الماضي، كنقطة محورية تسلط الضوء على الدور المثير للجدل الذي تلعبه الولايات المتحدة في تزييف الوعي العالمي. فرغم أنه لا توجد أدلة دامغة تدعم الادعاءات الأمريكية بوجود تسرب نفطي في البحر، تستمر الولايات المتحدة في التمسك بهذه الرواية، مما يثير تساؤلات حول الدوافع الحقيقية وراء هذا التوجه.
يبدو أن هذا الترويج للأخبار المتعلقة بالسفينة يتجاوز مجرد حماية البيئة، ليصبح أداة في حملة سياسية ودبلوماسية تهدف إلى تبرير تدخلات مستقبلية في المنطقة.
علاوة على ذلك، يُظهر هذا السلوك الأمريكي محاولة لتغطية الفشل الذريع الذي تعرضت له العمليات المنضوية تحت ما يُعرف بتحالف “حارس الازدهار”، والذي لم ينجح في تحقيق أهدافه المعلنة.
في هذا السياق، تُستخدم قضايا مثل تسرب النفط كوسيلة لتوجيه الأنظار عن هذه الإخفاقات ولتسويق صورة جديدة عن الولايات المتحدة باعتبارها المدافع الحارس عن الأمن والاستقرار الدولي. لذا، فإن مسعى الولايات المتحدة لتزييف الوعي العالمي بشأن سفينة “سونيون” يكشف النقاب عن الأطماع السياسية والاقتصادية المعقدة التي تحكم تحركاتها في المنطقة.
حقائق بديهية
على الصعيد الآخر، فإن البحرية اليمنية تعمدت تفجير السفينة بعبوات معدة بإحكام لتفجير سطح السفينة وإحراق النفط الموجود داخلها دون إلحاق أي ضرر بجسم السفينة وحدوث التسرب النفطي، فالأضرار قتصرت على أسقف الخزانات فقط، ما يؤكد أن الأثر البيئي سيكون منعدم الخطورة مقارنةً بحالات أخرى يحدث فيها تسرب للنفط إلى المياه.
وفي السياق، تأتي النقاط الرئيسية التي يجب أخذها بعين الاعتبار مركزة على نوع المتفجرات واستخدامها، فإذا كانت المتفجرات مصممة لاستهداف الأسقف فقط دون التأثير على جوانب الخزانات، فإنه يمنع خطر التسرب النفطي إلى المياه.
ومن البديهي في حالة اشتعال الوقود، فإن اللهب سيتجه للأعلى، ما يسقط أي احتمال لاحتراق المواد الأخرى أو تلوث المياه في المنطقة المحيطة.
تصميم الخزانات النفطية
من جهة أخرى، تؤكد المعلومات العلمية أن الخزانات النفطية على السفن مصممة لتحمل الضغوط الكبيرة ولديها أنظمة أمان لمنع التسرب. وبالتالي، إذا كانت المتفجرات موجهة نحو الأسقف فقط، فمن المؤكد اشتعال الوقود دون تسربه إلى المياه، بشرط أن تكون الجوانب سليمة.
اتجاه التفجير
إذا كانت المتفجرات موجهة للأعلى، فإن الانفجار سيؤدي إلى اشتعال الوقود في الهواء، مما يؤكد عدم احتمالية تسرب النفط إلى المياه. هذا يتماشى مع التقارير التي تشير إلى عدم وجود تسرب نفطي من السفينة “سونيون” رغم الحرائق المتعددة.
استنتاجات
تؤكد التقارير عدم وجود أي تسرب نفطي من السفينة “سونيون”، مما يدعم الفرضية بأن التفجيرات كانت موجهة نحو الأسقف.
كما تفيد المصادر أن الحرائق لا تزال مشتعلة على سطح السفينة، ولكنها لم تؤد إلى تسرب النفط، مما يشير إلى أن الجوانب كانت قوية بما يكفي لتحمل الضغط الناتج عن الانفجار.
أمريكا تعرقل إنقاذ السفينة
ما يكشف الزيف الأمريكي، إعلان رئيس الوفد الوطني محمد عبدالسلام أنه تم السماح لدول أوروبية بسحب السفينة اليونانية المحترقة، وفي نفس الوقت، كشفت وسائل إعلام بريطانية عن عراقيل أمريكية تعيق عملية سحب ناقلة النفط المحترقة (سونيون) في البحر الأحمر.
وقالت صحيفة “لويدز ليست” البريطانية المختصة بشؤون الملاحة البحرية، إن عقوبات أمريكية تعيق عملية قطر ناقلة النفط المحترقة (سونيون) في البحر الأحمر، مشيرة إلى أن “تقارير إعلامية أشارت إلى أن صنعاء قدمت ضمانات بعدم مهاجمة القاطرات إذا حصلت على الأذونات اللازمة.
تمويه أمريكي
تجاوزا منها للشواهد وما يسندها من أدلة علمية وحقائق بديهية، تستمر الولايات المتحدة، بعظمة قدرها العلمي والتقني، ومن خلال الإصرار على الادعاء بوجود تسرب نفطي من السفينة “سونيون”، في السعي الحثيث إلى استغلال عدة دوافع سياسية واستراتيجية لعل من أبرزها، التركيز على تأكيد الادعاءات كجزء من حملة إعلامية تهدف إلى تشويه صورة البحرية اليمنية وزيادة الضغط الدولي على صنعاء. تتزامن هذه الجهود مع محاولات لتبرير تشكيل تحالفات دولية تهدف إلى التحشيد لتدخلات عسكرية أو سياسية في المنطقة تحت ذريعة حماية البيئة البحرية.
تؤكد التطورات الأخيرة في اتصالات الولايات المتحدة بإيطاليا مساعيها لتفعيل اتفاقية برشلونة وبروتوكولاتها، والتي تلزم الدول المتعاقدة باتخاذ تدابير مشتركة لمنع التلوث البحري ومكافحته. تشمل هذه الاتفاقيات إجراءات للحد من التلوث الناجم عن السفن والطائرات، وتقديم الدعم للدول النامية لتحسين قدراتها على مواجهة التلوث البحري.
تتضح من هذه الذرائع والادعاءات والاتصالات الأمريكية محاولة لتغطية خيبة الأمل التي واجهتها في كسر شوكة القوة الصاعدة من السواحل اليمنية ، الذين باتوا يشكلون مصدر رعب للإدارة الأمريكية وقلقًا للحليف المدلل “إسرائيل”. والتي لا تزال على موعد صادق مع الرد اليمني المرتقب.
طمأنة الكيان
“إسرائيل” تعتبر أحد الحلفاء الرئيسيين للولايات المتحدة في المنطقة، ولها مصالح استراتيجية وأمنية كبيرة في البحر الأحمر والمناطق المحيطة به. أي تهديد محتمل للملاحة البحرية أو استقرار المنطقة يمكن أن يؤثر بشكل مباشر على ما تسميه أمريكا بأمن “إسرائيل” ومصالحها الاقتصادية.
في هذا السياق، فإن الادعاءات الأمريكية بوجود تسرب نفطي من السفينة “سونيون” يصب في طمأنة الكيان، كما يمكن أن تُستخدم كذريعة لتعزيز التعاون العسكري والسياسي بين الولايات المتحدة و”إسرائيل”، ولتبرير أي تدخلات مستقبلية في المنطقة. هذا التعاون يمكن أن يشمل تبادل المعلومات الاستخباراتية، وتنسيق العمليات العسكرية، وتعزيز الدفاعات البحرية.
بالإضافة إلى ذلك، فإن “إسرائيل” تشعر بالقلق من نمو قوة ضاربة في اليمن، خاصة فيما يتعلق بالقدرة على تهديد الملاحة في البحر الأحمر. هذا القلق يدفع “إسرائيل” إلى دعم الجهود الأمريكية لزيادة الضغط على صنعاء ومحاولة تقليص نفوذها البحري.
بالتالي، يمكن القول إن دور “إسرائيل” في هذا السياق يصب في دعم الجهود الأمريكية لتعزيز ما تدعيه السعي إلى توفير الأمن والاستقرار في المنطقة، وحماية مصالحها الاستراتيجية من خلال التعاون الوثيق مع الولايات المتحدة.
شهود عيان
الجدر بالذكر أن عملية (أسبيدس) البحرية التابعة للاتحاد الأوروبي في البحر الأحمر أكدت، أكثر من مرة أن السفينة اليونانية (سونيون)، لا زالت تحترق.
وفي ذلك دلالة واضحة على صحة ما تناقلته مصادر محلية من أن ما تم تفجيره هي أسقف الخزانات وأن المتفجرات كانت موجهة للجو. وبالتالي لن يحصل أي ضرر ما دامت التفجيرات متجهة للأعلى، وأن ما دمر هي الأسقف فقط، فيما يشتعل الوقود إلى الأعلى، ولا يتسرب منه شيء إلى المياه.
ونشرت العملية الأوروبية بيانا جاء فيه أن “النيران تشتعل في السفينة (سونيون) منذ 23 أغسطس.
وذكر البيان أنه “تم اكتشاف حرائق متعددة في عدة مواقع على السطح الرئيسي للسفينة”.
وأضاف أن “الأصول العاملة في المنطقة أكدت عدم وجود تسرب نفطي، وأن السفينة لا تزال راسية ولا تنجرف”.
وقال إن “الاتحاد الأوروبي، ومن خلال الجهود الدبلوماسية والمشاركات، يلعب دوراً حاسماً في تسهيل إنقاذ السفينة (سونيون)”.