أهداف العدوان الصهيوني الأخير على سورية؟!

|| صحافة ||

منذ بدء عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، حتى ليلة التاسع من أيلول 2024، شنت قوات الاحتلال الصهيوني 110 اعتداءات على الجغرافيا السورية، 65 عدواناً منها منذ بداية العام الجاري، على الرغم من عدم تمكن الكيان وحكومته اليمينية المتطرفة من تحقيق أي هدف يذكر من استمرار العدوان العسكري على قطاع غزة والذي حمل اسم “السيوف الحديدية”، مما دفع المراقبين من مختصين ومتابعين للتطورات الحاصلة في المنطقة لطرح جملة من التساؤلات، أهمها ما أهداف حكومة اليمين الصهيوني التي يرأسها بنيامين نتنياهو من استمرار قيامه بعمليات عدوانية على سورية، في ظل الفشل في تحقيق أي من أهدافه المتمثلة بإضعاف محور المقاومة أو تغيير قواعد الاشتباك وموازين القوى في إطار الصراع القائم؟

ما شهدته المنطقة الوسطى في سورية ليلة التاسع من أيلول، ولا سيما مدينة مصياف والقرى المحيطة بها إضافة لمدينة طرطوس الساحلية، لم يكن العدوان الصهيوني الأول على هذه المناطق وما تتضمنه من مناطق حيوية وبصورة خاصة “مراكز البحوث” وقواعد الدفاع الجوي، وربما قد لا يكون الأخير، إلا أن هذا العدوان كان الأعنف والأوسع، من الاعتداءات السابقة، وهو ما يجعلنا أمام مروحة من الأهداف والغايات التي كانت تبتغيها حكومة نتنياهو من تصعيد عملياتها العدوانية في سورية، من خلال ما يمكن تسميته “معركة بين الحروب” والتي يمكن ذكر أبرزها وفق التسلسل الترابطي الآتي:

أولاً_ تبرير هذه الاعتداءات على إنها عمليات وقائية واستباقية لحماية أمن الكيان “الإسرائيلي” من خلال ادعاء الحكومات “الإسرائيلية” السابقة والحالية، حتمية وجود تغلغل وتعزيز للنفوذ الإيراني والقوى الحليفة لإيران في سورية، والعمل على تحويل الجبهة السورية لجبهة اشتباك ضد الاحتلال، فضلاً عن الذرائع المعتادة وعلى رأسها ذريعة إرسال الأسلحة إلى المقاومة في لبنان وفصائل المقاومة في داخل الأراضي الفلسطينية.

ثانياً_ التخطيط وتنفيذ عمليات اغتيال للشخصيات والقيادات السورية والإيرانية واللبنانية، التي كان لها دور في محاربة الإرهاب خلال السنوات الماضية في المنطقة عموماً وسورية خصوصاٌ من ناحية، ومن ناحية أخرى لما قامت به هذه الشخصيات من دور تخطيطي وتنفيذي وإشرافي في تنمية مقدرات وإمكانات المقاومة في لبنان وفلسطين على حد سواء.

ثالثاً_ الضغط على سورية لتنفيذ المطالب والمصالح الحيوية “الإسرائيلية” من خلال القوة العسكرية، وفي مقدمتها فك العلاقة مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية وباقي قوى محور المقاومة، من خلال الإيحاء والترويج بإن هذه العلاقة ستكبد سورية بمؤسساتها وشعبها خسائر متراكمة في كل المجالات المتصلة بصور الحياة ومقوماتها.

رابعاً_ استنزاف مقدرات وإمكانات الجيش السوري، وتحويله من قوى مهددة لأمن الكيان الصهيوني إلى مؤسسة ضعيفة لا تشكل أي تهديد على هذا الكيان لعقود طويلة من خلال استهداف مقومات قوته وفي مقدمتها القيادات العسكرية ومنظومات الدفاع، ولا سيما بعد تزايد التقديرات “الإسرائيلية” الأمنية والعسكرية، والتي تضمنت تأكيدات حول زيادة الخبرة التي اكتسبها الجيش السوري خلال محاربته التنظيمات الإرهابية، وقدرته على التحول من جيش كلاسيكي إلى جيش قادر على تغيير أسلوبه وتكتيكاته بما يفرضه الواقع والمخاطر والتحديات المفروضة عليه، وهو ما أشار إليه وزير الحرب الصهيوني الأسبق، “أفيغدور ليبرمان” عام 2018.

خامساً_ استغلال هذه الاعتداءات في تصدير أزمات الكيان الصهيوني الداخلية للخارج، أو محاولة اصطناع إنجاز معنوي وإعلامي، أو لفرض واقع جديد على قواعد الاشتباك، أو للضغط على القوات الأمريكية للبقاء في المنطقة نتيجة الادعاء بوجود تهديدات ومخاطر تحيط بأمن الكيان المغتصب للأراضي العربية.

سادساً_ خلق نوع من عدم الثقة والخلاف والنزاع بين محور محاربة الإرهاب ولا سيما  سورية والجمهورية الإيرانية وروسيا الاتحادية، من خلال الترويج الصهيوني بأن هذه العمليات العدوانية تتم بتنسيق مع روسيا، متجاهلاً أن روسيا كما سورية وإيران هي الأخرى متضررة من هذه الاعتداءات، لأن من شأنها إعاة الظروف لانتشار التنظيمات الإرهابية مجدداً وإضعاف حليفتها سورية.

بالعموم يجب التنبه لما نشرته صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية، منذ أيام، نقلاً عن مصادر أمنية “إسرائيلية” مقربة من حكومة اليمين من أنباء تفيد بتغيير شكل ومسار الاعتداءات على سورية، مما يجعلنا أمام عدة سيناريوهات من أهمها وأخطرها:

– توجه قوات الاحتلال نحو تصعيد عملياتها في سورية خلال الفترة المقبلة ولا سيما فترة الانتخابات الأمريكية، لتحقيق عدة أهداف بما في ذلك الضغط على واشنطن لإبقاء قواتها بالمنطقة.

– محاولة جر المنطقة لصراع مفتوح من خلال استفزاز دول المنطقة، بما في ذلك العودة لسياسة الاغتيالات وخاصة مع تأخر الرد الإيراني على اغتيال الشهيد إسماعيل هنية.

استمرار الكيان الصهيوني في ممارسة سياسة العربدة والفوضى في المنطقة، لن تحقق أياً من أهدافه، ولعل ما شهده من انتكاسات في مشاريعه على مدى عقود، وما يشهده في مواجهة فصائل المقاومة في غزة وباقي جبهات قوى الإسناد خير دليل على ذلك، ولكن على الأمريكي أن يدرك في المقابل أن هذه السلوكيات الصهيونية ستسرع من وتيرة إنهاء وجود الاحتلال وداعميه في المنطقة.

 

العهد الاخباري: محمد نادر العمري

 

قد يعجبك ايضا