عام على “طوفان الأقصى”.. هكذا نصرَ اليمن غزة
|| صحافة ||
في أحد خطاباته لمناسبة يوم القدس العالمي بعد أن أرسى معادلة المساس بالمسجد الأقصى يعني حربًا إقليمية، ومع الاستجابة اليمنية لهذه المعادلة سريعًا؛ عدّ شهيد الإسلام والإنسانية السيد القائد حسن نصر الله اليمن بقيادته الشابة والصادقة إضافة نوعية لجبهة المقاومة.
الجبهة التي تحمل على عاتقها، اليوم، مسؤولية الدفاع عن فلسطين وحقوق الشعب الفلسطيني المظلوم، ولولا أن المقولة أطلقها رجل يحمل معاني الصدق والقيم والمبادئ الأخلاقية والإنسانية كلها وقائد لأهم انتصارات الأمة وإنجازاتها في وجه العدو “الإسرائيلي” لكان الصديق قبل المبغض تساءل وشكك في ذلك.. فما الذي يمكن لبلد يبعد عن فلسطين 2000 كلم أن يقدمه للقدس؛ وهل تبقّى لشعب يكابد ويلات الحرب والحصار ما يجود به لدعم القضية المركزية؛ في حين أن دولاً أكبر وأغنى ولا تبعد عن الأراضي المحتلة مرمى الحجر، لم تقدم شيئًا، ليأتي الاختبار العملي بُعيد عملية “طوفان الأقصى” المباركة، حين شنّ العدو “الإسرائيلي” حربًا عدوانية أهلكت الحرث والنسل في غزة، فما كان من اليمن سوى التحليق في سماء العزة والكرامة بصواريخه وطائراته المسيرة لدعم فلسطين وشعبها المظلوم، كاسرًا بذلك قواعد الجغرافيا ومعيدًا التذكير بحقائق التاريخ عن مناصرة شعب الإيمان والحكمة لقضايا الأمة ومقدساتها.
لإسناد غزة: “معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس” تبدأ
تحت شعار “معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس”؛ حدّد السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي القاعدة الأساسية لمساندة غزة، منذ الأيام الأولى لعملية “طوفان الأقصى”، وتتمثل في فعل ما يكون له أثر كبير في إطار التنسيق مع جبهة الجهاد والمقاومة. وفي الـ13 من شهر تشرين أول/أكتوبر العام الماضي انطلقت شرارة العمليات اليمنية بإطلاق سرب من الطائرات المسيّرة على أهداف حساسة في أم الرشراش “إيلات”، وتلا ذلك بيوم هجوم بعدد من الصواريخ الباليستية والمجنحة، ضمن المرحلة الأولى من التصعيد والمفارقة أن تلك القدرات حاولت اعتراضها دفاعات الأنظمة المطبعة الجوية إلى جانب الأميركي والصهيوني ودول غربية أخرى.
المرحلة الثانية: سفينة “جالكسي ليدر” باكورة العمليات البحرية
في الـ19 من شهر تشرين الثاني/نوفمبر العام الماضي؛ أعلنت القوات المسلحة اليمنية عزمها استهداف جميع أنواع السفن التي تحمل علم الكيان الصهيوني أو تعود ملكيتها لشركات صهيونية، في مرحلة ثانية من التصعيد لمساندة غزة، وذلك بالتزامن مع الإعلان الأوروبي عن عملية “سبيدس” البحرية لدعم أميركا وحماية التجارة الصهيونية؛ ولأن العدو اعتمد أسلوب التمويه والتخفي، للمرور الآمن لسفنه من البحر الأحمر برفع أعلام دول أخرى وإخفاء ملكية السفن والشركات المشغلة لها، حدثت المفاجئة باستيلاء القوات اليمنية على سفينة “جالكسي ليدر” في عملية نوعية واقتيادها إلى الساحل اليمني. توالت بعدها الضربات والهجمات على السفن المشمولة بقرار الحظر لمنع وصولها إلى موانئ فلسطين المحتلة حتى وقف العدوان على غزة ورفع الحصار، وتخلل تلك العمليات إطلاق دفعات من الصواريخ المجنحة والباليستية والطائرات المسيرة على مراحل متتالية على أهداف عسكرية للكيان في “إيلات”، وشمل قرار الحظر في هذه المرحلة استهداف السفن الواصلة إلى كيان العدو أيًا كانت جنسيتها.
مع زيادة الضغوط على كيان العدو؛ أعلن وزير الحرب الأمريكي عن تشكيل تحالف “حارس الازدهار”، في 18 كانون أول/ديسمبر 2023، لحماية السفن “الإسرائيلية” في البحر الأحمر وتقويض القدرات اليمنية. غير أن النتائج كانت عكسية؛ إذ نالت السفن الأمريكية والبريطانية نصيبًا وافرًا من الضربات، في شهر كانون الثاني/يناير وبداية شباط/فبراير، لا سيما بعد الاعتداء الامريكي على زوارق يمنية وشن غارات على المحافظات اليمنية في محاولة لاستعادة صورة الردع المتآكلة. وكان من أبرز العمليات، في تلك المرحلة، إغراق السفينة البريطانية “روبيمار” وقصف المدمرات الأميركية بصواريخ باليستية لأول مرة في تاريخ المواجهات البحرية، وهو ما فاجأ الأميركي وأقلقه.
المرحلة الثالثة: مع فشل “حارس الازدهار” اليمن يوسّع مسرح عملياته للمحيط الهندي
في 14 من شهر أذار/مارس العام الجاري، ونتيجة لإيغال العدو “الإسرائيلي” بسفك دماء الشعب الفلسطيني أعلن اليمن على لسان قائده بدء المرحلة الثالثة من التصعيد، وتمثلت بتوسيع العمليات ضد السفن “الإسرائيلية” أو المتجهة إلى موانئ فلسطين المحتلة لتشمل خط عبورها في المحيط الهندي، على أساس أن البحر الأحمر وكذلك العربي مغلقين في وجه الصهاينة. وبهذه الخطوة؛ أكد اليمن أن لا خطوط حمر ولا قواعد اشتباك طالما استمرت جرائم حرب الإبادة في غزة وتأكد للصهاينة أن أميركا عاجزة عن توفير الحماية لسلاسل إمداداتهم التجارية حتى مع المشاركة الأوروبية. وحتى نهاية هذه المرحلة؛ بلغ إجمالي العمليات اليمنية المنفذة دعمًا لفلسطين، منذ بداية معركة “طوفان الأقصى”، 156 عملية في البحرين الأحمر والعربي والمحيط الهندي وجنوب فلسطين المحتلة. ونفذت بعدد 606 صواريخ باليستية ومجنحة وطائرة مسيّرة استهدفت 107 سفن، وقصفت أهدافًا للعدو في فلسطين المحتلة بـ111 ما بين صاروخ باليستي ومجنح وطائرة مسيّرة، بالإضافة إلى إسقاط ثلاث طائرات تجسس مقاتلة من نوع MQ9.
المرحلة الرابعة: التصعيد يستمر” والبحر المتوسط ميدان رماية
خلال المرحلة الثالثة، تراجع النشاط التجاري في ميناء “إيلات” إلى الصفر نتيجة الحصار المطبق عليه من اليمن. ومع ذلك لم تهدأ العمليات المساندة ولا حدود لنطاقها؛ حيث أعلن عن مرحلة رابعة في مطلع شهر أيار/مايو الماضي، شملت هذه المرة البحر الأبيض المتوسط مع مشاركة المقاومة الإسلامية في العراق، وكان ذلك في الثالث من تموز/يوليو بعملية مشتركة على “إيلات”.
أما المرحلة الرابعة، فقد كانت في اتجاهين: الأول ملاحقة السفن كافة والمشمولة بقرار الحظر إلى أي منطقة تطالها القوات المسلحة في البحر المتوسط. والاتجاه الآخر يتمثل بفرض عقوبات شاملة على جميع سفن الشركات التي لها علاقة بالإمداد والدخول للموانئ الفلسطينية المحتلة من أيّ جنسية كانت، ومنع جميعَ سُفن هذه الشركات من المرور في منطقة العمليات البحرية لتتوج المرحلة بضرب العديد من السفن؛ أبرزها السفينة اليونانية “توتور” التي غرقت إثر قصفها بزوارق بحرية والصعود على متنهما وتلغيمها، ليتكرر بعد ذلك سيناريو انسحاب المدمرات والقطع الحربية وحاملة الطائرات الأميركية والأوروبية، وصولاً إلى إخلاء أميركا منطقة العمليات، حيث بلغ عدد القطع الحربية الأميركية المنسحبة نحو 10 و 8 أوروبية، في مقدمتها المدمرة “آيزنهاور” .
تميزت هذه المرحلة بقصف 57 سفينة في نطاق العمليات الممتد من المحيط الهندي إلى البحر الابيض المتوسط مرورًا بالبحرين الأحمر والعربي، وقصف ايزنهاور ومدمرة أمريكية أخرى بعمليات متتالية إضافة إلى قصف المدمرة البريطانية “دايموند”. ونفذت أربع عمليات على حيفا، بالاشتراك مع المقاومة العراقية مع إدخال صاروخ “فلسطين” خط الخدمة لأول مرة. وفي المحصلة وصل عدد السفن المستهدفة، حتى ما قبل نهاية هذه المرحلة بأسبوع، نحو 145 سفينة مرتبطة بالعدو “الإسرائيلي” وحليفيه الأمريكي والبريطاني.
المرحلة الخامسة: اليمن يشعل النيران في “تل أبيب”
بطائرة “يافا” التي تدخل خط المواجهة لأول مرة؛ أعلن اليمن عن نهاية مرحلة وبداية أخرى في 20 تموز/يوليو الماضي، بعد عدوان صهيوني معلن على الحديدة، ورأى السيد القائد قصف “تل أبيب” بالطائرة المتطورة محلية الصنع معادلة جديدة ستستمر وتتثبت. وفي تأكيد على تآكل قوة الردع الصهيونية وفشل التشكيلات كلها التي تحيط بالكيان لحمايته، تكرر ضرب عاصمة القرار الصهيوني بضربات نوعية ومتسارعة لا سيما بعد التصعيد في لبنان واغتيال شهيد الاسلام القائد السيد حس نصر الله.
خلال هذه المرحلة؛ أدخلت القوات المسلحة صاروخ فرط صوتي “فلسطين 2” وصاروخ “قدس 5 ” المجنح، مع استمرارية العمليات المساندة البحرية التي استهدفت 193 سفينة منذ بدء عملية الإسناد؛ منها إحراق السفينة “سونيون” النفطية في المرحلة الخامسة، ليثبت اليمن بقصفه أكثر من 1000 صاروخ ومسيرة وزوارق بحرية قدرته على تطوير أسلحته وتكتيكاته وفقًا لمتطلبات المعركة، وبموازاة ذلك تمكّنت الدفاعات الجوية خلال هذه المرحلة من إسقاط 11 طائرة أميركية من نوعMQ9.
الاعتداءات على اليمن لم تخمد غضب الجماهير
حتى منتصف شهر أيلول/سبتمبر الماضي؛ بلغ عدد الغارات المعادية من ثلاثي الشر أميركا وبريطانيا وكيان العدو أكثر من 775 غارة وقصفًا بحريًا، ونتج عنها استشهاد 82 وجرح أكثر من 340 بينهم نساء وأطفال. وكل ذلك لم يفد الأمريكي في الحد من عمليات اليمن العسكرية في البحار أو ردعها وتوقفها، ولم يؤثر في عزيمة وإرادة الشعب اليمني الذي استمر في خروجه المليوني المساند لغزة كل أسبوع مع أنشطة متعددة، وصلت في المناورات والعروض العسكرية والمسير العسكري وفقًا لتأكيد السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي إلى 2851 نشاطًا، بينما بلغت المسيرات والفعاليات والوقفات الشعبية إلى 746972 نشاطًا ووصل عدد المتدربين إلى نصف مليون من قوات التعبئة.
هذا من مصاديق الوفاء الإيماني والجدية اليمنية في المنازلة المباشرة ضد هذا العدو، والذي يحول دون تحقيقها ودون وصول مئات الآلاف من المقاتلين اليمنيين للقتال مع المجاهدين في فلسطين ولبنان الحاجز الجغرافي، من أنظمة العمالة والخيانة.
العهد الاخباري: اسماعيل المحاقري