مناورة المقاومة في مواجهة العدو الصهيوني.. قراءة عسكرية ميدانية

|| صحافة ||

بمعزل عن الكلام المتقدم عن احتمال حصول تسوية سياسية توقف العدوان على لبنان، مع التحفظ الدائم على صدقية أي تصريحات لمسؤولي الكيان الصهيوني، وخاصة لرئيس حكومة العدو نتنياهو أو لوزير حربه، يبقى الكلام الجدي والصادق، والذي يُعتمد عليه فعليًا، هو كلام الميدان والمواجهة المباشرة التي تدور رحاها على الحدود الجنوبية ضد وحدات العدو “الإسرائيلي”.

لذلك؛ السؤال في هذا الصدد: كيف يدير اليوم حزب الله مناورة المواجهة المقدسة على حدودنا الجنوبية ؟ وما تأثيرات هذه المناورة على مسار الحرب؟.

في البداية، لا بدّ من الإشارة إلى أهمية انتخاب الشيخ نعيم قاسم أمينًا عامًا لحزب الله، وما يعنيه الموضوع على مستوى ثبات وتوازن قيادة المقاومة السياسية، والمعنية الأساسية عن قيادة وتنسيق عملية المواجهة العسكرية في الميدان مع امتداداتها السياسية بشكل عام.

أمّا لناحية المناورة العسكرية والميدانية للمواجهة التي يخوضها مجاهدو حزب الله اليوم ضد العدو “الإسرائيلي”، فيمكن تحديدها بثلاثة مستويات؛ وعلى الشكل الآتي:

  • المستوى الأول؛ وهو مواجهة النسق الأول للعدو أو وحدات الهجوم المباشر، وهنا استطاعت عناصر المقاومة تنفيذ الالتحام المباشر مع هذه الوحدات بطريقة دقيقة ومدروسة. وقد أفضت من جهة أولى إلى منع العدو من تحقيق أي سيطرة ذات قيمة عملياتية، كما ومنعته من تحقيق أي تقدم منتج على صعيد تثبيت أو تأمين محاور هجومه البري المفترض.

من جهة أخرى، وقد يكون هو الأساس اليوم في هذه المواجهة، فقد استطاعت المقاومة على خط النسق الأول للعدو استدراج وحداته إلى مناطق قتل مخططة ومدروسة مسبقًا، وبالكمائن المحضرة بالعبوات وبالاستهدافات القاتلة برمايات الأسلحة الخفيفة وبأسلحة المضاد للدروع وللأشخاص، استطاعت إسقاط  عدد كبير من عناصره بين قتيل ومصاب، وذلك بمعدل غير متناسب بتاتًا مع الجغرافيا الضيقة التي دخل اليها، وبمدة قصيرة جدًا لم تتجاوز بضعة ايام.

  • المستوى الثاني؛ وهو مواجهة النسق الثاني للعدو، حيث تقوم المقاومة وبطريقة أيضًا مدروسة ومخططة بعناية، برصد واستهداف كل مواقع العدو الحدودية داخل فلسطين المحتلة، وذلك بالصواريخ المختلفة بين المباشر او المنحني وبالمسيرات الانقضاضية، وذلك من خلال مناورة استهداف مزدوجة، الأولى عبر تعهّد الرماية على هذه المراكز العسكرية الحدودية بالمسار نفسه في استهدافها ضمن اشتباك الإسناد، منذ الثامن من أكتوبر/تشرين الأول 2023 الماضي، والثانية من خلال استهداف نقاط تجمع وحدات العدو في هذه المواقع، والمعنية مباشرة بدعم العملية البرية كنسق ثاني لعملية المهاجمة، والتي تبقى جاهزة للتدخل في حال نجحت وحدات النسق الأول في فتح الثغرات المناسبة لتوسيع هجومها، الامر الذي لم يحصل حتى الآن، بالرغم من مرور شهر تقريبًا على إطلاق العدو عمليته البرية، وبقوى ضخمة تجاوزت نصف وحداته البرية، ومؤلفة من ٧٠ الف ضابط وجندي ضمن ستة فرق على الأقل.
  • المستوى الثالث؛ وهو استهداف النسق الثالث للعدو، حيث قواعده العسكرية للوحدات الكبرى، مثل قيادة المنطقة الشمالية وقيادات الفرق المنخرطة في العملية البرية، بالإضافة إلى استهداف كامل الخط الساحلي الشمالي لفلسطين المحتلة، من رأس الناقورة إلى جنوب حيفا، والذي يحضن أغلب وحداته البحرية ومراكز التصنيع العسكري الأساسية له.

من هنا، وعبر هذه المناورة المعتمدة من حزب الله (مناورة مواجهة الانساق الثلاثة لوحدات العدو)، يمكن القول إن المقاومة استطاعت منع العدو من تحقيق الأهداف الثلاث الأساسية من عمليته البرية المتعثرة، وذلك من خلال :

  • منعه من تنفيذ توغل بري يُعتّد به أو ذي معنى ميداني.
  • منعه من حماية الجليل وشمال فلسطين كاملاً، ومن حماية مدنه الرئيسة من الاستهدافات الصاروخية والمسيرة، وتحديدًا حيفا و”تل أبيب”.
  • منعه من إعادة مهجري المستوطنات الشمالية، مع فرض تهجير مروحة أوسع من المستوطنات، تجاوزت المستوطنات الشمالية إلى مستوطنات المنطقة الوسطى.

 

العهد الاخباري: شارل أبي نادر

قد يعجبك ايضا