أسرى فلسطين.. معاناة تجسد وحشية الكيان الصهيوني  

أنصار الله. تقرير

تعتبر المأساة الإنسانية في سجون العدو الإسرائيلي وفي الأراضي الفلسطينية المحتلة، وخاصة في قطاع غزة، واحدة من أكثر القصص الأليمة التي تستدعي التفاعل الإنساني والتعاطف العالمي. يعيش الأسرى الفلسطينيون ظروفًا قاسية وصعبة، تتجلى فيها انتهاكات حقوق الإنسان بشكل واضح. فحياة الأسرى مليئة بالمعاناة، حيث يتعرضون للتعذيب النفسي والجسدي، ويتلقون إهمالًا طبيًا متعمدًا، ما يؤدي إلى تدهور حالتهم الصحية بشكل خطير.

في هذا السياق، لا تقتصر المعاناة على الأسرى داخل السجون فحسب، بل تمتد آثارها لتشمل عائلاتهم ومجتمعاتهم. فالأسر غير مكتملة، والقلق على المعتقلين يلاحق الأمهات والآباء والأبناء. في قطاع غزة تستمر الاعتقالات وفي الضفة الغربية بشكل يومي، حيث تُبين الأرقام أن الآلاف من الفلسطينيين، بما في ذلك النساء والأطفال، يتعرضون للاعتقال.

مشاهد مسرّبة من سجن مجدو

الجرائم المروعة التي تحدث في سجن مجدو الإسرائيلي، حيث يُمارس التعذيب الممنهج والاعتداء الوحشي بحق الأسرى الفلسطينيين. وثائق سرّية تتكشف اليوم، كاشفة عن فصل جديد من فصول الظلم، حيث تُستخدم الكلاب لإذلال الفلسطينيين، وتُظهر مدى السلوك اللا إنساني الذي يتعرض له هؤلاء الأبطال.

هذه الأحداث تتزامن مع تقارير مروعة عن مأساة الأسرى، فقد استشهد العشرات منهم بسبب الإهمال والتعذيب. الفيديوهات المسربة تُظهر الأسرى الفلسطينيين عراة من النصف العلوي، مُجبرين على الانبطاح على الأرض وكأنهم عُملاء طاعة، بينما يمر السجانون بكلبهم فوق رؤوسهم. هذه المشاهد تُجسد واقعًا قاسيًا وغير إنساني يتجاوز كل الحدود.

حركة حماس أدانت هذه الجرائم واعتبرتها دليلاً جديدًا على همجية الاحتلال الذي يمارس التعذيب والتجويع والإهمال الطبي. ودعت حماس المجتمع الدولي إلى تسجيل هذه الانتهاكات والعمل بجدية للضغط على السلطات الإسرائيلية لوقف هذه الأعمال البشعة.

مشيرة إلى أنه، ومنذ بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في 7 أكتوبر، استشهد أكثر من 60 فلسطينيًا داخل سجون الاحتلال، حيث تعكس التقارير تزايد حالات التعذيب والانتهاكات. نادي الأسير الفلسطيني ذكر في بيانه بأن العشرات من الأسرى، الذين لا تزال ظروف وفاتهم غامضة، سُجلوا في عداد الشهداء بسبب سياسات الاحتلال القمعية.

سجن النقب الصحراوي

وهناك، في أقبية سجن النقب الصحراوي، تتكشف مأساة حقيقية تُسطرها شهادات الأسرى الفلسطينيين الذين تمكن بعض محامييهم مؤخرًا من زيارتهم. يُطلق على هذا السجن “مقبرة الأحياء”، حيث تعكس سياسة القمع والتعذيب واقع حياة الأسرى، الذين يُحرمون من أبسط مقومات الحياة.

تشير التقارير إلى أن العديد من الأسرى يعانون من إصابات خطيرة وأمراض معدية، أبرزها مرض الجَرب. يعيش الأسرى في حالة من الهزال الشديد بسبب التجويع والإهانة المتعمدة. وقد أصبح الإهمال الطبي القاعدة، حيث يُترك الأسرى المصابون يتعذبون بلا رحمة أو علاج.

قصة الأسير قصي هصيص، المعتقل منذ أقل من شهر، تبرز فداحة الوضع. يعاني قصي من مرض الجَرب، وقد ناشد إدارة السجن العلاج عشرات المرات دون جدوى، في حين يعاني عشرة أسرى آخرون في زنزانته من نفس المرض، مع حالتهم الصحية المتدهورة.

أما الأسير أيمن محمود عطشان، الذي يُعاني من كسور في أضلاعه نتيجة الضرب الوحشي، فيحتاج إلى مساعدة الآخرين للقيام من فراشه، حيث تُحرم هذه الأرواح الطاهرة من الحق في الشفاء والعيش بكرامة. قصص الأسير مجاهد أبو العز والأسير جلال هلال شخشير، اللذين مُنعا من تلقي العلاج اللازم، تعكس واقعًا قاسيًا يجب أن يُفضح.

 

المظلومية التاريخية

أكد نادي الأسير الفلسطيني في بيان له، أن قرار المحكمة الجنائية الدولية بإصدار مذكرات اعتقال بحق مجرمي الحرب نتنياهو وجالانت بالإضافة إلى القرارات السابقة الصادرة عن محكمة العدل الدولية، يصب في مسار النضال الحقوقي والقانوني الدولي. وأوضح النادي أن العدو الإسرائيلي بجرائمه وحالة الاستثناء التي منحت له من بعض القوى الدولية، حاول أن يسلب المنظومة الحقوقية دورها الإنساني العالمي، مما يضع هذه المنظومة تحت جملة تساؤلات كبيرة.

وأرفق نادي الأسير في بيانه أبرز المعطيات عن حملات الاعتقال وأعداد الأسرى الفلسطينيين منذ بدء حرب الإبادة. بلغت حصيلة حملات الاعتقال أكثر من 11,800 حالة اعتقال في الضفة بما فيها القدس. أما بالنسبة للنساء، فقد بلغت حصيلة حالات الاعتقال بين صفوفهن بعد السابع من أكتوبر أكثر من 435 حالة، تشمل النساء اللواتي اعتقلن من الأراضي المحتلة عام 1948، وحالات الاعتقال بين صفوف النساء من غزة اللواتي جرى اعتقالهن من الضفة. لا يشمل هذا العدد النساء اللواتي اعتقلن من غزة، ويقدر عددهن بالعشرات.

وبالنسبة للأطفال، بلغ عدد حالات الاعتقال بينهم في الضفة ما لا يقل عن 775 حالة. أما الصحفيون، فقد بلغ عدد حالات الاعتقال والاحتجاز بينهم منذ بدء حرب الإبادة 136 صحفيًا وصحفية، تبقى منهم رهن الاعتقال 59، من بينهم 6 صحفيات، و32 صحفيًا من غزة على الأقل ممن تم التأكد من هوياتهم. وبلغ عدد أوامر الاعتقال الإداري منذ بدء حرب الإبادة أكثر من عشرة آلاف أمر، ما بين أوامر جديدة وأوامر تجديد، منها أوامر بحق أطفال ونساء.

وأضاف البيان أن حملات الاعتقالات المستمرة ترافقها جرائم وانتهاكات متصاعدة، منها عمليات تنكيل واعتداءات بالضرب المبرح، وتهديدات بحق المعتقلين وعائلاتهم، إلى جانب عمليات التخريب والتدمير الواسعة في منازل المواطنين، ومصادرة المركبات، والأموال، ومصاغ الذهب. كما طالت عمليات التدمير الواسعة البنى التحتية تحديدًا في مخيمات طولكرم، وجنين ومخيمها، وهدم منازل تعود لعائلات أسرى، واستخدام أفراد من عائلاتهم كرهائن، إضافة إلى استخدام معتقلين كدروع بشرية.

وأشار البيان إلى أن حصيلة حملات الاعتقال منذ بدء حرب الإبادة تشمل كل من جرى اعتقالهم من المنازل، وعبر الحواجز العسكرية، ومن اضطروا لتسليم أنفسهم تحت الضغط، ومن اُحتجزوا كرهائن. وأضاف أن قوات العدو الإسرائيلي نفذت إعدامات ميدانية، منهم أفراد من عائلات المعتقلين.

وأوضح البيان أن المعطيات المتعلقة بحالات الاعتقال في الضفة تشمل من أبقى العدو الإسرائيلي على اعتقالهم، ومن تم الإفراج عنهم لاحقًا. حيث سجلت أعلى حالات اعتقال في محافظتي القدس والخليل.

وأفصح البيان عن استشهاد ما لا يقل عن 45 أسيرًا في سجون العدو الإسرائيلي بعد السابع من أكتوبر، ممن تم الكشف عن هوياتهم وأعلن عنهم، من بينهم 27 شهيدًا من معتقلي غزة، بالإضافة إلى العشرات من معتقلي غزة الذين استشهدوا في السجون والمعسكرات ولم يفصح العدو الإسرائيلي عن هوياتهم وظروف استشهادهم، إلى جانب العشرات الذين تعرضوا لعمليات إعدام ميداني. يذكر أن 43 أسيرًا ممن استشهدوا وأعلن عنهم منذ بدء حرب الإبادة محتجزة جثامينهم، وهم من بين 54 أسيرًا من الشهداء يواصل العدو الإسرائيلي احتجاز جثامينهم، ممن تم الإعلان عن هوياتهم.

هذه المعطيات لا تشمل أعداد حالات الاعتقال من غزة والتي تقدر بالآلاف، علمًا أن العدو الإسرائيلي اعترف بأنه اعتقل أكثر من 4500 مواطن من غزة أفرج عن المئات منهم لاحقًا، مع الإشارة إلى أن الاحتلال اعتقل المئات من عمال غزة في الضفة، إضافة إلى مواطنين من غزة كانوا متواجدين في الضفة بهدف العلاج.

إجمالي أعداد الأسرى في سجون العدو الإسرائيلي حتى بداية نوفمبر 2024 يبلغ أكثر من 10,200 أسير ومعتقل، فيما بلغ عدد المعتقلين الإداريين 3,443، من بينهم 100 طفل، و29 أسيرة. كما بلغ عدد من صنفتهم إدارة سجون العدو الإسرائيلي من معتقلي غزة بالمقاتلين غير الشرعيين 1,627، علمًا أن هذا العدد لا يشمل كافة معتقلي غزة وتحديدًا من هم في المعسكرات التابعة لجيش الاحتلال.

ويبلغ عدد الأسيرات المعلومة هوياتهن 90 أسيرة، من بينهن أربع أسيرات من غزة معلومة هوياتهن وهن في سجن الدامون، فيما يبلغ عدد المعتقلات إداريًا 28. عدد الأسيرات المذكور لا يشمل كافة الأسيرات من غزة، قد يكون هناك أسيرات في المعسكرات التابعة للاحتلال. ويبلغ عدد الأطفال المعتقلين ما لا يقل عن 270 طفلًا.

قبل السابع من أكتوبر، بلغ عدد إجمالي الأسرى في السجون أكثر من 5,250، وعدد الأسيرات 40، فيما بلغ عدد الأطفال في السجون 170، وعدد الإداريين نحو 1,320.

قد يعجبك ايضا