العمليات العسكرية اليمنية في البحر الأحمر.. جحيمٌ لحاملات الطائرات الأمريكية

|| صحافة ||

تكتُبُ القواتُ المسلحة مع نهاية عام 2024م الفصولَ الأخيرةَ لنهاية حاملات الطائرات الأمريكية.

ما حدث خلال عام واحد، شيء لا يصدق، كما يقول الأمريكيون؛ فاليمنيون الذين خرجوا من ركام حرب مدمّـرة لعشر سنوات، يظهرون قوة عسكرية تذهل العالم، وتجعل الكثير من الخبراء والمحللين العسكريين في حَيْرَةٍ من أمرهم، وكأن المارد قد خرج من القمم.

في البداية، كانت حاملة الطائرات الأمريكية (يو إس إس أَيزنهاور) تجوب البحار، والمحيطات، وتستعرض من خلالها واشنطن قوتها، وهيمنتها على الدول، بما فيها الدول العربية المغلوبة على أمرها، وترسل أكثر من رسالة للعالم، مفادها بأن عليه أن يسكُتَ ولا يحرِّك ساكنًا تجاه ما يحدث من جرائم إبادة صهيونية في قطاع غزة، ما لم فَــإنَّها لن تتردّد في تأديب كُـلّ المخالفين.

ومع استعراض هذه القوة، فضّل الكثير من الحكام العرب والمسلمين، التزامَ الصمت، وبلع الكثيرُ منهم ألسنتهم، لكنَّ بلدًا عربيًّا خرج عن المألوف، وأعلن بالفم المليان وقوفه مع غزة، والمساندة للمظلومية الفلسطينية، بالوسائل والطرق المتاحة، بما فيها الفعل العسكري، من هنا ظهر اليمن كلاعب رئيس، وقوة إقليمية في المنطقة.

ابتدأ اليمن عملياته العسكرية بالتدرج، وفي مرحلة متصاعدة، وُصُـولًا إلى المرحلتين الرابعة والخامسة، والتي ظهرت فيها عمليات نوعية، أذهلت العالم، بما فيها استهداف حاملة الطائرات الأمريكية “أيزنهاور” لأول مرة في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية.

وعلى الرغم من المكابرة وحجم الإنكار الكبير، وعدم الاعتراف من قبل الأمريكيين بما حدث لهم، إلا أن الكثير من القصص، توالت في وسائل الإعلام الأمريكية، ومن يوم إلى آخر، كانت الفضائح تطفو على السطح؛ فالرواية اليمنية هي الصادقة، وما يعلنه الأمريكيون هو الكذب بحد ذاته.

وبالتوازي مع كُـلّ ما حدث، توارت “أيزنهاور” عن الأنظار، عائدة إلى البلد الأم، ومعها الكثير من الحكايات والقصص التي سيدونها التاريخ في أنصع صفحاته.. عادت إلى حظيرة الصيانة، ويرافقها الإخفاق والفشل الأمريكي، والهزيمة الساحقة أمام القوة اليمنية الناشئة والمتصاعدة.

بيد أن الأمريكيين لم يستفيدوا من درس “أيزنهاور”، معتقدين أن ما حدث قد يكون مُجَـرّد صدفة، وشجاعة من جيش لا يخشى شيئًا، لذلك عاودوا الكرة مرة أُخرى، مرسلين قطعًا بحرية، وبوارج عسكرية، ومدمّـرات، وحاملة الطائرات “روزفلت”، لكن السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي -يحفظه الله- بطل معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس، خرج في خطاب متلفز، معلنًا أن “روزفلت” إذَا غامرت ودخلت إلى منطقة العمليات في البحر الأحمر، فَــإنَّها ستكون قيد الاستهداف للجيش اليمني.

وبالفعل، لم يجرؤ الأمريكي على إدخَال “روزفلت” إلى البحر الأحمر، وظلت تمخر في محيطات وبحار بعيدة عن اليمن، حتى ضاق الأمريكيون ذرعًا، وأعلنوا انسحابها من المشهد، لتحتل مكانها “إبراهام لينكولن”، وهذه الحاملة هي الأُخرى، لم تجرؤ على دخول البحر الأحمر، وظلت في البحر العربي، ترقب المشهد اليمني بعيون وجلة، وتوجس من بعيد.

اعتقد الأمريكيون أن بإمْكَانهم المساس بهيبة اليمن، متخذين من حاملة الطائرات الأمريكية “لينكولن” منطلقًا لتنفيذ هجمات نوعية بالطائرات على مواقع متعددة في المحافظات اليمنية، لكن الرد اليمني سريعًا، حَيثُ تم استهداف هذه الحاملة، أثناء محاولتها تنفيذ هجوم واسع على اليمن، فكانت عملية استباقية أفشلت المخطّط الأمريكي، وأعاقت خططه.

انتصر اليمنيون في حرب المعلومات، وفي الحرب الاستخباراتية، وفي الجرأة والشجاعة على استهداف “لينكولن”، وجر الأمريكي وراءه الخيبة والهزيمة، باحثًا عن وسيلة أُخرى لتحقيق هدفه في اليمن، وإلحاق الهزيمة بالجيش اليمني.

وفي ظل ذروة الأحداث في المنطقة، وتصاعد التوحش الإجرامي الصهيوني في قطاع غزة، والصمت العربي والإسلامي المطبق، جاءت حاملة الطائرات الأمريكية (يو إس إس هاري ترومان) إلى البحر الأحمر، في تحدٍّ جديد لليمن، ولقواته المسلحة، معتقدين أن اليمنيين سيخضعون هذه المرة، وسيعلنون الاستسلام، لا سِـيَّـما أن الأمريكيَّ يسجل نقاطًا في المنطقة العربية، ومنها إسقاط نظام الرئيس بشار الأسد.

وجاءت الضربات الموجعة، والصفعة القوية للعدو الأمريكي، بإعلان القوات المسلحة اليمنية عن تنفيذ هجوم واسع، استهدف “ترومان” في البحر الأحمر، بثمانية صواريخ باليستية مجنحة، و17 طائرة مسيَّرة، في حدث تاريخي استثنائي، رافقه إسقاط مقاتلة أمريكية من نوع f18.

ستهرب (يو إس إس هاري ترومان)، كما هربت حاملات الطائرات الأمريكية الثلاث “أيزنهاور” و”روزفلت” و”إبراهام لينكولن”، وسيجل التاريخ أن اليمن هو حارس البحر الأحمر، وملكه، ومنه سيعود لليمن مجده، وتاريخه، وسؤدده؛ فالتاريخ يعلمنا أن البحر الأحمر، كان قديمًا يسمى “ببحر اليمن”، وباب المندب كان يسمى “بوابة الدموع”، وأن الغزاة على امتداد التاريخ، كانوا يصطدمون ببأس وصلابة اليمنيين، وجبروتهم، لا سِـيَّـما عندما تكون كلمتهم واحدة، وموقفهم واحد، وقيادتهم حكيمة؛ فالتبع اليماني يعود اليوم من جديد، واليمن يصنع التاريخ من جديد، ولا عزاء للخونة، والعملاء، والمنبطحين، والصامتين عن جرائم المتكبرين في فلسطين.

 

مؤشرات الانحسار الأمريكي:

ما بعد استهداف حاملات الطائرات الأمريكية الثلاث “أيزنهاور”، وَ”روزفيلت” وَ”لينكولن”، وهروبها جميعًا الواحدة تلو الأُخرى في ثلاث مناسبات، وإخلائها لمنطقة الشرق الأوسط لأول مرة منذ نصف قرن، تظهر مؤشرات الانحسار الأمريكي البحري، ودخول الأمريكيين في صراع الغرف المغلقة، بعد كُـلّ هذا السقوط، والعجز عن فك حصار اليمن ضد العدوّ الإسرائيلي في البحر الأحمر منذ عام ونيف.

واليوم، وَفي خضم التصعيد الأمريكي الغربي الصهيوني على اليمن كانت ردود اليمن المتوالية ما بين استهداف الأمريكيين في البحر الأحمر، واستهداف “إسرائيل” في يافا المحتلّة في أقوى عمليتين لليمن خلال يومين.. عمليتان هما الأقوى، “رسالة” لما يمكن أن يكون عليه الرد اليمني القادم، مع أي جنون أمريكي، أَو تصعيد إسرائيلي.

صباح السبت، ظهرت عملية “تل أبيب” كضربة هي الأشد وقعًا على العدوّ الإسرائيلي مع ما خلفته من ضحايا بالعشرات، تحدث الإعلام الصهيوني عن ثلاثين إصابة”، فيما جاءت عملية الأحد كرد “كبير” على العدوان، والقصف الأمريكي البريطاني المعادي على اليمن؛ فالمعادلة التي فرضتها اليمن منذ استهداف طاقم البحرية اليمنية “شهداء البحرية العشرة”، وحتى اليوم، تؤكّـد أن اليمن يقود مواجهة السيادة، والبحث عن السلام الممتد من غزة إلى صنعاء باقتدار واحتراف عالٍ.

إفشال عمليات واشنطن -لندن من على متن حاملة الطائرات “يو إس إس ترومان” ومدمّـرات مرافقة لها، وإسقاط طائرة إف18، كانت ضربة قاسية للقوات الأمريكية على وجه الخصوص.

وللمرة الثانية من على حاملة طائرات أمريكية (الأولى تم فيها إفشال تحضيرات عملية جوية ضد اليمن من على متن حاملة الطائرات إبراهام لينكولن في البحر العربي، والثانية من على متن الحاملة ترومان في البحر الأحمر كما جاء في بيان العميد سريع أمس الأحد) تنتصر القوة اليمنية في مسارين (عسكري واستخباراتي)، حَيثُ تعقيدات تحديد مواقع الحاملة، والمدمّـرات المصاحبة والصواريخ والقذائف والمسيَّرات المناسبة للمواجهة.

 

 إسقاط طائرة إف18:

وعلى وقع خبر نزل على الولايات المتحدة كالصاعقة، كان إسقاط اليمن للطائرة الأمريكية إف 18 سوبر هورنيت، جديد عمليات اليمن، وإبراز تفاصيل المواجهة، بعد أن أصبح اليمن متخصصًا في إسقاط طائرات إم كيو 9، وبإسقاطه 12 طائرة تجسسية خلال معركة طوفان الأقصى، بينما يجري التعتيم الأمريكي على الحادثة، والادِّعاء أن ما حصل للطائرة الأمريكية فوق البحر الأحمر، كان بنيران صديقة، حَيثُ برزت مع حالة التعتيم والإنكار الأمريكي أسئلة عدة كانت الأكثر إحراجًا للأمريكيين، وأول هذه الأسئلة ما أورده عضو المجلس السياسي الأعلى -محمد على الحوثي، عن هذه العملية؛ فإذا لم تفصح البحرية الأمريكية عن سبب سقوط الطائرة الأمريكية، فلماذا أوقفت يو إس إس هاري ترومان قرب السودان شمالي البحر الأحمر، كُـلّ أجهزتها ومحركاتها البارحة؟

ثم كيف يمكن لـ طراد “يو إس إيس غيتيسبورغ” في مجموعة حاملة الطائرات “يو إيس هاري ترومان” أن يخطئ في درجة حرارة الطائرة F/A18، هذا ما دفع لتشكيك محلل شؤون الأمن القومي في مجلة ناشيونال انترست، براندون ويشيرت، في رواية الجيش الأمريكي بإسقاط الطائرة بنيران صديقة.

وقال: “وصلنا إلى (مستوى متدنٍ) للغاية كقوة عظمى مزعومة عندما تكون “نيران صديقة” أقرب قصة تصديقًا على حقيقة أن “اليمنيين” ربما أسقطوا إحدى طائراتنا.

الجدير ذكره أن الطائرة F/A-18 كانت تعمل من على متن حاملة الطائرات الأمريكية USS Harry S. Truman عندما “أطلقت عليها المدمّـرة الأمريكية USS Gettysburg وهي طراد الصواريخ الموجهة من طراز Ticonderoga، جزءًا من المجموعة الهجومية لحاملة الطائرات ترومان، التي دخلت مياه الشرق الأوسط قبل أسبوع.

ومع هذا الحدث الأبرز يمكن استذكار جملة من تعليق للقيادي محمد على الحوثي آواخر سبتمبر الماضي حين قال: “صواريخنا تصل اليوم إلى يافا “تل أبيب” وقريبًا سنسقط طائرات إف16″.

ما يعني اليوم أن ما بعد إسقاط طائرة إف 18، هناك المزيد من المفاجآت اليمنية، ومنها تأتي المفاجآت السعيدة.

 

صحيفة المسيرة

قد يعجبك ايضا