معيارُ النصر والهزيمة في الصراع مع العدوّ الصهيوني
موقع أنصار الله ||مقالات ||د. فؤاد عبدالوهَّـاب الشامي
الصراع والمواجهة مع العدوّ الصهيوني ليست وليدة اللحظة ولكنها مُستمرّة منذ بداية القرن الماضي، وقد حدثت مواجهاتٌ عديدة بين الفلسطينيين وهذا العدوّ، ثم دخل العرب كطرف أَسَاسي في هذا الصراع بعد عام 1948م، وقد حقّق العدوّ الصهيوني الغلبة في الكثير من تلك المواجهات بدعم من القوى الدولية بقيادة بريطانيا وأمريكا، ولكن سرعان ما كانت المواجهات تعود إلى الاشتعال بين الطرفين من جديد، وكان الهدف الرئيسي للعدو هو تحقيق النصر النهائي على العرب؛ ليتمكّن من الاستقرار في الأراضي الفلسطينية دون أن يتعرض لأي خطر، ولكنه لم يتمكّن من تحقيق ذلك من خلال المواجهات التي خاضها مع الفلسطينيين والعرب في الفترة الماضية.
وفي المواجهة التي يخوضها العدوّ الصهيوني مع العرب حَـاليًّا بدعم من قوى دولية عديدة كان يتوقع أن يحسم الأمر ويحقّق الانتصار الذي يصبو إليه، وخَاصَّة بعد أن تمكّن من إخراج حزب الله وسوريا من المعادلة، وبرغم الدعم الدولي والغطاء السياسي الذي تمنحه الدول الداعمة للعدو الصهيوني إلَّا أن غزة ما زالت صامدة والمقاومة الفلسطينية ما تزال توجع العدوّ، والعدوّ لم يتمكّن من تحقيق أي انتصار على الأرض باستثناء ما يقوم به من تهديم المدن والمؤسسات الخدمية ومنازل المواطنين، وكذلك لم يتمكّن من الوصول إلى أسراه الذين ما تزال المقاومة الفلسطينية تحتفظ بهم، وما تزال عمليات الدعم والإسناد قائمة من اليمن والعراق، وهذا دفع أمريكا إلى التسريع بإيجاد حَـلٍّ سياسي لوقف الحرب مقابل إطلاق الأسرى الصهاينة.
وما حدث في لبنان يعتبر هُدنةً مؤقّتةً قد تستمر فترة قصيرة أَو طويلة من الزمن ثم تعود الحرب من جديد؛ لأَنَّ العدوّ لم يتمكّن من القضاء على المقاومة الإسلامية عسكريًّا، وما حقّقته المقاومة في ظل الظروف الصعبة التي مرت بها يعتبر انتصارًا كبيرًا.
وأما الهزيمة الذي يمكن أن يتجرعها العرب والفلسطينيون فيمكن أن تأتي من خلال الجهد الذي تبذله أمريكا لتطبيع العلاقات بين الكيان الصهيوني والأنظمة العربية، وَإذَا تحقّق ذلك فسوف يعتبر اعترافًا بحق الصهاينة في العيش في الأراضي العربية التي استولى العدوّ عليها بالقوة وسيقوم العرب بحمايته، وهذه هي هزيمة التي لا انتصار بعدها، ولكن ذلك لن يتم ما دام المقاومة قائمة على الأرض، وسوف يستمر العدوّ بالبحث عن انتصار، والمقاومة سوف تستمر حتى إخراج العدوّ الصهيوني من الأراضي العربية.