إذَا أردت السلامَ فاحمل السلاح

موقع أنصار الله ||مقالات ||جميل المقرمي

مثلٌ أمريكي متداول معروف لدى الجميع، في أوساط دولة ترى لنفسها الوصاية العليا على العالم وتعتبر أنها الحرم الأكثر أماناً على سطح الكوكب بما تتمتع به من ماكنة كونية عظمى في الجانب الأمني والاستخباراتي والتي لا تتوفر في دولة متطورة أُخرى..

مع كُـلّ ذلك يبقى السؤال الأبرز حول تلك العبارة المشاعة، لماذا السلام مشروط في حمل السلاح وسط هذه الدولة؟!

على الرغم أنه وفي الوقت ذاته تصنف الولايات المتحدة الأمريكية أنها من بين أكثر الدول التي تشهد عمليات سطو ونهب مسلح من قبل العصابات المسلحة، والتي ترى في عمليات السطو مصدرًا أَسَاسيًّا للعيش وسد فجوة الحاجة لهذه العصابات.

في المقابل وَبالعودة إلى بلدنا الحبيب الذي قيل عنه بلاد الستين مليون قطعة سلاح في الكثير من التقارير الصادرة من الجهات العالمية قبل العدوان السعوديّ الأمريكي على اليمن، أما اليوم فبالطبع أن الأمر مختلف تمامًا وقبل أن نخوض في هذا الأمر، لا بُـدَّ لنا أن نعرج على الخطوات التي بذلتها أمريكا لسحب هذه الأسلحة من اليمن..

لقد بدأ الاهتمام الأمريكي في هذا الشأن مبكراً، حَيثُ ظهر ذلك جليًّا في زيارة السفير الأمريكي “أدموند هول” لصعدة أوائل العام 2004م حين أخذ بيده بخّاخ طلاء وقام بخدش شعار الصرخة المطبوع على جدران المدينة، ليقوم بعدها بزيارة أسواق السلاح في محافظة صعدة وأظهر تفاجُؤَه للمسؤولين آنذاك من انتشار أسواق الأسلحة، رغم كونها تعد من الأسلحة الشخصية البسيطة وَلا تخيف دولة بحجم أمريكا عند المقارنة بما تملكه هذه الدولة بيد مواطنيها لا بما تمتلك في ترسانتها الحربية..

لا شك أن هذا الخوف الأمريكي كان مبرّراً من جهتها بالنظر إلى ما هو قادم، وهو ظهور المشروع القرآني العظيم الذي رأت فيه أمريكا أنه يشكل خطراً وجوديًّا على مشروعها الاستعماري، حَيثُ أدركت مبكراً أهميّة المشروع القرآني في الخلاص من هيمنتها؛ فما يعطيه هذا المشروع هو الإيمَـان، سلاح لا نظير له سيجعل من هذه الأسلحة الشخصية قوة ضاربة في وجه المشروع الصهيوني الأمريكي الاستعماري في المنطقة..

لذا وباهتمام بالغ ومتابعة حثيثة أَوعز الشيطان الأمريكي إلى أوليائه بضرورة سحب تلك الأسلحة من المواطنين والأسواق، واعتمد على فرض سياسات من شأنها تحقيق ذلك الهدف فاستخدم ورقة التجويع من جهة، ومن جهة أُخرى عمدت إلى رفع أسعار الأسلحة ورفعها بشكل جنوني في وقت قياسي للغاية..

في مسار آخر وهو الاستنزاف، أشعلت العديد من الحروب اللعينة التي شنتها السلطة الظالمة في اليمن بالوكالة عن هذا الشيطان الأكبر.

وفي المقلب الآخر اتجهت أمريكا بكل ثقلها لسحب الأسلحة الحديثة والثقيلة حتى من يد الجيش وخُصُوصًا تلك الأسلحة الخَاصَّة بالدفاع الجوي رغم فعاليته البسيطة، وشاهد الشعب اليمني كله كيف ابتعثت أمريكا تلك الفتيات الأمريكيات واللواتي كن على سدة الإشراف المباشر على تدمير ذَلك السلاح الاستراتيجي، والذي يمثل استهداف الأمن القومي اليمني.

وبالتوازي مع ذَلك كلفت السلطة الظالمة بسحب الأسلحة من الأسواق تحت حجج واهية وسخرت لذلك مئات المنابر الإعلامية في كون ذلك ظاهرة تهدّد السلم الاجتماعي والاستقرار في البلاد، حسب زعمهم آنذاك…

وكان الواقع مغاير بشكل كامل فقد تفاقمت الأوضاع الأمنية والمعيشية وصلت ذروتها مع خروج ثورة الحادي عشر من فبراير، حَيثُ توسعت الصراعات ووصلت إلى أن تم تقسيم صنعاء إلى كنتونات متناحرة وامتلأت شوارع العاصمة بالمتارس في الأحياء والأزقة بين ما يسمى جيش علي محسن وجيش عفاش في ذلك الوقت..

ومع تطور الأوضاع ظل النخر الأمريكي متواصلاً لقدرات هذا الشعب العسكرية دون انقطاع، وشاهد الجميع تساقط تلك الطائرات في شوارع صنعاء وما تم بعدها من تبني هيكلة الجيش عقائديًّا بإشراف الأمريكي مباشرة.

كلّ هذه الأمور والأحداث كانت تدور وفق ما يشتهي الأمريكي ووفق الخطط التي رسمها بدقة وعناية، وبعد أن حول فندق شيراتون إلى ثكنة عسكرية أمريكية؛ أمر يؤكّـد أن الحرب العدوانية على اليمن في مارس 2015 جاءت تتويجاً لهذه التحَرّكات والحركات والسيناريوهات المختلفة والمتعددة وبعد أن فقدت أمريكا كُـلّ أوراقها في اليمن.

إلا أنه وعلى الرغم من كُـلّ ذلك وبسبب الثقافة السائدة لدى المواطن اليمني الذي يرى أن سلاحه كقطعة من جسده فشل مخطّطهم الخبيث بتجريد هذا الشعب من سلاحه بالكامل، وتحَرّك الجميع وفق المشروع القرآني والثقافة القرآنية وحنكة وحكمة السيد القائد عبدالملك بن بدر الدين الحوثي -يحفظه الله- الذي رأى أنه لا بُـدَّ من التدخل قبل أن تتحول صنعاء إلى بغداد أُخرى خُصُوصًا مع انتشار ظاهرة الاغتيالات وكذلك تفجير المساجد والمشافي والأماكن العامة، بل ووصول ذلك حتى إلى المناطق الأمنية والعسكرية ففجرت العروض العسكرية والكليات العسكرية وُصُـولًا إلى اقتحام مبنى وزارة الدفاع ذاته.

فكان سلاح الإيمَـان إلى جانب سلاح الحديد هو السبب في حفظ الأمن والاستقرار بعد أن عرف الشعب أن المشكلة لا تكمن في حمل السلاح ولكن في ثقافة حمل السلاح.

ومع ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر بدأ الناس ينظمون أمورهم في حماية الأمن والاستقرار إلى جانب الجيش، والتي أطلق عليها في ذَلك الوقت الجيش واللجان الشعبيّة، وكانت السند وخط المواجهة الأول مع الأعداء وشكلت ثنائية من الصمود والثبات خُصُوصًا مع انهيار الجيش النظامي إلَّا من رحم ربي..

القبيلة اليمنية كانت متواجدة بسلاحها لحماية الوطن، ولم تفلح تلك السياسات الرامية إلى سحب السلاح اليمني من عاشقيه… وكانت المفاجأة لقوى العدوان..

اليوم ومع استمرار الأطماع الاستعمارية في اليمن تتواصل عملية سحب الأسلحة من القبائل اليمنية، خُصُوصًا في المناطق المحتلّة، تحت حجج واهية، وأسباب ما أنزل الله بها من سلطان.

شاهدنا الحملات الأمنية في المناطق المحتلّة وبكل وقاحة تقوم بسحب الأسلحة وقصها وهو ما يظهر حقيقة الخوف الذي يكنُّونه من اليمني، وهذا الأمر لم يسلم منه حتى المرافقين لقيادة المرتزِقة الذين يتم سلبهم الذخيرة أثناء زيارة الإماراتي أَو الصهيوني وقد شاهد الجميع ذلك في الفلم الوثائقي حراس الصهيونية.. الذي بث قبل أَيَّـام على قناة المسيرة مباشر.

وما نشاهده اليوم وكل يوم من حملات تسمى بالأمنية وتظهر حرصه على تطبيق القانون -القانون الذي لم يكفل لأحد حق العيش بكرمة على تراب أرضه- وكيف يقومون بقصقصه الأسلحة بطرق استفزازية وبتوجيه أمريكي لكي تتهيأ الساحة ويحتلها دون أدنى مقاومة.

في المقابل شاهدنا ويشهد الجميع حجم الأسلحة التي تحضر كُـلّ ساحة من ساحات ومسيرات الصمود والثبات والتي لم تسجل حادثاً أمنيًّا على الإطلاق؛ لأَنَّ الجميع تثقفوا بتفافة القرآن وعرفوا إلى من توجّـه هذه الأسلحة، كما نشاهد كُـلّ يوم قوات التعبئة العامة وهم يتلقون التدريبات على مختلف أنواع الأسلحة.

وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على الثقة المتبادلة بين القيادة والشعب ويدل على أن من يريد أن يجعلك عزيزاً لا يرد أن يسلبك مصدر قوتك، بعكس تلك المناطق المحتلّة التي تشهد حملات تفتيش وسحب الأسلحة من المواطنين فهم يريدون قطيعاً لا ناب فيهم..

قائد الثورة السيد القائد عبد الملك بن بدر الدين الحوثي -يحفظه الله- قبل فترة حذر من هذا الأمر وقال: العدوّ يسعى إلى تجريد الأمة من السلاح ويسعى إلى ألَّا نمتلك أية وسيلة للدفاع عن أنفسنا فنكون مثل الدجاج فيستبيح أي شعب دون أن يلقى من يواجه.

هذا الأمر يجعلنا نشد على أيدي الإخوة في المناطق المحتلّة، ونؤكّـد لهم أن العدو ما زال يتربص بالوطن وسيعمل بكل الأسباب التي توهله لذلك، ولذلك يتوجب عليهم الحفاظ على أسلحتهم وعدم السماح بسحبها وبيعها كي لا يصبحون في يوم من الأيّام كقطيع الدواجن عاجزين أمام هذا العدوّ، الذي ثبت واقعاً أنه لا يرعوي مطلقاً عن انتهاك الأعراض والكرامة لكل مخالفيه..

وعلموا جيِّدًا أنه إذَا أردتم السلام فاحملوا السلاح..

قد يعجبك ايضا