موجة التحريض لا تثمر: المجرم ترامب (غير) متحمّس لمغامرة في اليمن
||صحافة||
على رغم حماسة صقور الحزب الجمهوري في واشنطن لاستخدام القوة ضد اليمن، إلا أن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، لم ينبس ببنت شفة أو يعلّق بأي شيء بشأن كيفية التعاطي الأميركي مع اليمن الذي يشكّل تحدّياً خطيراً للولايات المتحدة، وفق وسائل إعلام أميركية، فيما كانت أطراف إقليمية ومحلية يمنية، وكذلك جهات في الإدارة الأميركية، تتوقّع مغامرة عسكرية ضد صنعاء. ويقول خبراء في واشنطن إن الإدارة ليست في صدد أي عمل عسكري قريب في اليمن، ولو بالحد الأدنى، وهو ما يؤشر إليه قرار إدارة ترامب سحب حاملة الطائرات “هاري ترومان” من البحر الأحمر، والتي كانت مركز الانطلاق للهجمات على اليمن.
وفُسّر هذا الانسحاب، وفق الخبراء، بوصفه تأكيداً من جانب أميركا أنها لم تعد ترغب في مزيد من التصعيد، ووجدت فرصة لالتقاط أنفاسها بعد أشهر من المواجهة التي أحرجتها عسكرياً، وضيّقت الخناق على حليفتها إسرائيل اقتصادياً، وصار كل ما تطمح إليه الآن هو مزيد من الاستقرار على خطوط الملاحة في مضيق باب المندب والبحر الأحمر.
وبالفعل، يبدو أن واشنطن جمّدت كل عملياتها العسكرية، ما لم تحدث حالة طارئة تستدعي تصعيداً جديداً في المنطقة، وتلك بحد ذاتها إشارة إلى كل القوى المناهضة لصنعاء بأن الآمال بتصعيد عسكري تلاشت أو تكاد. لكن هذا لا يعني أن أميركا لن تواصل حربها على اليمن، بل هي بالفعل أقرّت خطة لحصاره مالياً واقتصادياً، وبدأت في تنفيذها بتصنيف حركة “أنصار الله” منظمة إرهابية عالمية. غير أن التعثّر المتكرر في مسار وقف إطلاق النار بين “حماس” والكيان الإسرائيلي، والذي ينذر بتجدّد العدوان على قطاع غزة، سيعيد العمليات العسكرية في البحر الأحمر وعمليات استهداف العمق الإسرائيلي، وهذا ما تخشاه تل أبيب.
وبصورة أعمّ، تخشى الدوائر الاستخباراتية في واشنطن وتل أبيب من تحوّل “أنصار الله” من “مجرد حركة تمرد محلية” إلى قوة إقليمية، متحدثة عن حضور يمني قوي في دول القرن الأفريقي. ووصفت صحيفة “واشنطن تايمز”، في تقرير، الأسبوع الماضي، الوضع في اليمن بالخطير، وحدّدت ثلاثة أمور ضرورية لإضعاف قدرات الحركة، هي: استهداف تصنيع الأسلحة، منع الدعم الإيراني عبر طرق التهريب وضرب قيادة الحركة لتعطيل تماسكها الداخلي. ونقلت الصحيفة عن داني سيترينوفيتش، وهو مسؤول سابق في الاستخبارات الإسرائيلية، وباحث كبير في شؤون الأمن في الشرق الأوسط، قوله إن “الحوثيين يسيطرون على موانئ رئيسيّة وطرق تهريب، وهي ضرورية لتوليد الإيرادات”، مضيفاً أن “تهريب النفط، والاتجار بالأسلحة، والتجارة غير المشروعة… كلها تغذي خزينة حربهم”.
تحريض خليجي على إنهاء اتفاقية استوكهولم
أما خليجياً، فتتعاظم الشكاوى من تغيير في مزاج الرأي العام العربي في البيئة القريبة من الرياض وأبو ظبي لمصلحة خيار المقاومة، وخصوصاً خيار الإسناد اليمني، واتساع القناعة لدى الرأي العام في هذه البيئات بأن تكلفة المقاومة والممانعة للمشروع الأميركي – الإسرائيلي، أقل بكثير من تكلفة التطبيع، علماً أن الإعلام اليمني المقاوم، بما في ذلك على شبكات التواصل الاجتماعي، مارس تأثيراً كبيراً دفع الإعلام الإسرائيلي ووسائل إعلام ومراكز بحثية أميركية، إلى اعتباره تهديداً خطيراً لسردية التحالف الأميركي – الإسرائيلي – الخليجي.
كذلك، يكاد الإعلام الخليجي، ولا سيما السعودي والإماراتي، لا يتوقف عن التحريض على اليمن وادعاء تشكيله تهديداً لأمن الملاحة البحرية الدولية، مصوّباً بشكل خاص على ميناء الحديدة باعتباره شريان حياة لليمنيين منذ فترة طويلة، مع تكرار التهمة المعروفة بأن الأسلحة الإيرانية المتطوّرة تدخل عبره. وفي الإطار نفسه، يجري التحريض على التخلص من “اتفاقية استوكهولم” التي أبرمت في كانون الأول 2018، والتي بواسطتها تشرف الأمم المتحدة على وصول البضائع إلى الميناء.
على أن التحريض لا يقتصر على الإعلام الخليجي، بل يتجاوزه إلى المنظومة المتحالفة معه في واشنطن، والتي تعمل في الاتجاه نفسه. ويقول مدير تحليل السياسات في “منتدى الشرق الأوسط”، مايكل روبين، في تقرير نشره “معهد المشروع الأميركي لأبحاث السياسة العامة”، إن التلاعب بموضوع الحديدة لم يجلب السلام، بل أدى إلى تمكين “أنصار الله”، وتفاقم التهديد الذي تشكّله على الشحن. ويحرّض روبين على إنهاء اتفاقية استوكهولم بالقول إنه “إذا كانت الولايات المتحدة والإمارات والسعودية ومصر والشركاء الدوليون الآخرون جادّين في إنهاء تهديد الحوثيين، فيجب عليهم إنهاء الوهم القائل بأن اتفاقية استوكهولم ناجحة”. ويقترح بدلاً من تنظيم دوريات بحرية غير فعالة، كما فعلت إدارة الرئيس الأميركي السابق، جو بايدن، قيام الولايات المتحدة وشركائها بمحاصرة الحديدة، والسماح فقط للسفن التي تخضع لعمليات تفتيش حقيقية بالمرور.
الاخبار اللبنانية: لقمان عبد الله