موقع “ريسبونسبل ستيتكرافت” الأمريكي: الضربات لم ولن تضعف أنصار الله الذين صمدوا أمام القصف السعودي لسنوات
كشف موقع ريسبونسبل ستيتكرافت الأمريكي عن التناقضات العميقة في سياسة إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تجاه الأزمة في البحر الأحمر، حيث تواصل الولايات المتحدة تنفيذ عمليات عسكرية مكلفة ضد أنصار الله في اليمن لحماية الملاحة الدولية، بينما تقف الدول الأوروبية والخليجية، الأكثر تأثراً بالأزمة، متفرجة، مستفيدة من جهود أمريكا دون تحمل أي مسؤولية.
ونقل التقرير تصريحاً لوزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو خلال برنامج “Face the Nation” يوم 16 مارس، قال فيه إثر إعلان ترامب توسيع الضربات ضد أنصار الله: “نحن نقدم للعالم أجمع خدمة كبيرة بالتخلص من هؤلاء الأشخاص وقدرتهم على ضرب الشحن العالمي”، لكن التقرير أكد أن هذا التصريح يثير الارتباك لا الامتنان، مشيراً إلى أن إدارة ترامب التي هددت حلفاءها الأوروبيين الشهر الماضي بسبب اعتمادهم على قوتها، تعود الآن لتقدم لهم الدعم نفسه الذي انتقدته…وبيّن التقرير أن “هجمات أنصار الله على السفن عبر مضيق باب المندب بدأت قبل 16 شهراً لدعم المقاومة الفلسطينية ضد اسرائيل وتوقفت مؤقتاً مع وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل في يناير 2025”
وأوضح التقرير أن أمريكا لم تتأثر كثيراً بفضل اعتمادها المنخفض على نفط الشرق الأوسط ووجود طرق بديلة، حيث ارتفعت أسعار الشحن من موانئها بنسبة أقل وبقيت دون ذروة الجائحة، مع استقرار أسعار الطاقة والتضخم، بينما عانت أوروبا، التي تعتمد بشدة على البحر الأحمر لتجارتها مع آسيا ونفط الخليج، من اضطرابات في سلاسل التوريد وارتفاع أسعار الطاقة وتوقف مصانع في ألمانيا وبلجيكا، ما أبطأ نموها الاقتصادي، كما تضررت دول المنطقة بانخفاض حركة موانئها بنسبة الثلثين.
وكشف التقرير أن أمريكا أنفقت نحو مليار دولار حتى يناير 2025 على إطلاق 120 صاروخاً من طراز SM-2 و80 من SM-6 و20 من ESSM وصاروخ SM-3 لاعتراض هجمات أنصار الله، دون احتساب تكاليف الضربات الجوية داخل اليمن، لكنها لم تحصل سوى على دعم ضئيل من حلفائها، حيث اقتصرت بريطانيا على مساندة محدودة في عهد بايدن، بينما يقتصر دور الاتحاد الأوروبي على 4 فرقاطات للدوريات، وتتردد دول الخليج في تقديم دعم فعّال.
وانتقد التقرير إدارة ترامب التي وعدت منذ توليها في يناير 2025 بالتخلي عن دور “الضامن الأمني العالمي” ومطالبة حلفائها مثل أوروبا وتايوان واليابان ودوول الخليج العربي بتحمل أعباء دفاعهم، لكنها في البحر الأحمر تتحمل تكاليف باهظة لحماية مصالح تخدم أوروبا والدول العربية أكثر منها، دون مطالبتهم بمساهمة حقيقية. واقترح التقرير أن يتراجع ترامب عن هذا الدور ويدعو أوروبا والدول العربية لتحمل العبء الأكبر في الدفاع عن البحر الأحمر كاختبار لالتزامهم بأمنهم.
التقرير أكد أن المصالح الأمريكية ليست مهددة مباشرة، وأن الضربات لم ولن تضعف أنصار الله الذين صمدوا أمام القصف السعودي لسنوات واكتسبوا دعماً شعبياً بمواجهتهم لأمريكا. واختتم التقرير بدعوة ترامب للتمسك بشعاره بجعل المصالح الأمريكية هي المحرك لاستخدام القوة، محذراً من أن النهج الحالي يعيد واشنطن إلى دورها القديم الذي رفضته، ويعفي حلفاءها من مسؤولياتهم، في وقت تحتاج فيه للحفاظ على مواردها بدلاً من إنفاقها في معارك تخدم الآخرين أكثر مما تخدمها.