سلوك ترامب غير المنضبط يُنذر بفوضى عارمة تحلّ بالعالم

موقع أنصار الله . تقرير | 

 

أمريكا تستعرض -أكثر- القوة في “الشرق الأوسط” بطريقة فجة، وتتكئ على شخصيتها الدموية التي أبادت الملايين من البشر لإرهاب الآخرين. وسرعان ما يتبين للعالم أن الهدف من تحركها الجديد، الحفاظ على التوازن النفسي لدى الأمريكان من الانهيار أكثر بعد أن وقفوا عاجزين امام اليمن عن تحقيق هدف الردع لصالح الكيان، بل وتحملوا تبعات ذلك من خسائر على مستوى تراجع القناعة الدولية بصدارة الجيش والقدرة الأمريكية في الردع، وعلى مستوى الكلفة الاقتصادية.

وبإضافة فوضى التجارة العالمية التي ولّدها ترامب بفعل غوغائيته لم يعد هناك من شك بأنها اللحظات التي تسبق الانحدار ولو بعد حين، فالتنمر بهذه الصيغة التي تتجاوز كل الأعراف وكل ما هو منطقي، وتكشف عن غطرسة وتجبُّر، دائما ما كانت تمهد لتحوّل يهوي بصاحبها إلى مزالق الضعف والدمار.

أمريكا اليوم بصلفها تبدو أكثر تعاليا واستكبارا من أي وقت مضى، فتأتي أفعالها مدمرة لكل مناخات التعايش بين الأمم والشعوب، والسمة البارزة في هذه الأفعال غير المسؤولة وغير الأخلاقية هو البطش والجبروت والتعاطي باستعلاء مقيت، وإجبار الآخرين على التعاطي مع نزعاتها الشيطانية بإيجابية وبصدر رحب، وعدم التذمر أو التفكير في اتخاذ موقف مماثل ضدها، ما لم فإنها ستخضع لعقوبات.

أمريكا واستعداء الشعوب

كل ذلك يمارسه ترامب اليوم ويعكس من خلاله الشخصية الحقيقية للأمريكي المنحرف، قاطع الطريق وناهب حق الآخرين.. يقدم نفسه كشخص ذكي محنك، مع أن ممارسة البلطجة بتحلل من كل القيم، كفيل بطبيعة الحال للوصول بالشخص إلى مبتغاه، لكنها شريعة الغاب، وطبيعة كائناتها الوحشية التي تقتل بعضها بلا رادع من أجل إشباع رغباتها، ستبقى أمراً يستهجنه وينكره كل العالم، وتجعل أصحاب هذا المسلك ضمن الفصيل الحيواني.

مثّلت القوانين ووضع الأعراف والثوابت الناظمة للحياة بين الناس على هذه الأرض، تطورا ارتقى بالإنسان من البيئة الحيوانية إلى حيث كونه الكائن المميز من مخلوقات الله، ترامب اليوم يريد بسلوكه غير المنضبط العودة بالعالم إلى الطبيعة الفوضوية، طبيعة الغاب، فيُعيِن لتوسيع رقعة التوجه مندوبا له في اتجاه الشرق، هو النتنياهو الذي جعلت منه أفعاله الإرهابية الثاني بعد ترامب.

ترامب الذي بدأ مهاجما كل العالم منذ مجيئه الثاني إلى الرئاسة الأمريكية ينذر بعواصف هوجاء سيتسبب بها بسقوط الدولة الأمريكية، حتى ما يبتدعه مجلس “الدولة العميقة” من مسرحيات خلاف مع نتنياهو أو تصوير أن الوضع في مواجهة الصين غير مريح لجهة الاستعداد، لن يجدي نفعا، وسيتحول حتما إلى حقائق، وسيجد نفسه فعلا في مواجهة مصير معتم، تحاصره أوضاع متردية داخليا ووضع منهار خارجيا.

  

صراعات بقصد نهب الشعوب

 

تعيش أمريكا على العنف واستهداف الآخرين، والتمرد حتى على ما يجمعها بالآخرين من علاقات وخطط مشتركة، وتتخذ لذلك الكثير من المسالك والمظاهر أبرزها التلويح بالقوة، واستخدامها غالبا على الشعوب المستضعفة لترهيب الآخرين، كما يحدث اليوم حيث تفتح أذرعاً على مختلف الاتجاهات للقول بأنها قادرة على التحكم بالمسارات وإن تعددت الجبهات.

وبالتأمل، نجد أن كل الصراعات والتوترات التي يولّدها الكيان الأمريكي غالبا أسبابها اقتصادية، فأمريكا اعتادت على النهب أولا، ثم فرض توجهاتها في الأنشطة التجارية بما يجعلها الأوفر حظا من المكاسب، حتى وجودها في الشرق الأوسط حماية للكيان الإسرائيلي سببه تمكين العسكري الصهيوني من فرض هيمنته بقصد حماية مصالح واشنطن في المنطقة.

لذلك تنتشر اليوم القطع البحرية العسكرية الأمريكية بصورة فجة لفرض إرادتها على دول المنطقة، ولتأكيد هيمنتها في رسالة إلى الخصم الصيني تحديدا، الذي بات يشكل فاعلا مرعبا للأمريكان، ولأن من قتلوا ملايين البشر من أجل النهب لا يعنيهم شيء إلا تحقيق أغراضهم فإنه لا يُخجلهم أن يظهروا بهذه الصورة، ولا يعنيهم ما يمكن أن تخلقه تصرفاتهم من توترات.

تؤكد  صحيفة “ميل آند غارديان” في جنوب أفريقيا في تقرير أن هذا الاستعراض الصارخ للقوة لا يؤدي إلا إلى تفاقم التوترات ويعرض التجارة العالمية للخطر. ومن خلال زيادة وجودها العسكري وشن حرب ضد اليمن، تعمل واشنطن على تأجيج المزيد من عدم الاستقرار، متجاهلة القانون الدولي، ومثبتة مرة أخرى أن التزامها بحقوق الإنسان ليس أكثر من مجرد خطاب أجوف”.

 

الهجمات العقيمة على المدنيين دليل يأس

 

لا تكتفي أمريكا -وهي تنشر قطعها العسكرية البحرية كل حين وآخر- بعسكرة البحر الأحمر لحماية الكيان، وإنما تزيد على ذلك بتنفيذ الهجمات العقيمة على المدنيين فتقتل النساء والأطفال، ليتضح تنامي حالة اليأس والإحباط التي تعيشها الإدارة الأمريكية.. تؤكد صحيفة “ميل آند غارديان” أن هذه الأفعال تُعدّ انتهاكًا مباشرًا للقانون الدولي، وتُسهم في دوامة العنف وجرائم الحرب. وبموجب اتفاقيات جنيف، تُعتبر الهجمات على المدنيين والبنية التحتية المدنية جرائم حرب. وقد أدى استخدام الغارات الجوية والطائرات المُسيّرة في المناطق المأهولة بالسكان إلى خسائر بشرية ودمار واسع النطاق في صفوف المدنيين، وهو انتهاك واضح للقانون الإنساني الدولي.

  

العمليات اليمنية تهزم أمريكا

 

المسلّمات التي صار على الأمريكان أن يتعاملوا معها بجدية بلا تشنج أو انشداد إلى هيبة فارغة، إلا من صدى صراخ قادة البيت الأبيض، أن اليمن أولا ثابت على موقف الإسناد لغزة، وكان على الأمريكان الذين زايدوا طويلا بشعارات حقوق الإنسان أن يكونوا في صف الرافضين لسياسة القتل المفتوح التي يمارسها العدو الإسرائيلي ضد الفلسطينيين في القطاع. وثانيا أن العجز بات سيد الحيلة في إيقاف أو تحجيم القدرات العسكرية اليمنية.

تقول شبكة فوكس نيوز: رغم القصف الأمريكي المكثف والذي يشمل قاذفات B-2 الشبحية التي تستخدم قنابل خارقة للتحصينات، إلا أن اليمنيين ما زالوا قادرين على إطلاق صواريخ وإسقاط الطائرات المسيّرة الأمريكية المكلفة مثل “MQ-9“.

ثالثا: إن تأثير العمليات اليمنية مسألة لم يعد بالمقدور حجبها بغريال، خصوصا مع تصاعد تداعياتها. وتصف صحيفة “ذا ماركز” الاقتصادية العبرية، الهجمات اليمنية بأنها “ثمن باهظ” تدفعه “إسرائيل” مقابل قرارها السياسي والعسكري باستئناف العدوان، مؤكدة أن أربع ضربات صاروخية فقط خلال الأيام الماضية كانت كافية لإعادة الحياة اليومية في المدن الإسرائيلية إلى أجواء الرعب والاحتماء، ولتعطيل حركة الطيران المدني فوق الكيان الغاصب بشكل متكرر.

 وتشير الصحيفة العبرية إلى أن فاعلية الهجمات اليمنية لا تقف عند الجانب النفسي أو الرمزي، بل تمتد إلى إحداث كلفة أمنية واقتصادية مباشرة على “الجيش” الإسرائيلي، ناهيك عن استمرار الحصار البحري الذي تفرضه قوات صنعاء في البحر الأحمر على السفن الإسرائيلية، والذي تسبّب بخسائر مالية باهظة للموانئ الإسرائيلية.

 

لا تراجع عن الإسناد والثأر

 

المعطيات التي تؤكد بأن الهجمات اليمنية باتت تمثل تحوّلا نوعيا في معادلة الردع الإقليمي، مسألة كافية لأن تؤكد عُقم أي تحرك عسكري لاستعراض القوة الأمريكية في المنطقة، كما تؤكد عبثية الهجمات ضد اليمن وقتل المدنيين.

والأكيد في هذا السياق أن التورط الأمريكي أكثر وأكثر في انتهاك القوانين الدولية وتنفيذ هجمات على اليمن غير مبررة سيعزز من إدانتها بالجُرم، ويوجب ملاحقتها قانونيا وتخمُّل العقاب نظير ذلك. ولأن اليمن يدفع ثمن موقفه الإنساني مع غزة من دماء الشعب اليمني فإنه لن يتوانى عن الثأر لهذه الدماء، وعلى الأمريكان أن يعوا هذا الأمر جيدا، فضلا عن الخسائر الباهظة التي يتجرعونها بسبب الطيش الترامبي، على مستوى هيبة الجيش والكلفة الاقتصادية وتضعضع المكانة الدولية.

 

قد يعجبك ايضا