زئير الحق من أرض العروبة: “غزة لن تُترك وحيدة”
موقع أنصار الله . تقرير . يحيى الربيعي
في ربوع تضاريس يمن الإيمان والحكمة، حيث تتجذر العروبة عميقًا في ثرى التاريخ، تنطلق صيحات مدوية تهز أركان الصمت العربي المطبق، وتخرق جدار التواطؤ الدولي المريب. مسيرات هي زلازل بشري، هي براكين غضب مقدس تثور نصرة لفلسطين الجريحة، تنطلق لتعلن للعالم أجمع أن بوصلة الحق لا تزال تشير إلى القدس، وأن نبض العروبة الأصيل لا يزال يخفق في عروق اليمنيين الأحرار.
وتحت ظلال سماء اليمن المثقلة بغارات العدوان الأمريكي الصهيوني، ورغم وطأة حصار جائر يمتد ليطال حتى لقمة العيش وقطرة الدواء، يخرج الملايين في اليمن إلى الساحات، رجالاً و شيوخًا وأطفالًا، ليجسدوا أروع صور الصمود والثبات في مسيرات ليست كغيرها، إنها استفتاء يتجدد كل جمعة على مبدأ إيماني إنساني أخلاقي راسخ، وقسم أبدي على نصرة القضية المركزية للأمة (فلسطين).
زئير الحق من أرض العروبة: “غزة لن تُترك وحيدة!”
جهاد وثبات واستبسال.. غزة لن تُترك وحيدة! ليست مجرد كلمات، بل هي قسم فداء، ونشيد ثورة تتوارثها الأجيال. إنها خلاصة إيمان عميق بعدالة القضية الفلسطينية، إيمان راسخ كجبال اليمن الشامخة، لا تهزه عواصف العدوان ولا تزعزعه رياح الحصار. إنها لهيب عزيمة يشتعل في وجه التحديات، يحيل الصعاب إلى وقود يزيد جذوته اشتعالًا، ويجعل من التضحيات نورًا يضيء طريق النصر.
في وجه العدو الصهيوني المتغطرس، الذي يظن أن جبروته قادر على كسر إرادة الأحرار، تنطلق هذه الصرخات كصواعق مدمرة، تحطم غروره وتزلزل أركان كيانه الهش. إنها رسالة مدوية إلى أمريكا، التي أسقطت قناع الديمقراطية وحقوق الإنسان، وكشفت عن وجهها الحقيقي كوحش كاسر يلتهم حقوق الشعوب ويدعم القتلة والمجرمين. لقد تجاوزت واشنطن كل الخطوط الحمراء، وضربت بعرض الحائط بكل القوانين والأعراف الدولية، في دعمها الأعمى لمشروعها الاستعماري البغيض في قلب الأمة العربية.
لقد راهنت أمريكا على إسكات صوت اليمن الحر، هذا الصوت الذي يصدح بالحق كهدير السيل، ويدافع عن المظلومين كليث هصور. سعت بكل أساليب الخداع والقوة لإخماد هذه الشعلة الوضاءة، معتقدة أنها قادرة على ترويض هذا الشعب الأبي. لكنها تلقت صفعة مدوية، دوى صداها في أرجاء المعمورة، لتضاف إلى سجل هزائمها المتراكمة في فيتنام وأفغانستان والعراق وغيرها من ساحات الوغى.
اليمن، أرض الإيمان والحكمة، أثبت للعالم أنه صخرة صلبة تتحطم عليها مؤامرات الطغاة، وأن محاولات ترويعه لن تزيده إلا صلابة وعنادًا على المضي قدمًا في طريق العزة والكرامة. لقد ترسخت في وجدان كل يمني حر قناعة لا تزحزح بأن نصرة فلسطين هي واجب مقدس، وأن الدفاع عن كرامة الأمة هو عنوان وجوده.
إن هذه الصرخات المدوية ليست مجرد تعبير عن غضب عابر، بل هي فعل ثوري يتجاوز حدود الكلمات. إنها زلزال يهز ضمائر المتخاذلين، ويكشف عورة المنافقين. إنها بركان حق ينفجر في وجه الصمت العربي المطبق والتواطؤ الدولي المخزي. إنها إعلان واضح بأن اليمن سيظل الحارس الأمين لقضية فلسطين، والسند القوي لمقاومتها الباسلة، حتى يتحقق النصر المبين، وحتى تشرق شمس الحرية على أرض الأنبياء. **”غزة لن تُترك وحيدة!”** هو عهد اليمن، وهو قسم الأحرار، وهو وعد الله الحق.
ورسالة إلى الأهل في غزة وأخرى للعدو
إن هذه المسيرات الجماهيرية تعبير عن التضامن الإنساني، وفعل ثوري بامتياز. إنها تعرية فاضحة للتخاذل العربي المخزي والصمت الدولي المريب. إنها إدانة صريحة للمجازر الوحشية التي يرتكبها الكيان الصهيوني بحق أهالي غزة، وتندد بالتصعيد الأمريكي الذي يمثل انتهاكًا سافرًا للسيادة الوطنية اليمنية.
في كل ساحة من ساحات اليمن الحرة، يرتفع صوت الحق مطالبا أمة الملياري مسلم بموقف حازم يوقف العربدة الإسرائيلية، ومؤكدًا أن الصمت هو تواطؤ ومشاركة للعدو الصهيوني في جرائمه.
تجدد الجماهير اليمنية المحتشدة في أكثر من خمسمائة وخمسين ساحة على امتداد البلاد، موقفها الثابت والمبدئي الداعم للمقاومة الفلسطينية، معلنة استعدادها لكل الخيارات التي تتخذها القيادة الثورية في إطار معركة “الفتح الموعود والجهاد المقدس”. إنها تعبر عن فخرها واعتزازها بالعمليات النوعية التي تنفذها القوات المسلحة اليمنية، والتي أرعبت العدو وشلت حركته في البحر الأحمر، مؤكدة أن العدوان الأمريكي لن يثني اليمن عن نصرة فلسطين، بل سيزيده إصرارًا وثباتًا. إنها دعوة إلى صحوة الضمير العالمي، وإلى نبذ ازدواجية المعايير التي تكيل بمكيالين.
“لستم وحدكم ولن تكونوا وحدكم، فالله معكم ونحن معكم”. إنها بشرى بالنصر القريب، وتأكيد على أن الحق سينتصر على الباطل مهما طال الظلام. كما أنها رسالة قوية من الشعب اليمني إلى الأعداء مفادها: “إن عدوانكم فاشل سواء في غزة أو ضد اليمن… لأننا على الحق ولأنكم على الباطل، ولأننا نتولى الله بينما أنتم تتولون الشيطان”. إنها معادلة بسيطة لكنها تحمل في طياتها سر القوة الحقيقية.
عظمة هذه المسيرات المليونية
تتجلى عظمة هذه المسيرات عندما يرتفع صوت الوجدان اليمني عالياً ليؤكد الاستمرار في هذا النهج الجهادي، ثباتًا على الإيمان والحكمة، واستجابة بل وتفويضا لقائد المسيرة القرآنية المضي إلى تفعيل كل الطاقات لدعم فلسطين والدفاع عن اليمن، وإلى التعبئة العامة، ومقاطعة الأعداء، وتفعيل معركة الإعلام والتوعية.
نعم، لقد أعلنت الجماهير اليمنية أنها في ثورة شعبية عارمة ومستمرة، تتجاوز حدود الجغرافيا والسياسة، لتلامس أعماق الروح الإنسانية، ولتعبر عن ضمير الأمة الحي، الذي يرفض الظلم والاستبداد، ويؤمن بأن النصر حليف الحق مهما طال انتظاره. بل ولتسمع الدنيا إلى هذا الصوت القادم من يمن العروبة والإيمان، صوت الحق الذي لا يخشى في الله لومة لائم صوت يحث الجميع دون استثناء إلى التحرك وبذل الجهود في مختلف المجالات، متوكلين على الله، ومعتمدين عليه، وواثقين به، لنفشل العدو أكثر، ونسند غزة أكثر، والله ولينا وله جهادنا وهو حسبنا ونعم الوكيل نعم المولى ونعم النصير.