بالأرقام، تستمر فظائع العدو الصهيوني ومجازر الإبادة التي يرتكبها بحق الشعب الفلسطيني في تغوير الجروح وزيادة شدة الآلام، لاسيما في قطاع غزة، حيث تتواصل حرب الإبادة الجماعية وتتصاعد معها أصوات القصف بشكل متواصل، كل يوم يشهد نزيفًا متزايدًا من الدماء، وخرابًا يحيط بمختلف جوانب الحياة، ويتعاظم الألم في قلوب العائلات المكلومة التي فقدت أحباءها بنيران عدو الأمة.
في تصريح مؤلم للدكتور إسماعيل الثوابتة، مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، تتجلى أبعاد المأساة الإنسانية المتفاقمة بأرقام تقشعر لها الأبدان. ففي كل يوم يمر على القطاع المنكوب، يحصد العدو الإسرائيلي أرواح ما يقارب 90 شهيداً ممن يصلون إلى المستشفيات، ليضافوا إلى سجل طويل من الدماء الزكية التي سالت على أرض غزة.
ولم تتوقف آلة القتل الإسرائيلية عند هذا الحد، بل استهدفت الطفولة البريئة بلا رحمة، حيث تشير الإحصائيات المروعة إلى استشهاد ما معدله 32 طفلاً يومياً منذ بداية الإبادة الجماعية التي يرتكبها العدو منذ السابع من أكتوبر عام 2023م. كما لم تسلم النساء من هذا العدوان الغاشم، إذ ترتقي ما يقارب 22 امرأة شهيدة كل يوم .
وبأرقام دامية أخرى، يوضح الدكتور الثوابتة كيف تمضي فظائع الإبادة في تعميق الجراح وزيادة الآلام، فإلى جانب القتل اليومي، يتعمد العدو الإسرائيلي إخفاء ما يقارب 20 فلسطينياً قسرياً، وإصابة ما يربو على 207 آخرين. وفي مشهد يدمي القلوب، يبيد العدو يومياً ما يعادل 4 عائلات فلسطينية بالكامل، حيث يقتل الأب والأم وجميع الأبناء، بينما لا يبقى من 9 عائلات أخرى يتم إبادتها كجرعة يومية، سوى فرد واحد فقط ليحمل معه عبء الفقد والفجيعة. ويؤكد الدكتور الثوابتة بأسى أن سكان غزة باتوا يتعايشون مع هذه الجرائم اليومية، على أنها ضريبة يومية واجبة الدفع عن صمودهم في وجه العدو.
بيانات رسمية تؤكد الإبادة الممنهجة
في تأكيد لذات الحقائق المرة، أصدر المكتب الإعلامي الحكومي في غزة سلسلة من البيانات، تؤكد في مجملها أن العدو الإسرائيلي يواصل ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة بصورة ممنهجة ومتعمدة، مستهدفاً المدنيين بشكل مباشر ومقصود.
وتشير بيانات مكتب الإعلام الحكومي إلى أن أكثر من 65% من الشهداء هم من الأطفال والنساء وكبار السن، مؤكدا أن العدو ارتكب جريمة قتل بحق ما يزيد على 18 ألف طفل، وأكثر من 12 ألفاً و400 امرأة فلسطينية. كما أباد العدو ما يزيد على ألفين و180 عائلة فلسطينية، قضى على الأب والأم وجميع أفرادها، بالإضافة إلى إبادة أكثر من خمسة آلاف و70 عائلة أخرى لم يتبق منها سوى فرد واحد على قيد الحياة.
ولم يسلم القطاع الصحي والإنساني من الإجرام الصهيوني، فقد أفادت البيانات بأن أكثر من ألف و400 طبيب وكادر صحي فقدوا أرواحهم، مما أدى إلى انهيار المنظومة الصحية. كما قُتل العدو أكثر من مائة و13 شهيداً من أفراد الدفاع المدني أثناء قيامهم بواجبهم الإنساني. وفي محاولة لإسكات صوت الحقيقة، قتل العدو بدم بارد مائتين و12 صحفياً. وبلغ عدد ضحايا جرائمه المستمرة من عناصر تأمين وتوزيع المساعدات الإنسانية أكثر من سبعمائة و50 شخصاً.
وفي سياق التعليم، أزهق العدو أرواح ما يزيد على ثلاثة عشر ألف طالب وطالبة، وأكثر من 800 معلم وموظف تربوي، وما يزيد على 150 عالماً وأكاديمياً وأستاذاً جامعياً وباحثاً، بالإضافة إلى آلاف الموظفين والعاملين في القطاعات المدنية والحيوية. ويؤكد الإعلام الحكومي أن هذه الأرقام الموثقة تثبت أن استهداف المدنيين في غزة هو سياسة ممنهجة يتبعها العدو ضمن مخططه لارتكاب جرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي.
مجاعة وانهيار للقطاعات الحيوية
وفي سياق متصل، دقت تقارير المؤسسات الغزاوية، ومعها المنظمات الإنسانية العاملة هناك، ناقوس الخطر بشأن الكارثة الإنسانية المتفاقمة، مؤكدة -التقارير- أن قطاع غزة يقف على شفا الموت الجماعي، فالمجاعة تتسع رقعتها، وأكثر من مليون طفل أصبحوا في بؤرة الخطر، بينما تنهار القطاعات الحيوية وسط حصار خانق وصمت دولي مُخزٍ.
وتشير التقارير إلى تسجيل 52 حالة وفاة بسبب الجوع وسوء التغذية، من بينهم 50 طفلاً، في واحدة من أبشع صور القتل الجماعي البطيء. ويعاني أكثر من 60 ألف طفل من سوء تغذية حاد، بينما يشتكي أكثر من مليون طفل من الجوع اليومي الذي تسبب في الهزال وسوء البنية الجسمية. وقد أُجبرت آلاف الأسر الفلسطينية على مواجهة الموت جوعاً بعد عجزها عن توفير وجبة واحدة لأبنائها.
وقال المرصد الأورومتوسطي، في بيان صحافي الاثنين 28 أبريل 2025م، إنّه بينما كان المدعو برئيس وزراء الكيان الإسرائيلي المجرم "بنيامين نتنياهو" ينكر أمام الإعلام استهداف المدنيين، كانت طائراته تنفذ المزيد من الغارات الجوية التي تتعمد قتل الأطفال والنساء، في نمط متكرر من الجرائم المروعة التي لم تعد استثناءً، بل أصبحت سياسة منهجية تتحدى كل القوانين والأعراف الدولية.
وبيّن المرصد الأورومتوسطي أنّه خلال سبعة أيام فقط (من 20 إلى 26 نيسان/ أبريل الجاري)، قتلت "إسرائيل" 345 فلسطينيًا وأصابت 770 آخرين، وفق معطيات ميدانية تُظهر أن 94% على الأقل من الضحايا هم من المدنيين. وأوضح أن 75% من الضحايا خلال المدة المشمولة بالتوثيق هم من الأطفال (51%) والنساء (16%) وكبار السن (8%).
أما وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”، فقد أعلنت الأحد الماضي عن نفاد إمداداتها من الطحين في قطاع غزة. وقالت الوكالة الأممية إن لديها "حوالي 3000 شاحنة محملة بمساعدات منقذة للحياة جاهزة للدخول إلى غزة"، غير أن سلطات العدو الإسرائيلي تمنع دخول شاحنات المساعدات. وفي السياق، كانت منظمة الصحة العالمية قد حذرت في أواخر الشهر الماضي من أن "الإمدادات الطبية في غزة على وشك النفاد".
وقد وصلت البنية التحتية في قطاع غزة إلى مرحلة الانهيار الكامل، حيث خرجت 88 مستشفى عن الخدمة بفعل قصف العدو أو تدميره المباشر. كما توقفت أكثر من 90% من محطات المياه والتحلية عن العمل بسبب انعدام الوقود والتدمير الممنهج. وأُغلقت جميع المخابز في قطاع غزة تماماً نتيجة انعدام الطحين والوقود، مع رفض العدو إدخال أي شحنات مساعدات إنسانية منذ 55 يوماً.