قال المسؤول السابق لقسم الأسرى والمفقودين في شعبة "الاستخبارات العسكرية" التابعة للعدو الإسرائيلي " آفي كالو " إن وزير الدفاع الأمريكي الأسبق، روبرت ماكنمارا، الذي كان وراء الزجّ ببلاده في حرب عبثية في فيتنام أودت بحياة عشرات الآلاف من الجنود الأمريكيين، وتسببت في إصابة مئات الآلاف باضطرابات نفسية وبقاء أكثر من 1,500 جندي في عداد المفقودين حتى اليوم، ظلّ حتى وفاته يقرّ بندمه على تلك الغطرسة. ففي كتاب أصدره بعد 30 عامًا، أقرّ بأن إدارة الرئيس ليندون جونسون فشلت في الإصغاء لمعارضة الكونغرس ولرأي الشارع، الذي كان بمثابة “حكمة جماهير” تشكّل أفضل إنذار مبكر لفشل دموي متوقّع.

وأضاف "كالو" أن "حكومة" الاحتلال الحالية، التي يصفها بأنها الأكثر تطرّفًا وأقليةً في تاريخ "إسرائيل"، ورئيسها بنيامين نتنياهو، يسلكان النهج ذاته، متحدّين الرأي العام، ومن دون أغلبية برلمانية، ومع تصاعد الخطر على حياة الأسرى الصهاينة في حال توسّعت المعركة، ومع تدهور خطير في جاهزية قوات الاحتياط بما يمسّ بقدرة الجيش الإسرائيلي على القتال في جبهات أخرى، رغم معارضة "رئيس الأركان" في جيش العدو الذي أبدى شجاعة في مواقفه ضد قرار الحكومة بـ“السيطرة” على مدينة غزة – وهو مصطلح يصفه بـ“المهذّب” لعملية الاحتلال.

وأشار إلى أن الأثمان لن تقف عند هذا الحد، "فالمجتمع الدولي والإقليمي يرفض هذه الخطوة، والرأي العام الأمريكي يعارضها، فيما تتزايد داخل الحزب الديمقراطي النزعة المناهضة لإسرائيل، وهي نزعة سندفع ثمنها مستقبلًا". أما ألمانيا، أكبر مصدر للسلاح إلى "إسرائيل"، فقد بدأت بالفعل تفكّر بفرض حظر سلاح. وفي المقابل، يواصل نتنياهو، على حد قوله، التظاهر في الكابينيت بأنه لا ينوي احتلال القطاع، بل “إزالة حماس” فقط، رغم أن المستشارة القضائية للحكومة والنيابة العسكرية أوضحتا أن مثل هذا المسار يضع على "إسرائيل"، بموجب القانون الدولي، أعباءً ثقيلة تصل إلى حدّ إقامة حكم عسكري وتحمل المسؤولية الأمنية والسياسية والاقتصادية عن أكثر من مليوني فلسطيني".

ويؤكد كالو أن "نتنياهو، في سبيل بقائه السياسي، مستعد للتضحية بجوهر الأمن القومي الإسرائيلي، بما في ذلك دعم الولايات المتحدة، وحرية حركة الجيش، وبقايا التأييد الدولي بعد أحداث 7 أكتوبر". ويرى أن "رئيس وزراء" الاحتلال يتلاعب أيضًا "بحلفائه اليمينيين المتطرفين في الائتلاف، ويستهدف “احتلالًا على الورق” فقط، فيما يواصل، لخدمة ألاعيبه السياسية، إدارة “لعبة الدم” في غزة بالتركيز على “تجريد معاقل حماس” في المدينة، وهي خطوة يصفها بالمغامرة ذات الجدوى المشكوك فيها، والتي ستتوقف لاحقًا بعد دفع ثمن باهظ".