العدوان الأمريكي على سوريا.. أسبابٌ خفيةٌ وإقرارٌ بفشل الحرب بالوكالة
موقع أنصار الله || صحافة محلية || صدى المسيرة| محمد الباشا
السعودية ترحب قبل كيان الصهاينة.. اصطفافُ تابع ومتبوع وَعين أمريكية على المال الخليجي
عدوانٌ أمريكيٌّ على سوريا بذرائعَ تبين لاحقاً انها مزورة ومفبركة، وقطعاً وكما هي عادةُ أمريكا إذا أرادت العدوان المباشر بنفسها أَوْ غير المباشر بالوكالة عبر أدواتها فلن تُعدم الحجج، وما فتئ يدمَغُ في الذاكرة تدخُّلُ أمريكا وتوابعها المستمر، بل والمتصاعد في اليمن وَالعراق وليبيا، وتحت ذات الذرائع الواهية، لكن الاعتداءَ الأمريكي الأخير، الذي جاء ليعزّزَ مكانة الجماعات الإجرامية المسلحة، ويذّكر بما حدث في العراق عام 2003 ربما يتحوَّلُ إلى “كرة ثلج” تغرق المنطقة العربية في حروب إقليمية أَوْ حتى دولية، حد قول الكاتب الفلسطيني عبدالباري عطوان-، فالخطوة الأمريكية لن تبقى دون رد، أو هكذا استخلص التابعون من تفاعُلات الدب الروسي لها. لكنه سيكونُ رداً مدروساً ومحسوباً. وهو ما يجب قراءة من موقع القوة والقدرة على إدارة القوة. فكيف يجب رؤية مشهد ما بعد الضربة؟ وما هي القراءة الصحيحة لردود الفعل التي صدرت من روسيا؟
والشرارةُ كانت مطار “الشعيرات” العسكري الواقع بالقرب من مدينة حمص تعرض لعدوان من قبل أمريكا فجر الجمعة بـ 59 صاروخاً من نوع “توماهوك”، سقط منه داخل المطار 23 صاروخاً، بحسب وزارة الدفاع الروسية.
وأعلنت القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة السورية عن “استشهاد ستة أشخاص في العدوان بين عسكريين ومدنيين وأصيب أكثر من 20 آخرين.
من جهتها، قالت وكالة الأنباء السورية “سانا” أن 9 مدنيين استشهدوا جراء القصف الذي طال قرى قريبة من المطار بينهم 4 أطفال.
وأصدرت الرئاسة السورية بياناً، قالت فيه: إن “ما قامت به أمريكا ما هو إلا تصرف أرعن غير مسؤول، ولا ينُمُّ إلا عن قصر نظر وضيق أفق وعمى سياسي وعسكري عن الواقع”.
وأضافت الرئاسة: “إن كان النظام الأمريكي يعتقد أنه بهذا الاعتداء تمكن من دعم عملائه من العصابات والمنظمات الإجرامية على الأرض، فإن الجمهورية العربية السورية تؤكد وبصريح العبارات بأن هذا العدوان زاد من تصميم سوريا على ضرب هؤلاء العملاء”.
يُذكَرُ أن مطار الشعيرات يحتوي على 40 حظيرة إسمنتية، ويتضمن عدداً من طائرات “ميغ 23″ و”ميغ 25” و”سوخوي 25″، ولديه مدرجان أساسيان طول كُلّ منهما 3 كم.
السعودية- “إسرائيل”.. ترحيبُ الحُلفاء غير مفاجئ!!
ليس مستغرَباً أن تكونَ السعودية أولَ المرحبين بهذا العدوان، ويليها كيانُ الاحتلال الصهيوني ثم تركيا، فالكيانات الثلاثة يجمعها قاسم مشترك واحد وهو الانخراطُ في اعتداءات ضد جيرانها، الأولى في اليمن (السعودية وبمشاركة صهيونية)، والثانية في سورية الذراع التركي المسمى (درع الفرات)، والثالثة في قطاع غزة ولبنان وسورية (إسرائيل).
العاهلُ السعودي في مهاتفته الرئيسَ الأمريكي مساء الجمعة لتهنئته وسَمَ القرارَ الترامبي بـ “الشجاع”، وبحسب الوكالة السعودية فقد أطلع ترامب سلمان “على تفاصيل العملية العسكرية التي نفذتها الولايات المتحدة ضد أهداف عسكرية محددة في سوريا”.
أما تل أبيب فلم تتردد في الكشف عن حقيقة أنّ الاعتداء الأميركي على سوريا جرى بالتنسيق معها، وفي سياق استراتيجيتها الإقليمية وتلبيةً لرهانات كانت تترقبها. واتسمت ردودُ فعلها الرسمية والإعلامية، بالاحتفاء، انطلاقاً من الرهان على أن تداعيات هذا الاعتداء ستؤدّي إلى تعزيز مكانتها الاستراتيجية على مستوى المنطقة.
حساباتُ حُلفاء سوريا لما بعد الضربة الأمريكية
من الواضح أن قيامَ واشنطن بالتهور لا يعني قيام أعدائها بذلك. إذ تتصرف روسيا وإيران من منطلق ما يخدُمُ مصلحة الشعب السوري كحدٍّ أدنى. وذكر موقع الوقت التحليلي عدة مسائل تُحدد المشهد والذي يجب على أساسه بناء حسابات المستقبل، وهي كما يلي:
أولاً: من الواضح أن ترامب ومن خلال الضربة سعى لتحقيق مكاسب أمريكية داخلية، عبر تخفيف الضغط الذي يتعرض له من النُخب السياسية والأمنية والعسكرية في أميركا، ليس أكثر. لذلك أرادها ضربة محدودة، يظن أن الطرف الروسي قد يتفهمها.
ثانياً: يبدو أن ترامب سعى لإيجاد نقطة تحوَّل في السياسة الأمريكية التي يُمثلها كجمهوري، من منطلق أنه لن يتعاطى مع أي ملف خارجي أَوْ داخلي، على طريقة سلفه الديموقراطي باراك أوباما. في محاولة لوضع حد للأحادية الروسية الظاهرة على الصعيد الدولي في إدارة الملف السوري.
ثالثاً: من الناحية الميدانية في سوريا، فإن الضربة لم تُحقِّق أية نتيجة عسكرية. بل هي بنتائجها وطبيعتها وأهدافها، لم تؤسّس لمعادلة جديدة على الصعيد العسكري السوري. حيث أن الأضرار اقتصرت على السلاح، وهو الأمر الذي له العديد من الدلالات، لكنه في معادلات الصراع الميداني السوري يُعتبر من دون أثر.
رابعاً: أثبتت الضربة والسياق الذي جاءت فيه وما سبقها من حملة إعلامية إلى أن كُلّ مسألة الهجوم الكيميائي مُفتعلة. حيث أنه لا يمكن الفصل بين الضربة وما سبقها، وما لحقها من حفلات جنون وفرح، في تركيا وقطر والسعوديّة والمعسكر المحسوب على أمريكا. في حين أعلنت الجماعات الإجرامية والتي تُسمى معارضة إبتهاجها، وعاد رياض حجاب إلى الشاشات العربية مُحللاً إستراتيجياً!
خامساً: أثبتت أمريكا من خلال الضربة أن مشاريعها في الحرب بالوكالة فشلت. من العراق إلى أفغانستان، وسوريا ولبنان واليمن وليبيا. وهو ما يعني بالضرورة عودة واشنطن إلى الساحة وبشكل يعتمد على الإدارة المباشرة وليس عبر الوكلاء.
الضربةُ على شعيرات سوريا وراءها أسبابٌ أمريكية خفية
من جهته قال اللواء بهجت سليمان أنه بعد العدوان الأمريكي المباشر على سوريا ستنخفض مدة القضاء على الإجراميين إلى النصف، مؤكداً أن هنالك 10 أسباب للعدوان الأمريكي على مطار الشعيرات.
وكتب السفير السوري السابق في الأردن على صفحته في “فيسبوك” أن إدارة ” ترامب ” قامت بشنّ عدوان على مطارٍ سوريّ لعدة أسباب وهي:
أولاً، لكي يُبٓرْهِن ” ترامب ” لنفسه، بأنّه رئيس أمريكا فِعْلاً. وثانياً، لكي يُرْضِي ويُسْكِت اللوبيات الأمريكية العديدة، التي كان لها ولا زال، دَوْرٌ أساسيٌ، في العدوان على سوريا. وثالثاً، لكي يُرْضِي “إسرائيل” ويَكْسَبَها إلى جانبه، في الحرب الأمريكية الداخلية، السياسية والإعلاميّة التي تُشَنُّ عليه.
أما السبب الرابع فهو لكي يقول لِلجهات الأمريكية الفاعلة التي اتَّهَمَتْهُ بِأنّه وَصَلَ للرّئاسة، بَفَضْلِ “التّدَخُّل الروسي”: ها أنا أَضْرِبُ مطاراً توجد فيه قُوّاتٌ روسيّة، وعليكم أن تفهموا بأنّني لو كُنْتُ، صَنِيعةً للرّوس، كما تقولون، لَمَا كُنْتُ أٓجْرُؤْ على الإقدام على هذه الخطوة. والسبب الخامس بحسب سليمان هو، لِكَيْ يُعْطي انطباعا للعالَمْ وللأمريكيين، بِأنّهُ رئيسٌ قويٌّ، وبِأنّه يستخدم القوّةَ، عندما يرى ضرورةً لاسْتخدَامها.
السبب السادس يتعلق بروسيا والصين، لِكَيْ يَقُول ترامب للروس وللصينيّيين: أنا رجُلٌ شُجاع (أو مجنون – إذا شئتم)، وأستخدمُ القوّةَ، عند الحاجة.. ولذلك عليكما، في موسكو وبكّين، أَنْ تَلْزَما الحدودَ المطلوبة أمريكياً، تحت طائلة اسْتخدَام القوّة في الصّراعات والخلافات.
أما سابعاً، فهو موجَّهٌ للدول الخليجية، لكي يقول لِأعْرابِ الكاز والغاز من أذناب المحور الصهيو- أطلسي: إدْفعوا لنا وبِسُرْعْة، المزيدَ من مئات مليارات الدولارات الموجودة بحساباتكم في مصارِفِنا، لكي نَصْرِبَ الدولةَ السورية التي صِرْتُمْ تعتبرونَ رَئيسَها، العدوٌ الأوّل لكم في العالم.
وثامناً، لكي يَشُدَّ عَضُدَ وعَصَبٓ المجاميع الإجرامية المسلّحة، في المنطقة عامّةً وفي سوريّة خاصّةً؛ لِأنّها الذراع الأساسية المسلحة المُكَلّفة بِإضْعاف شعوب ودوّل المنطقة، وبِدَفْعِ هذه الدول والشعوب، للتَشَبُّثِ بالبقاء في الحُضـنِ الأمريكي.
السبب التاسع بحسب اللواء سليمان هو أن يستمرّ الخَرابُ والدمارُ في المنطقة، بما يجعل شعوبَها ودُوَلها، خارج دائرة التأثير الإقليمية والدولية.. الأَمْرُ الذي يقتضي إعادةَ نَفْخِ الحياة في أوصالِ العصابات الإجرامية التكفيرية التدميرية والحفاظ عليها، لاسْتخدامها كُلَّمَا دعت الضّرورة.
والسبب العاشر والأخير هو الضَّغط على القيادة السورية، للتّسليم بما لا زالت ترفض التسليم به، من حيثُ إدْخالُ أدواتِ المحور الصهيو- أطلسي في تركيبة السلطة السورية، بما يجعل منها طَرَفاً قادراً على توجية دفّٰة السلطة، أَوْ – على الأقلّ – تعطيل ما لا يريده العمّ سام الأمريكي ومُدَلَّلَتُهُ الإسرائيليّة.
القوات الأمريكية في سورية تتحسّب لردات فعل
الضربة الأمريكية الأولى على سوريا زادت من صعوبة مهمة العسكريين الأمريكيين العاملين على الأراضي السورية؛ تحسُّباً لمخاوف من تغيير موقف الجيش السوري أَوْ حليفته القوية روسيا.
وتنشُرُ الولايات المتحدة نحو 900 مستشار عسكري وعنصر من القوات الخَاصَّة وخبراء مدفعية من مشاة البحرية في المنطقة نفسها لدعم “قوات سوريا الديموقراطية” المؤلفة من مقاتلين أكراد وعرب والتي تحقق تقدماً ميدانياً في مواجهة الإجراميين.
وقال مسؤول عسكري أمريكي كبير “اتخذنا بالطبع إجراءات لحماية قواتنا في سوريا”. وأضاف المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن هويته “لكن لا مؤشر حاليا على حصول تصعيد أَوْ هجوم أَوْ أي معلومات استخباراتية عن التحضير لعمليات رد”.
أما روسيا التي تكافح التنظيمات الإجرامية في سوريا منذ سبتمبر 2015 فتنشر طائراتٍ حربية وبطاريات صواريخ جوية من طرازي أس-300 وأس-400 الفعّالة.
دورٌ سعودي في التهور الأمريكي
مصادر من الداخل السوري جزمت لوسائل إعلامية بأن المخابرات السعودية هي التي قامت بتقديم المعونة والاحداثيات اللازمة وحساسية مطار الشعيرات بالنسبة إلى عمليات استهداف ومطاردة والقضاء على الإجرام في سوريا وهي التي عاونت أميركا باستهداف ذلك المطار.
ونقل موقع الوعي نيوز الإخباري عن مصدر عسكري سوري قوله: إن المخابرات السعودية قدمت مبالغ ضخمة لبعض القياديين في جبهة النصرة طالبة منهم الدراسة الميدانية الدقيقة لموقع ووضعية مطار الشعيرات.
ختاماً: الأمر المستنتَجُ الذي خَلُصَ إليه المتابعون مما رَشَحَ ردوداً أوليةً لما اقترفته أميركا، أن صفحةً جديدةً في الصراع العالمي القائم فُتحت، وحتماً سيجلب رداً واضحاً من روسيا وإيران وسوريا وقوى المحور كافة. وهو رَدٌّ، مهما كان ثمنه، سيبقى أقلَّ كلفة من أي صمت. وهو ردٌّ لا يجب الذهاب بعيداً في تخيله –حد قول كاتب سوري. إنه الرد الذي يعطّل كُلّ مفاعيل الضربة على صعيد المواجهة الدائرة في سوريا، أَوْ في ما يخصّ الإقليم من حولها. أما التورط في تدحرج على الساحة السورية، فهذا يقودنا إلى اليوم المنشود، يوم تقع المواجهة الشاملة التي لا مفرَّ منها، لتحقيق أي تغيير حقيقي في عالم تهيمن عليه أطماعُ الاستكبار الأمريكي.