القضية الفلسطينية بين فكي مشروعين عالميين
موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية ||إيهاب شوقي* / العهد الاخباري
تبدو القضية الفلسطينية محل نزاع بين أكبر مشروعين عالميين للهيمنة وهما باختصار مشروع العولمة الذي يريد تسكين الصراعات كلما أمكن حرصاً على طرق التجارة العالمية و”مشروع الحمائية” الشعبوي والذي لا يجد مانعاً من الحروب الكلاسيكية المباشرة دون أدنى حرص على إعتبارات شكلية او اقنعة شرعية بقدر الحرص على تأمين التحالفات العسكرية والاعتماد على نظرية شرطي المنطقة أو الاقليم.
والمؤسف اكثر ان الصراع يدور حول التصفية للقضية والمزيد من التصفية لها، فهناك من يريد تصفيتها بحل توافقي ومن يريد تصفيتها عن طريق الاذعان والمعركة الصفرية.
يمكننا تفهم خلاف ألمانيا الحريصة على العولمة مع نتنياهو وعدم لقاء نتنياهو بوزير الخارجية الالماني لانه التقى بعض المنظمات الاسرائيية الرافضة للاستيطان من هذا المنطلق.
ويمكننا فهم مشروع القرار العربي والتأيييد الاوروبي له ايضا من هذا المنطلق.
فزعماء أوروبا الذين يجاهدون من اجل بقاء العولمة يريدون تصفية ناعمة للقضية برضا عربي يضمن “أمن اسرائيل” كما بادر بإعلانه وزير الخارجية الاردني مؤخرا في حال انسحاب “اسرائيل” من الاراضي المحتلة، دون توضيحات بماهية هذه الضمانات مما يترك الباب مفتوحا امام اي تكهن بدءا من حصار المقاومة (أي مقاومة) وصولاً حتى للتطبيع باعتبار ان هذه الضمانات ستكون ملزمة وربما يصدر على اثرها تشريعات قانونية تجعل من مجرد اعلان العداء او الرفض للكيان الصهيوني جرماً قانونياً!
ومع ذلك فلم ترد “اسرائيل” ربما لأنها تنحاز للتصفية الاخرى القائمة على الاذعان الكامل والاستسلام التام ولاسيما وان اوراق الضغط العربية محاصرة وحتى الدبلوماسية تبدو مرنة ومفرطة وتبدو الانظمة العربية هي التي تريد ضمانات اسرائيلية لأمنها الشخصي!
نعم معسكر ترامب تبدو وعوده اكثر اغراء للاسرائيلي من معسكر العولمة ويبدو ان الكيان سيقع في سقطة كبيرة بالسير وراء ترامب برغم ان امامه فرصة تاريخية لو سار في المعسكر الأكثر خبثا والاكثر دهاء ولكن من قال ان الاسرائيليين اذكياء؟ انها أوهام في أدمغة المفرطّين من العرب والذين يهدرون كل الفرص التاريخية لهزيمة الصهاينة هزيمة نكراء لو كفوا أيديهم فقط عن المقاومة حتى ولو لم يدعموها.
لا زلنا نصرّ ان كل من يراهن على ترامب سيسقط واولهم من هم محسوبون على العرب، فهذا التاجر الامريكي يضارب في السياسة على غرار مضاربات البورصات ولكن مؤسسات امريكا الحاكمة فعليا تهذب هذه المضاربات وتستفيد من اثارها والسياسات بالنهاية لن تختلف كثيرا عن سياسات أوباما، لأن نفس التوصيات التي قدمتها ولا زالت تقدمها مراكز الدراسات الامريكية لأي رئيس يقود اي حزب أمريكي حاكم!
هناك شواهد للتحرك “التصفوي” يتخذ مسمى حل القضية الفلسطينية، وهناك استغلال للارهاب المصنوع بأعين الغرب والاتراك والخليج لترويج السلام والحوار والتسامح بشكل مبالغ فيه ربما لحشر الصهاينة تحت اجنحته حشرا كمقدمة وتمهيد لذلك الحشر!
ان خطاب السادات الدرامي في الكنيست لا يختلف عن خطابات دينية (سواء مسلمة او مسيحية) تتحدث عن السلام والتسامح دون الاشارة الحقيقية لمنبع الارهاب الحقيقي الوهابي والصهيوني على حد سواء، وهذه الدراما المحيطة بهذه النوعية من الخطابات لا تخلو من شبهة وريب عن اللاحق بها من سياسات واحداث!
ربما تشهد الايام القادمة مزيدا من الاستهداف للمقاومة عسكريا والاكثر سيكون اعلاميا لتمهيد الراي العام لمزيد من التفريط وربما تحتل الساحة السياسية والاعلامية مساحات كبيرة من الدعاية التي تمزج بين الترغيب في السلام المزعوم والترهيب من التخلي عنه واللجوء للمقاومة “الرعناء” على حد زعمهم القادم والقديم!
من المتوقع من الشواهد العديدة والحشود والتحركات ان تصل نقاط الاشتباك غير المباشرة كاليمن والمناطق الخارجة عن سيطرة الجيش العربي السوري الى مرحلة التصفية الخشنة بدلا من الاستنزاف للوصول سريعا الى الجبهات المباشرة، املا في تحسين شروط التفاوض او الوقوع في الحرب التي لابديل عنها امام كل مشروع لان المعركة تتجه لتصبح معركة صفرية فضلا عن انها وجودية.
ما نرجوه هو الجهوزية لكل المراحل من المقاومة وما نأمله هو ان تعي الجماهير جيدا طبيعة الصراع وتنظر للصورة الكاملة بدلا من تقطيعها وما نتمناه هو ان تتحرر الجماهير المقاومة من الحصار واستبدال حصارها بحصار المفرطين والعملاء لانه وفي هذه الحال ستتغير قواعد اللعبة وتوازنات الصراع.
* كاتب عربي من مصر