الجهاد مشروع الضوء
موقع أنصار الله ||مقالات || علي أحمد جاحز
لكل منا تجربته في الحياة ، ومن المفترض ان نتعلم من تلك التجربة ونمتلك رؤية ومشروعا على المستوى الشخصي وعلى مستوى المحيط المجتمعي والوطني أيضا ، بل ربما على مستوى الأمة التي ننتمي إليها .. فهل سألنا أنفسنا ما هي رؤيتنا وما هو مشروعنا الذي خرجنا به من تجربتنا مع الحياة ؟
الذي لا يمتلك اجابة عن هذا السؤال إنسان تائه وتفكيره ضيق وأفق نظرته قصير ولم يعرف الهدف من وجوده ولا الغاية من خوضه غمار الحياة وتكبده وعثاء السفر في العمر الذي يعيشه .
اما من يمتلك الإجابة على هذا السؤال فهو الإنسان الذي وعد الله باستخلافه على الأرض وأوكل إليه مهمة تعميرها وتشييد النموذج الحياتي المنشود الذي يتأسس على قيم الخير والحق والعدل ، وينشر الحب والسلام وصولا الى الإنتاج والبناء والتقدم .
غير ان هذا لا يمكن أن يتحقق فنحن لسنا في جنة عدن ، فهذا المشروع الإنساني الذي يحمله بداخله كل إنسان واع متنور يظل مستهدفا من قبل الشر والباطل والظلم ، ولذلك فإن من صلب مسؤوليات الإنسان وفي صميم مشروعه ورؤيته التي يحملها مجاهدة الشر والباطل والظلم .
صحيح ان الحياة المثالية المرجوة لم تتحقق الاّ في فترات متباعدة ولوقت قصير بعده سرعان ما تصبح فريسة المنغصات والمعوقات ، غير أن ذلك لا يعفي الإنسان أبدا من ان يحاول من جديد ويسعى من جديد لمواجهة الشق المظلم في الحياة والذي لا ينفك يتربص بأي مصدر ضوء ليطفئه في كل حقب التاريخ .
المفيد في هذا كله ، هو ان الحياة التي كلف الإنسان بتعميرها تحتاج إلى جهاد متواصل ومستمر من قبل إنسان الخير في مواجهة شياطين الشر من الإنس أو من حلفائهم شياطين الجن ، ما لم فسيسطر حلف الشر على الحياة ويعمرها بطريقته ويبنيها وفق أهدافه ومشاريعه ، وهو للأسف ما نلمسه جليا في واقعنا اليوم .
لابد أن نعي جيدا أن التفريط والتواكل وتخلي الإنسان عن دوره ومسؤولياته وعدم امتلاكه رؤية ومشروعا للخير والحق والعدل لعقود طويلة بل ربما لقرون ، ترك الحياة ميدانا مباحا لقوى الشر والظلم والباطل أن ترسي دعائم إمبراطوريتها في الأرض ، وصارت تتحكم في كل شيء حتى في خيرات الأرض وأسرارها وتكتشف وتطور وتحكم العالم بما توصلت إليه من إنجازات هائلة توظفها في ممارسة الطغيان والاستبداد وإخضاع الإنسان لسطوتها حتى صارت في وعي الكثيرين تمثل الإنسانية وتتحدث باسم الإنسان ومن يقف بوجهها يصنف في خانة الشر والباطل .
لا ننكر صعوبة مواجهة الواقع الذي يقول إن قوى الشر والطغيان باتت قوة كبرى سواء بما تمتلكه من إمكانات عسكرية تسيطر على البحار والقارات أو من تكنولوجيا وصلت سيطرتها الى كل بيت وغزت حتى العقول ورهنت مصالح الإنسان وتحركاته اليومية بها ، أو سيطرة اقتصادية تستعبد الناس وتنهب ثرواتهم وما يملكون بطرق مباشرة وغير مباشرة .
غير أن تلك الصعوبة لا تعفي الإنسان أبدا من أن يتحرك ويجاهد ويقاوم ويرفض ويصنع الإمكانات لمواجهة قوى الشر وامبراطورية الطغيان كواجب فطري كلفه به الخالق عز وجل ، وهذا التحرك مهما كان محدود الإمكانات سيثمر وسيستفز تلك الامبراطورية ويرعبها .
هذا الرعب لمسناه حين تحركت امراطورية الطغيان والاستبداد لاستهداف الشهيد القائد في بداية تأسيس مشروع التحرر ، ولازلنا نلمسه اليوم في تحرك تحالف قوى الشر برعاية نفس امبراطورية الشر العالمي التي تتزعمها أمريكا وإسرائيل ، وعبر أدواتها للعدوان على اليمن ، في محاولة حثيثة لإطفاء نقطة الضوء التي ثقبت خيمة السواد التي تغطي العالم .
ولعل صمودنا كحملة رؤية ومشروع الإنسان الذي يتمثل في المشروع القرآني وما يحوي من منطلقات وغايات إنسانية نبيلة ومعالجات وسبل قويمة وعزائم وطاقات كبيرة ، هو مشروع ضوء استطاع أن يستفز امبراطورية الظلام ، وهو يمثل أنموذجا جليا على جدوائية التحرك بالإمكانات المتاحة ، وهو ما يدركه سادة الظلام ولذلك يحشدون كل طاقاتهم لإخضاعنا .. وهيهات ان ينجحوا اذا لم نخضع نحن ونفرط ونتهاون .