البرلمان المصري يُقرّ تيران وصنافير سعودية.. تبعات المؤامرة
موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية ||
الوقت التحليلي- غضب الشارع المصري من قرار البرلمان المصادقة على ما عُرف باتفاقية تيران وصنافير كان كبيرا، حيث نزل المصريين إلى الشارع تعبيرا عن رفضهم للقرار البرلماني المذل وللرئيس السيسي الذي وصفوه بأنه الرئيس الذي سيسجل التاريخ بأنه باع أرضه.
إذا حالة من الغضب العارم تعم الشارع المصري بعد جلسة البرلمان الأخيرة التي ثبتت اتفاقية ترسيم الحدود مع السعودية والتي تعطي الأخيرة حق مالكية الجزيرتين التين يثبت خبراء دوليين أنها تابعة للسيادة المصرية وقرار تسليمها للسعودية إنما يأتي بقرار سياسي متخاذل من قبل الإدارة المصرية الحالية التي لم تقم وزنا لأحكام قضائية مبرمة تؤكد مصرية الجزيرتين.
هذا القرار البرلماني سيكون له الكثير من التداعيات على الداخل المصري، تداعيات بعضها آني والبعض الآخر ستظهر آثاره تباعا خلال الاستحقاقات الانتخابية والوطنية لاحقا.
سقوط البرلمان في الامتحان
ورغم المعارضة الشعبية الواسعة، والجدال الكبير الذي تم تحت قبة البرلمان المصري تم تمرير اتفاقية ترسيم الحدود استنادا إلى تقارير حكومية داعمة وشهادات خبراء موافقين دون الاستماع لأي خبير معارض، وهذا الأمر سيؤثر كثيرا على مستقبل هذا البرلمان خلال الانتخابات المقبلة، لأنه لم يقف سدا في وجه الطمع السعودي ولم يعبر عن نبض الشارع الذي من المفترض أنه يمثله. كما أنه سيؤثر على شعبية الرئيس السيسي الذي يترقب انتخابات رئاسية حامية خلال العام المقبل.
نكسة شعبية
شعبيا فإن هذا القرار كان له وقع النكسة التي تعرضت لها مصر عام 1967 م، وهذا الأمر ينذر بإمكانية تطور الأمور إلى أبعد مما تصور البرلمان المصري، حيث أن الشعب المصري أثبت أنه حي خاصة بعد الثورة التي قام بها وخلع الرئيس السابق حسني مبارك من على كرسي الرئاسة.
تقوية العداء للسعودية في نفوس المصريين
ومن تبعات هذا القرار على الشارع المصري أيضا هو زيادة النقمة الشعبية على السعودية، التي تتصرف وكأن مصر تابعة لها سياسيا واقتصاديا، مستفيدة من الضغوطات الاقتصادية التي تعاني منها مصر. ولكن هذا الأمر يرفضه الوجدان المصري، فمصر التي تعتبر أم العرب لا يمكن أن تصبح تابعة لدولة يحكمها بعض المارقون مهما كان حجم المساعدات الاقتصادية التي تقدمها السعودية وغيرها من الأنظمة الخليجية.
طبعا السعودية نفسها ستكون الخاسرة الكبرى في حال تأزم الأوضاع الداخلية المصرية أكثر، فليس من مصلحتها إضعاف حليف أساسي لها اليوم. ولكن من يعرف طريقة إدارة الأمور لدى آل سعود يدرك أنهم لا يحسبون أي حساب لحلفائهم وقد وضعوا مصالحهم أمام أعينهم دون الأخذ بعين الاعتبار أي مصالح أخرى.
اتفاقية تيران وصنافير، خدمة لمن؟
مسألة مهمة جدا يجب طرحها حول جزيرتي تيران وصنافير وهي أنهما جزيرتين صخريتين، تستوطنها بعض أنواع الطيور البحرية والمهاجرة، كما أن الجزيرتين ووفقا لدراسات جيولوجية خالية من أي موارد طبيعية قد تشكل طمعا للسعودية، فلا وجود لغاز ونفط ولا إمكانية لاستثمارهما في زراعة أو سكن.
باستثناء أمر واحد يميز الجزيرتين وهو الموقع الجيوستراتيجي عند مدخل خليج العقبة، إذا فما الفرق إن كانت مصرية أو سعودية؟
هنا يكمن اللغز، حيث يخشى البعض من أن تكون هذه الخطوة ممهدة لتسليم الجزيرتين إلى طرف ثالث برعاية سعودية. طرف ثالث قد يكون الكيان الإسرائيلي الذي باتت العلاقات بينه وبين آل سعود قاب قوسين من الإعلان الصريح عنها. هذه الخطوة مستحيلة إذا كانت الجزيرتين تحت السيادة المصرية فالكيان الإسرائيلي (حتى الأمريكيين) لا يمكن لهم ولأسباب تاريخية تتعلق بالصراع العربي الإسرائيلي والمصري الإسرائيلي أن يحققوا هذا الهدف بوجود الجيش المصري الذي يعتبر من أهم الجيوش في العالم وأقواها عربيا. أما سعوديا ولأسباب تتعلق بحيثيات العلاقة الأمريكية السعودية وخاصة المستجدة يمكن تمرير هكذا قرار دون أي معارضة داخلية حتى.
هذه النظرية تؤكدها حرب 1967م، حيث قام الرئيس المصري الراحل آنذاك جمال عبد الناصر بإغلاق مضيق تيران لمواجهة التحركات الإسرائيلية في حينها، وبالفعل فقد شكلت هذه الخطوة عرقلة لتحركات عسكرية للكيان الإسرائيلي.
خلاصة
لا أحد ينكر أن ما حصل هو بالفعل نكسة جديدة للشعب المصري، ولكن المهم اليوم هو عدم دخول هذا الشعب في غيبوبة نكسة 67 والبقاء في الساحات من أجل تصويب أي مسار خاطئ قد يسلكه النظام. نعم مصر بحاجة إلى الاستقرار الداخلي إلا أنها بحاجة أكثر إلى نهضة جميع أبنائها لتصويب البوصلة وإعادة عجلة الاقتصاد للعمل مجددا بعد مرحلة من النهوض السياسي والاجتماعي الذي تحقق جزئيا خلال السنوات الماضية. وللرئيس عبد الفتاح السيسي نقول إن نهضة مصر ليست فقط أمل الشعب المصري، بل هي أمل كافة الشعوب العربية بعودتها إلى الطليعة. فلا تخطأ بتمرير القرار لأن التاريخ المصري أثبت أنه لا يرحم من يتهاون بمقدراته وترابه ولو أمهله إلى حين.