موقع أنصار الله | من هدي القرآن الكريم |
ثم يقول سبحانه وتعالى في آية أخرى بعد أن طلب نبي الله موسى من قومه أن يدخلوا القرية التي كتب الله لهم أن يدخلوها ـ القصة مهمة جداً ـ: {يَا قَومِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِنَ الْعَالَمِينَ يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْماً جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ قَالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَداً مَا دَامُوا فِيهَا}(المائدة: من الآية24) أليست هذه معصية؟ رفضوا! ما الذي حصل من عقوبة في الدنيا؟{فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ}(المائدة: من الآية24) {قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ}(المائدة: من الآية26) بعد هذا جاء بالعقوبة عليهم في الدنيا:{قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ} (المائدة:26).
أليس هذا وعيداً في الدنيا حصل لبني إسرائيل؟ تاهوا أربعين سنة في صحراء لا يبنون مساكن ولا يزرعون.. بالآلاف تائهين مثلما نحن، نحن الآن في حالة تيه، لكن تيهنا تيه فكري، تيه ثقافي نرى المشاكل، ونرى المصائب من كل جهة ولا ندري ماذا نصنع، ويصل الحال بنا في حالة تيهنا أنه متى ما أحد قال لنا: هذا حل أو قولوا هكذا.. سخرنا منه، ماذا سيجدي هذا؟!. لا.. دعنا هكذا. دعنا نتيه. ألسنا في حالة تيه؟.
حتى تتأكد أننا في حالة تيه ـ كلنا نحن المسلمين ـ انظر إلى وسائل الإعلام في التلفزيون تتحدث عما يعمل الأمريكان وعما يعمل اليهود في كل منطقة وعما يعمل النصارى، ثم انظر هل هناك حديث عن حل، أو حديث عن موقف إسلامي أو موقف عربي؟ لا.. تائهين، فقط يهمنا أن نسمع، أن يقال حتى كلمة واحدة قولوها قد ربما تزعج أولئك قد تزعجهم أو تقلقهم قليلا، يكون موقفا لا بأس لا بأس أقل قليل .
هكذا التيه، بنو إسرائيل تاهوا أربعين سنة؛ لأنهم امتنعوا عن أن يدخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لهم في ذلك الزمان، بل قالوا تلك العبارة القليلة الأدب:{فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ}.
ولاحظوا.. كيف أنه لم يكن هناك إلا رجلين إضافة إلى نبي الله موسى وهارون دفعوا بهم إلى أن يشجعونهم لدخول هذه الأرض التي كتب الله لهم، رجلين فقط، الأغلبية كلهم ليسوا حول هذا الموضوع، لكن ألم يكن كلام أولئك الرجلين كلاما كان مهمًّا عند الله سبحانه وتعالى فسطره في كتابه وخلد ذكره. رجلين, وحتى رجل واحد ألم يسطر كلام رجل واحد مؤمن آل فرعون؟ ويأتي بصفحة كاملة لمؤمن آل فرعون في لأنه لا عبرة بالمجاميع التي لا تقول شيئاً مهما كانت ثقافتهم مهما كانت مكانتهم، مهما كانت قدراتهم، وأن رجلاً واحداً ينطلق ليرشد الأمة له قيمته العظيمة عند الله، وهو حجة على الأمة.
دروس من هدي القرآن الكريم
من ملزمة معرفة الله وعده ووعيده الدرس الرابع عشر
ألقاها السيد/حسين بدرالدين الحوثي
بتاريخ 6/2/2002 م
اليمن – صعدة