موقع أنصار الله | من هدي القرآن الكريم |

 

يقول الله سبحانه وتعالى: {وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ}(آل عمران134-133) المسارعة معناها: المسابقة، عندما يقول: {سَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ} ليست المسارعة معناها نسابق، نسابق سبَق؛ أن المغفرة موجودة هناك، والجنة هناك مطروحة نسابق إليها!.
نسارع: أي: نبادر إلى الأعمال التي بها نستحق المغفرة، و بها نستحق الجنة. المبادرة إلى الأعمال الصالحة، يكون الإنسان سبَّاق، مبادر، ما يكون فيه تثاقل، وكل ما ذكر من صفات المتقين يوحي بأن هذه هي من صفات المتقين: المبادرة، المسارعة إلى الخيرات.

قضية المبادرة، قضية المسارعة هي شيء مهم في الإسلام، شيء مهم، وفي ميادين العمل للإسلام، والصراع في مواجهة أعداء الله، تجد المبادرة لها أهمية كبرى جداً؛ ولهذا جاء القرآن بعتاب شديد، وسخرية ممن يتثاقلون: {مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ}(التوبة38) تباطؤ، زحزحة، وممكن يحصل التثاقل عند الناس في الأعمال الصالحة ولو عند واحد انه مستعد، سيقوم، سيعطي من ماله، سيسرح يجاهد، سيقوم بالعمل الفلاني، لكن ببطء، وتثاقل.
عندما يدعوهم إلى الجهاد، وكان العادة أن يعسكروا، أو يحدد مكاناً معيناً يجتمع الناس فيه لينطلقوا بعدما يجتمعوا، وقد يكون كثير من الناس عنده استعداد أنه يخرج بطء، تثاقل، !.

مع أنه قد حصل استنفار، والإستنفار معناه: الدعوة إلى الخروج بسرعة، مبادرة، {مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ} والقائل من هو؟ محمد (صلوات الله عليه وعلى آله) رسول الله {اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ}(التوبة 38) {انْفِرُواْ خِفَافاً وَثِقَالاً}(التوبة41).
أليس هذا أمر بالمبادرة، والمسارعة، هكذا؛ لأنه هذه الصفة مهمة جداً بالنسبة للمسلمين، هي الصفة التي تجعلهم هم السباقين، وهم سادة الأمم، تجعلهم هم أصحاب السبق في كل ميادين العلم، والمعرفة، في كل مجال من مجالات الصناعة، من مجالات الزراعة، وكل المجالات مثل: الطب، والهندسة، وغيرها، لكن مسألة التثاقل، التباطؤ، هي التي تؤخر الأمم، وتؤخر الناس ما يعرفوا أشياء كثيرة، فيسبقهم الآخرون.
فكان رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله)، كانت صفة المبادرة، المسارعة، من أبرز الصفات لديه، لا يوجد عنده تثاقل، ولا تردد، ولا ترجيحات، ولا كان لديه طبيعة المبادرة.

في غزوة استخدم هذا الجانب، جانب المبادرة، وكان جانب المبادرة هذا هو الذي جعل الرومان - وهم أكثر قوة، وأكثر عدداً - يتراجعون، ويقررون عدم المواجهة مع رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله)؛ لأنه حرك الناس.
عندما بلغه بأنهم قد تجمعوا في الشام، يريدون أن يهجموا على بلاد الإسلام حرك الأمة، والقرآن حركهم أيضاً بآيات ساخنة، يخرجون حتى وإن كانوا، حتى عندما صادف وقت شدة، وقت قلة ثمر، أو الثمر ما قد حصل. ما قال ننتظر حتى ينضج التمر، والثمار تحصل حتى يكون لدينا قدرة أننا نمول نفوسنا، ونخرج.

لا بد أن يخرجوا، وبادر هو بالزحف، وانطلق إلى تبوك، وبين تبوك وبين المدينة حوالي ! يعني: دخل هو إلى أقرب منطقة من المناطق في بلاد الشام، رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) ومعه ثلاثين ألف، قد حشدهم من الناس جيد وفسل، هيا يخرجون.
هكذا كانت سيرة النبي (صلوات الله عليه وعلى آله)؛ لأن رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) كان رجلاً قرآنياً، رجل يتحرك بحركة القرآن، يجسد القرآن، يفهم معاني القرآن، وغايات القرآن، ومقاصده، وأساليبه، ومنهجه.

في قضية المال جربنا هذه، جربنا هذه مع المشاريع، والمساهمات، يكون كثير من الناس مستعد أن يدفع، لكن عنده سيدفع مجرَب، كان يضيع علينا أحيانا شهر كامل وواحد منتظر، أو شهرين حتى يتجمع المبلغ، وهم مستعدين، لكن التثاقل، التثاقل يضيِّع عليك وقت كثير، ويضيع فرص كثيرة أخرى .

 

 

دروس من هدي القرآن الكريم
وسارعوا إلى مغفرة من ربكم
ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي
اليمن - صعدة