القرآن الكريم قدَّم نماذج راقية جدًّا، من أرقى النماذج التي قدَّمها القرآن الكريم: نبي الله سليمان "عَلَـيْهِ السَّـلَامُ"، الذي كان على مستوى عظيم من التمكين الإلهي، الله مكَّنه تمكيناً عظيماً، هو سأل الله أن يعطيه ملكاً لا ينبغي لأحدٍ من بعده، والله أعطاه ملكاً عجيباً، ومكَّنه تمكيناً عجيباً، وقدَّم في سورة النمل دروساً مهمة عن نبي الله سليمان "عَلَـيْهِ السَّـلَامُ"، كيف كانت روحيته الخاشعة لله، الخاضعة لله!
البعض من الناس قد يشعر بالطغيان، قد يشعر بالزهو، بالعجب بالنفس، قد يستشعر في نفسه القدرة؛ لأنه أصبح في منصب معين، أو موقع من مواقع المسؤولية معين، أصبح يقال له: مدير أو مسؤول، أو يقال له: مشرف، أو يقال له: رئيس، أو يقال له... أي مسمى من هذه المسميات، ويرى نفسه محاطاً في إطار مسؤوليته بظروف معينة، فتكبر نفسه لديه أكثر وأكثر، تكبر وتكبر وتكبر، يشعر يوماً بعد يوم بالمزيد من الغرور، يعتبر نفسه صاحب الإنجازات، يعتبر نفسه أنه في الموقع المهم... وهكذا تعظم عنده حالة الغرور، وحالة الكبر، وحالة العجب، والآفات السلبية التي تدمِّر إيمان الإنسان، وحتى إنسانية الإنسان؛ فيصبح- مع الوقت- يعيش حالة الطغيان، حالة الطغيان في نفسه، في مشاعره، في سلوكه، في طريقته في أداء المسؤولية، وهذه حالة خطيرة جدًّا.
البعض من الناس قد يشعر بالطغيان، قد يشعر بالزهو، بالعجب بالنفس، قد يستشعر في نفسه القدرة؛ لأنه أصبح في منصب معين، أو موقع من مواقع المسؤولية معين، أصبح يقال له: مدير أو مسؤول، أو يقال له: مشرف، أو يقال له: رئيس، أو يقال له... أي مسمى من هذه المسميات، ويرى نفسه محاطاً في إطار مسؤوليته بظروف معينة، فتكبر نفسه لديه أكثر وأكثر، تكبر وتكبر وتكبر، يشعر يوماً بعد يوم بالمزيد من الغرور، يعتبر نفسه صاحب الإنجازات، يعتبر نفسه أنه في الموقع المهم... وهكذا تعظم عنده حالة الغرور، وحالة الكبر، وحالة العجب، والآفات السلبية التي تدمِّر إيمان الإنسان، وحتى إنسانية الإنسان؛ فيصبح- مع الوقت- يعيش حالة الطغيان، حالة الطغيان في نفسه، في مشاعره، في سلوكه، في طريقته في أداء المسؤولية، وهذه حالة خطيرة جدًّا.
النبي سليمان نموذج العدل والرفق
نبي الله سليمان "عَلَـيْهِ السَّـلَامُ" الذي مكَّنه الله تمكيناً عجيباً، وسخَّر له الجن والإنس والطير، وسخَّر له الرياح، ومكَّن له تمكيناً عجيباً، لم يسبق له- ربما- مثيل في تاريخ البشرية، كيف كان خاشعاً لله وخاضعاً لله، وكان كل همه أن يكسب رضا الله، وأن يعمل العمل الصالح، وكان يدرك أن كل ما هو فيه من تمكين، قيمته في أن يعمل فيه بالعمل الصالح، وأن يسعى لمرضاة الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، فلم يشعر بالغرور، لم يشعر بالكبر، لم يشعر بالعجب النفسي، لم يخرج عن حالة الخشوع والخضوع لله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، وسعى إلى العمل لإقامة العدل على أرقى مستوى، لدرجةٍ ينبهر منها الإنسان غاية الانبهار.
يحكي القرآن الكريم قصته هو وجنوده، وهم يتحركون يقول الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى": {حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ}[النمل: من الآية 18]، واد فيه نمل، {قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (18) فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ}[النمل: 18-19]، هو وجنوده جنود بأعداد هائلة وكبيرة، وهم يتحركون، والله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" من عجيب تمكينه لنبيه سليمان "عَلَـيْهِ السَّـلَامُ" أن يسمع هذا النمل، وأن يعرف لغة تخاطبه، هذا من التمكين العجيب الذي وصل إليه في ملكه، ومنحه الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" إياه، تمكيناً عجيباً جدًّا، فسمع النملة، كانت هذه النملة تنادي بقية النمل للدخول إلى مساكنهم؛ حتى لا يحطمهم جيش سليمان "عَلَـيْهِ السَّـلَامُ" بدون شعور، كان هذا هو الملفت: بدون انتباه، بدون تعمد، النملة- وهي النملة- كانت تأمن من نبي الله سليمان وجيشه أنه لا يمكن أن يتعمدوا ذلك النمل بالدهس عليه، وبالظلم له، فهم مطمئنون إلى عدله، حتى النمل اطمأنت إلى عدله، وإلى عدل جيشه، وأنهم لن يتعمدوا تعمداً، قد يحصل أن يدهسوا على هذا النمل، لكن بدون تعمد؛ أمَّا وهم يشعرون لا يمكن.
هذه العدالة العجيبة في ملك نبي الله سليمان "عَلَـيْهِ السَّـلَامُ"، التي كان فيها النمل يطمئن إلى أنه لا يمكن أن يظلم عمداً، وأن يستهدف عمداً، درسٌ مهمٌ جدًّا لعالمنا الإسلامي، لمجتمعنا الإسلامي، للذين آمنوا عندما يتحركون لإقامة العدل في أي مجتمعٍ من المجتمعات الإسلامية، أن يروا هذه النماذج العظيمة جدًّا، العالية، التي لا مثيل لها في إقامة العدل.
يحكي القرآن الكريم قصته هو وجنوده، وهم يتحركون يقول الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى": {حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ}[النمل: من الآية 18]، واد فيه نمل، {قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (18) فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ}[النمل: 18-19]، هو وجنوده جنود بأعداد هائلة وكبيرة، وهم يتحركون، والله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" من عجيب تمكينه لنبيه سليمان "عَلَـيْهِ السَّـلَامُ" أن يسمع هذا النمل، وأن يعرف لغة تخاطبه، هذا من التمكين العجيب الذي وصل إليه في ملكه، ومنحه الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" إياه، تمكيناً عجيباً جدًّا، فسمع النملة، كانت هذه النملة تنادي بقية النمل للدخول إلى مساكنهم؛ حتى لا يحطمهم جيش سليمان "عَلَـيْهِ السَّـلَامُ" بدون شعور، كان هذا هو الملفت: بدون انتباه، بدون تعمد، النملة- وهي النملة- كانت تأمن من نبي الله سليمان وجيشه أنه لا يمكن أن يتعمدوا ذلك النمل بالدهس عليه، وبالظلم له، فهم مطمئنون إلى عدله، حتى النمل اطمأنت إلى عدله، وإلى عدل جيشه، وأنهم لن يتعمدوا تعمداً، قد يحصل أن يدهسوا على هذا النمل، لكن بدون تعمد؛ أمَّا وهم يشعرون لا يمكن.
هذه العدالة العجيبة في ملك نبي الله سليمان "عَلَـيْهِ السَّـلَامُ"، التي كان فيها النمل يطمئن إلى أنه لا يمكن أن يظلم عمداً، وأن يستهدف عمداً، درسٌ مهمٌ جدًّا لعالمنا الإسلامي، لمجتمعنا الإسلامي، للذين آمنوا عندما يتحركون لإقامة العدل في أي مجتمعٍ من المجتمعات الإسلامية، أن يروا هذه النماذج العظيمة جدًّا، العالية، التي لا مثيل لها في إقامة العدل.
النبي سليمان.. التفقد وحسن الإدارة
في نفس الوقت يحكي الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" قصته كيف تعامل مع الهدهد، {وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ}[النمل: من الآية 20]، يتفقد وهو يتابع للمسؤوليات، والقيام بالمسؤوليات، ومن يغيب عن عمله، عن دوره، كيف كان تعامله مع الهدهد؟ {أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ (20) لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ}[النمل: 20-21]، كان تعامله حازماً في إطار أن يضبط المسؤوليات والأعمال والواجبات- وفي نفس الوقت- لا يخرج عن دائرة العدل، ليس بالمتسرع، حتى عندما أتى الهدهد وحكى عليه قصة مملكة سبأ وتلك المرأة، {قَالَ سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ}[النمل: من الآية 27]، يتحقق، يتبين، لا يستعجل باتخاذ الإجراءات، يحرص على أن تكون الإجراءات صحيحة، ومبنية على معلومات مؤكدة، ومعلومات صحيحة، نموذج عظيم، بقية الآيات في سورة النمل فيها دروس عجيبة جدًّا عن نبي الله سليمان "عَلَـيْهِ السَّـلَامُ".
ذو القرنين.. حسن التعامل والاهتمام بأمور الناس
قدَّم الله "جلَّ شأنه" نموذجاً آخر وهو ذو القرنين في سورة الكهف، مع التمكين العجيب له، وهو كذلك مكَّن الله له تمكيناً عجيباً، كيف كان تعامله، كيف كان اهتمامه بالناس، كيف كانت روحيته، كيف كانت قواعده في العمل: {قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا (87) وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا}[الكهف: 87-88]، قاعدة في التعامل مع الناس، اهتمام كبير بأمرهم، سعي لدفع الظلم عنهم، في قصة أولئك القوم، وما كانوا يعانونه من يأجوج ومأجوج، كيف عمل ردماً يحول بينهم وبين التمكن من الاقتحام إلى أولئك القوم وظلمهم، في نهاية المطاف وبعد إنجاز ذلك المشروع العملاق، مشروعاً عجيباً، ومشروعاً عملاقاً، كيف قال؟ هل قال: [هذا إنجازي، أنا رجلٌ عظيم، أنا كذا، أنا أنا أنا أنا...]، ويفتح مجالاً للآخرين ليأتوا ليتحدثوا عنه باستمرار؟ أم أنه قال: {هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا}[الكهف: من الآية 98]، حاول أن يشدهم إلى الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، وأن يقدِّم ما مكَّنه الله فيه، وما وفَّقه له بأنه نعمة من الله، وهذه هي الحقيقة.
وهكذا قدَّم القرآن الكريم نماذج راقية متعددة، وقدَّم التاريخ الإسلامي نماذج عظيمة في سيرة الرسول "صَلَواتُ اللهِ عَلَيْهِ وَعَلى آلِه" ما يكفي ويفي في سعيه لإقامة العدل، في سلوكه، في سيرة الإمام علي "عَلَـيْهِ السَّـلَامُ" وهو الذي قال: ((والله لو أعطيت الأقاليم السبعة بما تحت أفلاكها، على أن أعصي الله في نملةٍ أسلبها جلب شعيرةٍ ما فعلت))، هذه الدرجة العالية جدًّا من العدالة، هذه الدرجة العالية جدًّا من الإحساس بالمسؤولية، هو الذي قال وقد أشار إلى نعله، يعني: حذاءه البالي، أشار إليه وقال: ((إنَّ إمرتكم لا تساوي عندي هذا، إلَّا أن أحيي حقاً، وأميت باطلاً))، ليس هناك أي نظرة شخصية، ولا حسابات شخصية، ولا مصالح شخصية، ولا مكاسب شخصية، ولا مقاصد شخصية من وراء تحمل المسؤولية، وتقلد المسؤولية، والعمل في إطار المسؤولية.
وهكذا قدَّم القرآن الكريم نماذج راقية متعددة، وقدَّم التاريخ الإسلامي نماذج عظيمة في سيرة الرسول "صَلَواتُ اللهِ عَلَيْهِ وَعَلى آلِه" ما يكفي ويفي في سعيه لإقامة العدل، في سلوكه، في سيرة الإمام علي "عَلَـيْهِ السَّـلَامُ" وهو الذي قال: ((والله لو أعطيت الأقاليم السبعة بما تحت أفلاكها، على أن أعصي الله في نملةٍ أسلبها جلب شعيرةٍ ما فعلت))، هذه الدرجة العالية جدًّا من العدالة، هذه الدرجة العالية جدًّا من الإحساس بالمسؤولية، هو الذي قال وقد أشار إلى نعله، يعني: حذاءه البالي، أشار إليه وقال: ((إنَّ إمرتكم لا تساوي عندي هذا، إلَّا أن أحيي حقاً، وأميت باطلاً))، ليس هناك أي نظرة شخصية، ولا حسابات شخصية، ولا مصالح شخصية، ولا مكاسب شخصية، ولا مقاصد شخصية من وراء تحمل المسؤولية، وتقلد المسؤولية، والعمل في إطار المسؤولية.