عبد الكريم محمد الوشلي

 

قبل سنوات.. كشفت وزيرة الثقافة في بلد عربي "مُطبِّع"  أن "سُياحا" يهودا وصهاينة يأتون إلى هذا البلد بجنسيات مختلفة حاملين معهم قطع نحاس وأشياء أخرى ويدسونها في أماكن معينة على أساس أن يتم تالياً "اكتشافها" بأعمال التنقيب والبحث كآثار يهودية تثبت لهم "حقوقا" في هذه المناطق، وهذا يؤكد بعضا من خطورة هذا العدو والأعداء الذين يقفون خلفه وخطورةِ أساليبهم في التزوير والتزييف والعدوان على الحقائق والوقائع ،بما يعني أننا في مهب أخطار وأمكار تستهدف ركائز وجودنا ومتعلقاته الأساسية، وهذا أمر يغيب-للأسف-عن وعينا وذاكرتنا، كعرب وكأمة مستهدفة، في كثير من محطات التعاطي مع هؤلاء الأعداء الخبثاء وأحذيتهم من العملاء والأدوات والمرتزقة وما ينطوي عليه مخزون مكرهم المُضمَر من تحديات ومخاطر تفرض علينا استدعاءات وشروطا لابد من وضعها في صدارة أولوياتنا .

ومن أهم تلك الاستدعاءات والشروط النباهةُ والوعي ويقظة الحس السياسي والأمني والإيماني والحضاري بما يؤمن لنا الفهم الصحيح والمعمق لأعدائنا المتربصين، وهذا شرط عُني به الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه في إحدى ملازمه وصاغه في معادلة فكرية معرفية استفهامية جامعة : (من نحن ومن هم..؟) .

على ضوء مزدوج من تلك المعادلة المعرِّفة الكاشفة الحصيفة والقيمة، وكذلك التجربةِ العملية لنا مع أعدائنا وعلى رأسهم الصهيوني والأمريكي.. يتضح لنا، وبكل جلاء، أنهم إلى جانب عنفهم وإجرامهم ودمويتهم وعنجهيتهم وغطرستهم ..يتمتعون بسمة شيطانية أساسية أخرى هي النهم الجامح والطمع في حقوق الآخرين ومقدراتهم، واللصوصية التي لا سقوف لها ..

فهم لصوص أوطان وثروات وهويات وثقافات وفنون وحضارات.. باختصار.. لصوص حياة ..

وليس ببعيد عنا ما فعله أسلافهم إبان ما عُرف تاريخيا ب"اكتشاف العالم الجديد" وهذه تسمية مثقلة بالكثير من الزيف والمغالطة، لأن ما حدث في الواقع هي جريمة سطو وإبادة كبرى راح ضحيتها نحو مئة مليون من السكان الأصليين في الأمريكيتين (الهنود الحمر) وفي أستراليا، قُتلوا بأبشع الوسائل وأحطها وأمكرها على أيدي عصابات الغزاة القادمين من أوروبا أو الغرب.

"المتحضر"، حيث سطا هؤلاء المجرمون على كل ما تلقفته أيديهم من ثروات ومناجم ذهب وألماس وأراض شاسعة وخيرات، وتم محو وإبادة أصحاب الأرض الأصليين بثقافتهم وهويتهم وكل ماله صلة بوجودهم.. وكذلك فعلوا بالقارة الإفريقية وشعوبها في الفترة التي تُعرف تاريخيا ب"العبودية" التي لقي فيها ،حسب المصادر التاريخية الغربية نفسها،

عشراتُ ملايين الأفارقة حتوفَهم على أيدي تجار العبيد الأوروبيين والأمريكيين، ومازالت هذه القارة المنكوبة ترزح تحت وطأة الطغيان اللصوصي الغربي القاتل، حيث يتغلغل النفوذ الأمريكي والفرنسي والبريطاني وغيره في الكثير من دول القارة وتمتص شركات تلك الدول المهيمنة بالتواطؤ مع النخب الفاسدة في البلدان الإفريقية الدائرة في الفلك الغربي، خيرات شعوب هذه البلدان من الذهب واليورانيوم والمعادن الأخرى الثمينة ،وكذلك الموارد الطبيعية الأخرى التي تكتنزها هذه القارة البكر، وجميعها يذهب معظم عائداته إلى جيوب دول الغرب وشركاته، بينما يفتك الجوع والأمراض والفوضى والآفاق المسدودة بالشعوب المسكينة صاحبة الحقوق المسروقة والمنهوبة من قبل أدعياء الحضارة المخادعة والتمدن الزائف.