موقع أنصار الله ||مقالات || عبدالحكيم عامر
في زمن السقوط العربي المخزئ، بات التواطؤ والإنبطاح سنة وطابعاً عاما يتحلى بها العرب، وأصبح التطبيع مفخرة يتفاخرون به، ويسارعون إليه وكأنه أمر إلهي، وبات الصمت الذي أختاروه العرب، وكأنه الحل الأسمى لمواجهة المشروع الصهيوأمريكي، فقد تجاوز الصمت العربي الى مستوى التبرير، بل اصبح مشاركة في جرائم العدو.
لكن اليمن تصدر مشهد الوقوف في وجه الإستكبار ونصرة المستضعفين، فتميز بموقفه العظيم في اسنادة لغزة حكومة وشعباً وجيشاً، فقلب المعادلات ضد العدو الصهيوني والأمريكي.
لم يكن التحول اليمني وليد اللحظة، من بلد محاصر ومعتدى عليه، بل إن اليمن قد تبنى التحرك الجهادي والمقاوم والتوعية الشعبية وتبني خطاب سياسي وإعلامي واضح في مواجهة أمريكا وإسرائيل، تحرك اليمن رسمياً بإعلان إسنادة لغزة، فأطلق عملياته الجوية والبحرية والصاروخية ضد العدو الإسرائيلي في عمق الأراضي المحتلة، ومستهدفاً سفنه وملاحته البحرية وإغلاقها، فكان لعمليات اليمن تاثيراً استراتيجياً حيث فرض معادلة ردع أربكت العدو، فقد أستطاع اليمن إجبار السفن الإسرائيلية على تغيير مسارها، مما نتج عن ذلك أصابه بشلل تام على العدو في ملاحته وتجارته واقتصاده، وعلى الأمريكي والذي أعلن إنسحابه الرسمي من حماية العدو الصهيوني، أوقف ضرباته على اليمن والتي اراد منها ثني اليمن عن موقفه المساند لغزة، فصار العكس فبفضل الله ونصرة وتأييده وتمكينه للمؤمنين، وضربات الجيش اليمني القوية والمنكّله بالعدو الأمريكي.
فموقف اليمن نابع من شعور ديني وأخلاقي وإنساني، تربى الشعب اليمني عليه في مدرسة المشروع القراني، الذي صنع الوعي الجمعي لهذا الثبات الشعبي، ليتصدر مواجهة المشروع الصهيوأمريكي.
وسط إبادة جماعية وحصار وتجويع "إسرائيلي" في قطاع غزة، تتكشف المواقف الحقيقية وتتساقط الأقنعة العربية دفعة واحده، أنظمة ماتت ضمائرها لم تحركها أفضع المجازر ووحشية عدواً غاشم والذي بات عرفاً في عمق الخذلان العربي الرسمي، حيث بات الصمت سياسة متعمدة، وتواطؤًا معلنًا، ومشاركة فعلية في جرائم الاحتلال الصهيوني ضد شعب أعزل يُذبح ويُحاصر ويُجَوَّع تحت سمع وبصر الجميع، فتصدر المشهد اليمن فلم يبقى متفرجاً وصامتاً لما يراة من جرائم في غزة من عدو لا يرقب إلاً ولا ذمة، فتحرك اليمن حكومة وشعباً وجيشاً، لمناصرة المستضعفين في غزة من واقع الشعور بالمسؤولية، ليفتح جبهة إسناد لغزة عسكرياً وسياسياً ضد العدو الإسرائيلي والأمريكي.
اليوم لم يعد الصمت خياراً، بل بات خذلان وتواطؤ وإشتراك في الجريمة، فخذلان العرب لم يأتي من عجز في الجيوش ولا من فقر في الإمكانات ولا تراجع في إرادة الشعوب، ولا إفتقار في الرؤى، بل عن تخل وانسلاخ فاضح عن مبادئ الإسلام واصطفاف مع المشروع الصهيوأمريكي في وجه الأمة وقضاياها المركزية.
أيها الأعراب، إن صمتكم اليوم بات جريمة، ومشاركة في القتل والإبادة والتجويع لغزة، ورغم ذلك التواطؤ فإن اليمن تحرك في قلب المعركة مسانداً لغزة بكل قوة وعنفوان، لأنه يعتبر من فلسطين قضيته المركزية التي لن يتخلى عنها، ومن العدو "الإسرائيلي" والأمريكي العدو الحقيقي للأمة العربية والإسلامية، فاليمن اليوم اصبح في قلب الصراع مع الصهيوني، حيث بات بقيادته وشعبه وحكومته وجيشه، نموذجاً لهذه الأمة، يمثل ضميراً حراً لها، ليقلب الموازين الاستراتيجية في معركة الفتح الموعود، بما يغير وجه المنطقة، ويبعث روح الأمل وقوة الإسلام في جسد هذه الأمة العربية والإسلامية التي باتت بلا روح وبلا كرامة قد سلبه منها أعداءها، فاليمن سيصنع المستقبل بمشروعه القرآني التحرري، يفرض المعادلات الإستراتيجية ليضع العدو في زاوية حرجة تنهار به.