موقع أنصار الله ||مقالات || شاهر أحمد عمير
في زمن تعيش فيه المنطقة العربية أزمات مركَّبة وانهيارات سياسية وأخلاقية، تبرز بوضوح الفروقُ الفادحة بين محور المقاومة الذي يصنع المجدَ في ميادين الشرف، ومحور التبعية الذي غرق في مستنقع الذل والمهانة. لم تعد الحقيقة بحاجة إلى كثير من التحليل أَو الاستنتاج؛ فالمواقفُ باتت ناطقةً بنفسها، والمشاهد تتحدثُ بوضوح لا لبس فيه: رجالٌ يقاتلون ويصمدون، في حين تتسابق أنظمة أُخرى على أبواب الاستسلام والارتهان.
في اليمن، تُسطر ملاحم الصمود والتضحية، ويقف الرجال في وجه طغيان عالمي تقوده أمريكا و(إسرائيل)، ومن خلفهم أنظمة عربية تخلّت عن شرفها وأصبحت أدوات في مشروع تمزيق الأُمَّــة. رجال اليمن لا يقاتلون لأجل سلطة أَو جاه، بل لأجل كرامة وطن، ولسيادة شعب، ولقضية أُمَّـة تتعرض لأخطر مؤامرة في تاريخها الحديث.
ويتقدم هؤلاء الصفوف العميد المجاهد يحيى سريع، المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة اليمنية، الذي أصبح بصوته الثابت وموقفه الحازم رمزًا من رموز الصمود، ووجهًا ناطقًا باسم أُمَّـة قرّرت أَلَّا تنكسرَ مهما كان حجم العدوان.
وعلى الطرف المقابل، تتكشّف أكثر مظاهر الانبطاح، ويظهر المشهد العربي الرسمي في أقبح صوره. شاهدنا كيف يقف حكام السعوديّة والإمارات وقطر أمام الرئيس الأمريكي وقفة الخاضع الذليل، وكيف يتم إخراج الأميرات لمصافحة رئيس دولة أجنبية لا يخفي عداوته للعرب والمسلمين. ورأينا كيف استقبلت الإمارات الرئيس الأمريكي الأسبق ترامب براقصات مكشوفات الرأس، يلوّحن له بلا حياء، في مشهد يجسّد إلى أي مدى بلغ الانحدارُ الأخلاقي والسياسي لدى حكام تلك الدول.
هذه المظاهر ليست مُجَـرّدَ لقطات عابرة، بل هي انعكاس حقيقي لتحوّل خطير في توجّـهات تلك الأنظمة، التي انتقلت من مرحلة التبعية السياسية إلى الارتهان الكامل، حتى باتت مستعدة لتقديم كُـلّ شيء؛ مِن أجلِ البقاء في كراسي الحكم، ولو على حساب قضايا الأُمَّــة ومقدساتها.
في المقابل، لا يزال اليمنُ -رَغْمَ جراحه- يؤدي دوره التاريخي. لا يزال يحمل هم الأُمَّــة، ويدافع عن كرامتها، ويقف إلى جانب فلسطين، ولبنان، والعراق، وكل أرض عربية تُواجه الاحتلال أَو الهيمنة. صوته يعلو في زمن الصمت، وموقفه يتقدم في زمن التراجع.
هكذا تتمايز المواقف، وتنكشف الوجوه: رجال يقاتلون، وآخرون يُستغلون ويُذلون. وهذه هي المعركة الحقيقية التي يخوضها اليمن: معركة كرامة، ومعركة وعي، ومعركة أُمَّـة تبحث عن نفسها بين أنقاض الخيانة والتبعية.