موقع أنصار الله ||مقالات ||أصيل علي البجلي
أطلَّ علينا العيدُ هذا العام، وككل عام، حاملًا معه نسائم الفرح والبهجة، لكنه في اليمن أتى بنكهة مختلفة، ممزوجة بعبق الصمود وعزيمة المقاومة. فبين تهاليل التكبير في المساجد وضحكات الأطفال، تتردّد أصداء أُخرى قادمة من الجبهات، أصداء تروي حكايةَ شعب أبى الانكسار، وقيادة أثبتت أن العيدَ ليس مُجَـرّد مناسبة للاحتفال، بل هو محطةٌ لتجديد العهد ووحدة الهدف، وتعزيز روح المقاومة في وجه العدوان.
إن الرابطَ بين العيد والجبهة ليس مُجَـرّد تقارب زمني، بل هو اتصال روحي عميق ينسج خيوطه من صميم الإيمان بقضية الحق. في هذه الأيّام المباركة، حَيثُ تتجلى معاني التكافل والتضحية، يجد المقاتل في الجبهة معنى مضاعفًا للعيد. فـ العيد بالنسبة له ليس فسحة للاسترخاء، بل هو تذكير بقدسية ما يدافع عنه، وبأن فرحة العيد الحقيقية لن تكتملَ إلا بتحقيق النصر الشامل ورفع الظلم. إنه يدركُ أن كُـلّ تكبيرة تخرج من أفواه الناس في المدن والقرى هي وقودٌ إضافي لعزيمته، وكل دعاء بالثبات هو حصنٌ منيع يشد أزرَه.
وعلى الجانب الآخر، فَــإنَّ الجبهة ليست مُجَـرّد خط دفاعي، بل هي قلب الأُمَّــة النابض، ودرعها الواقي.
إنها المكان الذي تتجسّد فيه أسمى معاني التضحية والفداء، حَيثُ يبذل الأبطال أرواحهم رخيصة في سبيل الله والوطن والكرامة.
وفي ظل هذه التضحيات الجسيمة، يصبح العيد مناسبةً لتأمل عظمة الصبر والثبات، ولتقدير الدور المحوري الذي يلعبه هؤلاء الأبطال في صون كرامة الأُمَّــة.
إن تكاتُفَ الجبهة الداخلية مع الجبهات القتالية يعكس وحدة الهدف التي لا تتزعزع: هدف تحرير الأرض والإنسان من هيمنة قوى الاستكبار.
وحدةٌ بين العيد والجبهة هي ما يمنحُ المقاومة اليمنية قوتَها الفريدة. إنها ليست مُجَـرّد قوة عسكرية، بل هي قوة إيمانية ومعنوية تستمد جذورها من وعي الشعب بقضيته، ومن التفافه حول قيادته.
رسالة العيد من الجبهات تعلن للعالم أجمع أن اليمن لن يركع، وأن شعبها لن يلين، وأن روح المقاومة متجذرة في كُـلّ نفس، تتوارثها الأجيال، وتزداد قوة وصلابة مع كُـلّ تحدٍّ.
العيد ليس نهاية المطاف، بل هو بداية لمرحلة جديدة من الصمود، محفوفة بـ"يا رب النصر"، ومتوّجة بوعد الله الحق بأن النصر قادم لا محالة.