موقع أنصار الله ||مقالات || محمد حسن زيد
أقسى ما سيفعلُه الغربُ القصفُ والتدميرُ والقتل والاغتيال، جرَّبناه في اليمن عَقدًا، وليس الإخوة بإيران أقل إيمانًا منَّا. تبادل الضربات سيؤثر في شذاذ الآفاق فقط.
رئيسة المفوضية الأُورُوبية صرَّحت قائلة: "إيران هي مصدر عدم الاستقرار في المنطقة ولـ (إسرائيل) الحق في الدفاع عن نفسها".
زرع منافقو الحقوق والحريات هذا الكَيانَ اللقيط في فلسطينَ على الجماجم المتفحمة، والآن يُدافِعون عنه وهم يشهدون ممارستَه خلال العامين الماضيين أبشعَ جريمة إبادة في التاريخ المعاصر..
أما المهرِّجُ ترامب فهو يتذبذبُ حسب تطور الأحداث؛ ففي البداية حين شعر أن إيران ضعيفة على وشك الانهيار أزبد وأرعد وتبنى الاعتداء، ثم حين امتصت إيران الصدمة وأثبتت جاهزيتها وأظهرت بأسَها أنكر علاقته بالاعتداء وأكّـد أنه نهى نتنياهو عنه، ثم بات أخيرًا يتحدث عن مساعٍ لوقف إطلاق النار وضرورة إحلال السلام.
أما نتنياهو فقد صرَّحَ بأن (إسرائيل) وهي تعتدي على إيران إنما تُدافِعُ عن العديد من أجزاء العالم ويقصد بذلك الغرب طبعًا، كما صرَّحَ بأن لديه معلوماتٍ استخباريةً بأن إيران كانت تريدُ إيصالَ سلاح نووي إلى الحوثيين، كما طالب الدولَ العربية والإسلامية المطبِّعة بالدفاع عن (إسرائيل)؛ لأَنَّ (إسرائيل) تدافعُ عنهم في مواجهة "الخطر الإيراني" حسب وصفه..
في الجهة المقابلة صرَّحَ السياسي المصري حمدين صَبَّاحي قائلًا: "مصر هي التالية إذَا انهارت إيران".
كما كتب المفكر الجزائري نور الدين أبو لحية قائلًا: "سألني أحدهم: ألم يكن من الأفضل لو أن إيران بدأت بالمواجهة قبل الاعتداء؟ قلت: لو فعلت ذلك لما حصلت الآن على ما هو حاصل، ولخسرت الخارج والداخل.. ولذلك كان صبرُها في قمة الذكاء، بل والاستراتيجية والدهاء".
وقبل ذلك وافق مجلس الشيوخ الباكستاني بالإجماع على قرار بدعم إيران في مواجهتها للعدوان الصهيوني..
بالنسبة لسير هذه المعركة التاريخية التي تدافعُ فيها إيران عن نفسها وشعبها أمام القانون، لكنها في الحقيقة تخوضُ معركةَ الإسلام والمستضعَفين ضد جنود الشيطان؛ فَــإنَّ أقسى ما يمكن أن يفعلُه المعسكرُ الغربي بإيران هو القصفُ والتدميرُ والقتل والاغتيال، وبالنسبة لنا في اليمن قد مررنا بهذه التجربة، وقد انكسرت هيبتُها في نفوسنا بعد أن جرَّبناها عقدًا من الزمن، وليس الإخوة في إيران أقل إيمانًا من أهل اليمن، لا سِـيَّـما وهم يعلمون أنهم مظلومون وأن العدوَّ بدأهم بالاعتداء يُريد تركيعَهم وإذلالهم؛ فالحق معهم، والله معهم، وقد استعدوا لهذه اللحظة طويلًا وأعدوا لها العدة وتجاوزوا أربعة عقود من الآلام والجراح والدماء والدموع، كما يعلمون وهم يخوضون هذه المواجهة التاريخية ما يفعله عدوُّهم المجرم بإخوانهم في غزة، التي حقّقت معجزةً لا سابق لها بالصمود عامَين رغم الحصار المطبق والتدمير الشامل والتجويع الطويل، ولذلك أقولها واثقًا عن تجربة وخبرة وإيمان تام بصدق الله ووعده ونصره إن تبادل الضربات لن يؤثر في شعب إيران المسلم المظلوم حسيني الثقافة بقدر ما سيؤثر في شذاذ الآفاق، الذين ضرب الله عليهم الذلة والمسكنة، وجلبهم الأُورُوبي من أصقاع الأرض لاحتلال بلدنا العربي فلسطين بعد أن وعدَهم بالرخاء والأمن والحياة الرغيدة، فمثل هؤلاء لن يصمدوا طويلًا أمام الخوف والرعب، لا سِـيَّـما وهم أهلُ دنيا ورفاهية لا أهل تضحية ومروءة وصبر واستشهاد..
لا ننسى جميعًا أن على الحدود الشمالية لفلسطين يوجدُ مئة ألف مقاتل لحزب الله هم من أشرس المقاتلين على وجه الأرض بلغ الغيظُ في نفوسهم منتهاه بعد استشهاد قائدهم السيد حسن نصر الله، الذي ما زالت كلماتُه تتردّد في مسامعهم وإصبعُه مرفوعةً بين أعينهم وعمامتُه قدسيةً في نفوسهم، ولو نجحت إيران في شل منظومة (إسرائيل) العسكرية بضربات ساحقة ومركَّزة؛ فحينئذ قد يُشكّل مقاتلو حزب الله خطرًا وجوديًّا على الكيان اللقيط ولن ينفعَ (إسرائيل) لواء غولاني ولا نفاق الجولاني..
معلوم أن المعسكر الغربي سيقف مع (إسرائيل) وسيعمل بكل قوته على منع سقوطها، لكن في المقابل هذا المعسكر يترنحُ حَـاليًّا وقد أذاقه اليمنُ الويلاتِ في البحر الأحمر واضطرَّه للاستسلام، كما لا ننسى أن لدى هذا المعسكر خصومًا؛ فروسيا التي مَسَّ البريطانيون والغربيون كرامتَها في حرب أوكرانيا قد تُقرّرُ توجيهَ ضربات موجعة لهم عبر إيران، والبارحة إيران استهدفت قِطَعًا بحرية بريطانية في المحيط؛ بحجّـة مساعدتها (إسرائيل) في توجيه الطيران، فهل سيتكرّر هذا النمط ويتصاعد؟
الصين مثل روسيا سعيدة بأخبارِ إسقاط عدد من طائرات F35 الشبحية لأول مرة في التاريخ، كما أنها سعيدةٌ بعجز منظومة ثاد عن التصدِّي لصواريخ إيران كما كانت سعيدة بهروب حاملة الطائرات هاري ترومان مثخنةً بالجراح من البحر الأحمر..
كما أن روسيا التي تعتمدُ في اقتصادها على بيع النفط وعانت مؤخّرًا من إغراق السعوديّة للأسواق به والتلاعُب بسعره ستكون سعيدةً بإغلاق أسواق النفط في الشرق الأوسط تمامًا.
وفوق هذا كله والعالم يسمعُ آهاتِ غزة وأنَّاتها تتوقُ الشعوبُ لكسر شوكة هذا الطاغوت الصهيوني المتكبِّر الجبان وستتعاطف تلقائيًّا مع إيران، وَإذَا شعرت مصر بأن (إسرائيل) تترنحُ على وَقْعِ ضربات مدمّـرة فقد يقرّر جيشُها الانعتاقَ من ربقة الذلِّ لينفجرَ ويَعبُرُ ويُعبّر عن غضبِ الأُمَّــة العربية وتطلعاتها المكبوتة ولن يحتاج حينئذ سوى ساعات ليحرّر يافا المحتلّة..
المعسكر الغربي يقرأ كُـلَّ هذا وسيسعى لوقفِ إطلاق النار في أسرع وقت، لكني أتمنى أن لا تقبلَ إيران بوقفِ إطلاق النار إلا بشرط وقف العدوان على غزة وإشباعِ جوعها وإعادة إعمارها..
هذا والله المستعانُ هو نعم المولى ونعم النصير.