إبَّانَ حكمِ الشاه كانت إيران تتمتع بعلاقة عمالة واسعة مع الغرب الكافر، وفي مقدمته العدوّ الإسرائيلي، فكانت مقدرات الشعب الإيراني المسلم مفتوحةً لهم على مصراعَيها، وتنفذ أجنداتهم، أما القضية الفلسطينية؛ فبالعكس، فهي القضية الإسرائيلية التي دعمها الشاه بصورة مطلقة.

ولم يكن العرب حينَه يصمون إيرانَ بالصفوية ولا المجوسية ولا غيرهما من الشعارات المصطنعة، بل كانوا أصدقاء.

وهذا هو ديدنُ العرب، تراهم، حَيثُ تريدُ لهم أمريكا و(إسرائيل).

وعندما انتصرت الثورةُ الإسلامية في إيران عام ١٩٧٩م، اقتلع الإمامُ الخميني عَلَمَ العدوّ الإسرائيلي من سفارة العدوّ، ووضع محلَّه العَلَمَ الفلسطيني، وأغلقت السفارة الأمريكية، ومنذ ذلك الوقت حتى اليوم والجمهورية الإسلامية في إيران تنهضُ بمسؤولياتها الدينية في الدفاع عن الإسلام والمسلمين، وعن قضايا الأُمَّــة العادلة، وفي مقدمتها قضيةُ فلسطين.

لقد بذل الشعبُ الإيراني المسلم وقياداتُه النَّفْسَ والنفيسَ في سبيل تلك القضية، ماليًّا وعسكريًّا وتكنولوجيا التصنيع الحربي، واستراتيجيات المواجهة، وتخندق الجميع في مقابل رضا الله ورضوانه، فامتزجت دماؤهم بقضية فلسطين.

وهنا تحملت جمهورية إيران الإسلامية تبعات القيام بمسؤولياتها الدينية، ولم تمتعض، أَو تتراجع أبدًا، بل وسَّعت نشاطَها في دعم الحركاتِ المقاوِمة للاحتلال الأمريكي والإسرائيلي في العالم الإسلامي.

ومن تبعات ذلك: شن العراق بإيعاز ودعم غربي حرب الثماني السنوات ضد إيران، وبدعم مالي وبشري عربي، وأصبحت الشعب الإيراني مجوسيًّا، وصفويًّا، وأعلنت أنظمة عربية عداوة للشعب الإيراني، بلا مبرّر سوى أن الغرب الكافر يريد ذلك.

أما الغرب الكافر؛ فقد أعلن حربًا شاملة على جمهورية إيران الإسلامية، اقتصاديًّا وأمنيًّا، وتجاريًّا، وفرض حظرًا شاملًا عليها.

واليوم يشن العدوّ الإسرائيلي ومن ورائه الغرب الكافر عدوانًا على إيران تحت غطاء زائف هو منع إيران من التسلح النووي، ويؤكّـد زيفَ هذا الادِّعاء أن دولًا تسلَّحت بذلك السلاح، ولم يحدث ضجة غربية.

وهذا التأكيد يعيد للسطح أن تبنِّيَ إيران القضيةَ الفلسطينيةَ هو السببُ الأَسَاس لذلك العدوان.

إن جمهورية إيران الإسلامية تضحّي بفلذات أكبادها، وبقياداتها العظماء وبمقدراتها في طريق القدس، وفي سبيل الله، ولله تعالى، مدركة أن العدوان الغربي لا حدود له، ولن يقف عند حَــدّ، وليس الشعب الفلسطيني إلا حلقة ضمن حلقات عدوان صليبي يهودي على أُمَّـة الإسلام، والسكوت عن مظلومية الشعب الفلسطيني ليس إلا وقودٌ يتفجّر في عالم الإسلام.

إن إيران كفلسطينَ، لا تدافع عن نفسها فحسب؛ إنما وتدفعُ الخطرَ عن العالم الإسلامي، وتدافع عن عزة الإسلام وشرفه، وثرواته.

وليس الخطر على العرب قادمٌ من إيران الإسلامية، فليس لها قواعدُ عسكرية في العالم العربي، ولا تملك شركات النفط التي تنهب ثروات العرب، ولا تضرب أينما شاءت من أرض العرب تحت غطاء مكافحة الإرهاب، ولا تدعمُ الغدة السرطانية، ولا تدعم ُالقاعدة وداعش وأخواتهما لقتل العرب، وذبحهم كالنعاج، فكل ذلك ماركات غربية بامتيَاز.

وبناءً على تلك المعطيات، نجدُ محورَ الجهاد والمقاومة في فلسطين ولبنان واليمن والعراق يساندون الشعبَ الإيراني، ويقف إلى جانبه بكل ما أوتي من قوة؛ لأَنَّها معركة الإسلام ضد الكفر، وهناك بادرةُ أمل لوعي إسلامي شامل، وذلك في وقوف باكستانَ وأفغانستانَ مع الشعب الإيراني ضد العدوان الغربي الغاشم.

وربما نجدُ في المستقبل القريب تحَرُّكًا تركيًّا وخليجيًّا وعربيًّا يَصُبُّ في قالب المواجَهة الصريحة والمباشرة للغرب الكافر.

أمَّا إيران فلا قلقَ عليها ولا خوفَ ولا حُزْنَ؛ فقد أجمعوا أمرَهم، وأعدوا عدتهم، {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}، .