مما لا شك فيه، أن تحديد ووضوح بنك الأهداف، عامل مهم جِـدًّا، عند خوض أية حرب.

على الأقل بما يوفر المعرفة الكافية، بأبعادها وتداعياتها، وتحديد زمن ومكان وطبيعة معاركها.

بحيث يكون بنك الأهداف، هو إحدى المكاسب الافتراضية المسبقة، لتلك الحرب.

بالإضافة إلى هدف تحقيق عامل الهيمنة، على الطرف الآخر المعادي.

ولذلك طالما اجتهد قادة الحروب - عبر التاريخ - في تقديم المبرّرات/ الأسباب، الداعية والموجبة لخوض الحروب، بشكل ضروري وفوري.

وبالتالي تتحول تلك الأسباب/ المبرّرات، إلى بنك أهداف خَاصَّة ومهمة، ويقاس حجم النصر في الحرب، بمدى قدرتها على تحقيق بنك أهدافها.

ولذلك يجب أن تكون الأهداف واقعية، ومعقولة الإمْكَان وممكنة التحقّق.

ذلك هو ما أكّـدته كتب التاريخ، وما تعارفت عليه الأمم في حروبها، عبر أزمنتها المتعاقبة.

ولم يشذ عن ذلك السياق التاريخي والعرفي، سوى قوى الاستعمار والاستكبار، في عصرنا الحاضر.

ممثلة برأس الكفر والطاغوت الأمريكي، وحلفائه قوى الاستعمار في أُورُوبا، وربيبتهم الغدة السرطانية، "دويلة الكيان الإسرائيلي الغاصب"، التي تخوض معهم ومن أجل مصالحهم، حربًا وحشية إجرامية ظالمة، بحق أبناء قطاع غزة، منذ ما يقارب عامين.

محاولة استعادة الردع الاستعماري، المفقود منذ السابع من أُكتوبر 2023م، وتأمين الأرضية اللازمة، لتحقيق مشروع الهيمنة الاستعمارية المطلقة، والمضي قُدُمًا في تغيير خارطة "الشرق الأوسط".

حسب تصريحات قادة الكيان الإسرائيلي الغاصب وحلفائه.

وتكريس مقولة القوة المطلقة والنصر المطلق.

وبناء على معطيات خطة "خارطة الشرق الأوسط" الاستعمارية، فقد كانت غزة هي نقطة الانطلاق، التي يجب على عصابات الكيان الإسرائيلي المحتلّ، البدء بتصفيتها من الوجود الفلسطيني.

ليليها جنوب لبنان ثم لبنان كاملًا، ثم الأردن ومصر والسعوديّة، بما فيها الحرمين الشريفين في مكة المكرمة والمدينة المنورة، ثم اليمن وإيران وبقية دول المنطقة، حسب المخطّط الاستعماري الإمبريالي.

كان مخطّط الحرب المُسَلَّم إلى نتنياهو، يقتضي الالتزام بمراحل التدرج التصاعدي، زمانيًّا ومكانيًّا.

في القضاء على أعداء "إسرائيل" وحلفائها، بَدءًا بحماس في غزة، وانتهاءً بيمن أنصار الله وإيران.

ولأن نتنياهو وحلفاءه المستكبرين، هُزموا هزيمة ساحقة نكراء، أمام ثلة من مجاهدي حماس وإخوانهم من الفصائل المجاهدة، وفشلوا فشلًا ذريعًا، في السيطرة على جغرافيا غزة، في نطاقها الصغير المحدود.

لذلك لم يكن أمامهم سوى إعلان الهزيمة المتحقّقة.

لكنهم - بنفسية الاستعلاء والاستكبار الاستعماري - آثروا خوض حرب إضافية ثانية.

وجعلوا ميدان معركتهم، ضمن إطار جغرافي أوسع.

وفتحوا على أنفسهم جبهة جنوب لبنان، بالإضافة إلى جبهة غزة.

وانتقلوا إلى المرحلة الثانية، من خطة المشروع، رغم عجزهم عن إغلاق ملف المرحلة الأولى (غزة)، وتحويلها إلى مكسب ميداني في رصيد قوة العدوّ الإسرائيلي وحلفائه.

لكن ما حدث هو العكس.

وكذلك الأمر بالنسبة لانتقالهم إلى المرحلة الثالثة/ العدوان الإسرائيلي الأمريكي على اليمن، دون تحقيق أي هدف، سوى توسيع فضاء الهزيمة، وفقدان عوامل القوة والتفوق العسكري والاستخباري.

ولم يكن في انتقال الكيان وحلفاؤه، إلى المرحلة الرابعة/ العدوان على جمهورية إيران الإسلامية، أي مؤشر لتحقيق أدنى انتصار، أَو الوصول إلى أدنى هدف، أَو استعادة مثقال ذرة من مقومات القوة المفقودة، والهيمنة التي سقطت دون رجعة.